مريم.. امرأة تحدت ظروف مجتمعها الشرقي الملتزم، ضربت بالتقاليد عرض الحائط، استطاعت أن تكون أول عربية تخرج عن المألوف وتصبح أول سائقة مترو في الشرق الأوسط. مريم على الصفار ذات أصول سعودية تحمل الجنسية الإماراتية، ولدت بمدينة دبي، حصلت على لقب أول سائقة مترو في الشرق الأوسط بعد تدريبها ثم عملها كسائقة للقطارات. مريم صاحبة الثمانية والعشرين عامًا، تخرجت في كلية إدارة الأعمال في تقنية دبي، وعملت بمجال البنوك ثم انتقلت إلى قسم الترويج الإعلاني في مترو دبي، اجتازت العديد من الاختبارات على التحكم في عربات المترو وتقدمت ضمن 100 مرشح للوظيفة، حيث وقع عليها الاختيار لتميزها، كما نجحت في انتزاع لقب أول سائقة مترو في دبي لتصبح أول ما نال هذا اللقب في الإمارات وسائر دول الخليج. في حوار لها مع مجلة «حياتكِ» الصادرة بلبنان، قالت مريم إن قيادة المترو ليست بالسهلة وتتطلب سرعة البديهة في التعامل مع الحالات الطارئة ومعرفة سبل تداركها، فالأعطال البسيطة مثلا تتطلب متابعة متواصلة، مثل تعطل مكبرات الصوت والذي يفرض التنسيق مع مركز التحكم، مشيرة إلى أن لديها خبرة في قيادة المترو آليا في الخط الرئيس، ويدوياً في حالة الطوارئ أو أغراض التنظيف والمسح الدقيق للمسارات، قبل البدء بتشغيل قطارات نقل الركاب آلياً وتوجيهها نحو المحطات. شرحت "الصفار" كيفية تنقلها بين عدة وظائف مختلفة حتى وصلت إلى مرحلة قيادة المترو آليًا، قائلة «منذ البداية كان هدفي قيادة المترو، لكن لم يكن الطريق محفوفا بالورود، بل تنقلت في أكثر من قسم بدءًا من قسم الأعمال الإدارية، حيث عملت في إدارة الموارد البشرية وتم تعيين 150 مواطناً في فترتها، وبعدها انتقلت للعمل في قسم التسويق وتميزت به كذلك، لكن القيادة كانت هدفي الأكبر، فانتقلت للعمل في خدمات القطارات وحصلت على وظيفة مساعد مدير خدمة القطارات، وعندها وجدت أن الفرصة قريبة جداً ولكن لم يتم ذلك إلا بعد الدخول في برنامج تدريبي مدته عام، وقضيت ثلاثة أشهر في الدراسة النظرية، وبتوفيق من الله نجحت في جميع الاختبارات بتفوق لأستكمل مسيرتي في التدريب العملي لقيادة المترو كمساعد مدير خدمات الركاب والتي تعد من الوظائف الإشرافية المهمة». بعد اجتيازها الاختبارات المطلوبة، تحكي مريم تفاصيل مراحل تعلمها قيادة القطارات، وتقول «هناك ثلاث حالات تتم خلالها قيادة القطار يدوياً وليس آليًا»، موضحة أن «قيادة القطار أثناء التدريب العملي المتواصل تكون «يدوياً»، تحسباً لأي أعطال، ولمواجهة الحالات الطارئة، في حين أن ثاني هذه الحالات هي قيادة القطار إلى محطة الإيواء وورشة التصليح، ليخضع للتدقيق والصيانة، أما الثالثة فهي عند قيادة القطار لأغراض التنظيف وفتح الطريق، من خلال القيادة «يدوياً» في الثالثة فجراً، ويرافق ذلك المسح الدقيق للمسارات قبل البدء بتشغيل قطارات نقل الركاب آلياً وتوجيهها نحو المحطات، مع التدقيق على جميع المخارج وإشارات الإنذار الخاصة بالطوارئ، قبل النزول بقطارات نقل الركاب إلى السكة، والتأكد أيضاً من عدم وجود أي عراقيل في طريق القطارات». تبدأ رحلة عمل مريم قبل شروق الشمس، كما توضح: «عملي يبدأ مع الفجر ففي الوقت الذي يخلد الجميع إلى النوم، أكون أنا في قمة نشاطي، لأضمن سلامة ركاب المترو الذين يتوافدون صباحًا والذين يصل عددهم إلى الآلاف». ليس هذا دورها فحسب، مريم تقوم بالعديد من المهام أولها عقد اجتماع مع زملاء عملها لوضع الخطة اليومية وتجريب قطارات المترو يدويًا لفحص المسار والتأكد من سلامة جميع الأجهزة والفرامل، وبعد ذلك يبدأ المترو في استقبال الركاب، وبعد ساعات من العمل تأخذ قسطًا من الراحة التي تتراوح مدتها من ربع ساعة وحتي ساعة كاملة لتستأنف عملها مرة أخرى. تقول الصفار «تعلمت كيفية التعامل في الحالات الطارئة وكيف يمكن تداركها، ورغم أنني لم أواجه أي مشكلة كبيرة حتى الآن، إلا أن الأعطال البسيطة تحتاج إلى متابعة مثل تعطل مكبرات الصوت والتنسيق مع مركز التحكم ومتابعتهم من وقت لآخر تجنبا لحدوث أي عطل، إلى جانب التأكد من نظافة المترو وعدم وجود أي مفقودات نسيها الركاب عند وصول المترو نهاية المسار والرجوع لأخذ الركاب مرة أخرى». وعن نظرة المجتمع ورفض الأهل، تقول الصفار، «في البداية رفض أهلي قيامي بهذا العمل رفضًا تامًا حيث كانوا يعتقدونه من الوهلة الأولى أنه شاق ومتعب وحكر على الرجال، لكن بعد الإقناع وشرح طبيعة عملي في المناوبات تفهم الجميع الوضع، كما أن نظرات التعجب والدهشة من وجود فتاة في هذا الموقع بالذات جعلني أتخطى ذلك بجدارة دون الالتفات لمثل تلك النظرات التي جعلتني أكثر قدرة على إثبات وجودي في قيادة مترو دبي آليا ليكون تحت إشرافي الكثير من الموظفين ينتظرون تعليماتي برحابة صدر والتي تصب في مصلحة سلامة وأمن الركاب أولاً وأخيراً».