جددت الصدامات التى وقعت الأسبوع الماضى الجمعة «الحواصلية» بالمنيا وأصيب خلالها أربعة مسيحيين ومسلمين عقب اعتراض بعض أهالى القرية على تحويل أحد البيوت إلى كنيسة معمدانية بروتستانتية، جددت الجدل حول ظاهرة كنائس البيوت التى امتدت من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى الطوائف الأخرى، والاشتباكات المتكررة التى تقع بسببها وينتج عنها بعض الضحايا، فقبل أسابيع نشبت أحداث مشابهه فى عزبة بشرى بمركز الفشن ببنى سويف، ومن قبلها بأشهر معدودة أحداث كنيسة منزل الدخيلة بالإسكندرية، والحادث الأشهر قبل عامين الذى وقع فى العياط وحرقت خلاله ممتلكات ومنازل لعشرات الأقباط. الناشط الحقوقى نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان حمل الدولة مسئولية ظاهرة كنائس البيوت والهجوم المتكرر عليها وقال فى بيان أصدرته المنظمة «المشكلة ليست فى الغوغائيين المتطرفين الذين يهاجمون الكنائس ودور العبادة ويصرون على مهاجمة أى اجتماع للصلاة فى أى مكان، لأنه بدون تصريح، بل فيمن أعطى لهؤلاء الغوغائيين تلك الشجاعة فى مهاجمة الأقباط فى دور العبادة كما حدث فى المنيا وبنى سويف والعياط وهى حكومتنا ودولنتا الرشيدة التى تزعم أننا دولة مدنية ولسنا دولة دينية». وقال مصدر بالمجلس الملى العام «الكنيسة كثيرا ما تلجأ لطلب التصريح بالصلاة فى أحد بيوت الأقباط أو أحد بيوت الجمعيات الأهلية القبطية لأن بناء كنيسة يحتاج لقرار جمهورى قد يستغرق إصداره وتنفيذه أكثر من 20 عاما» وأضاف: «الأمر هنا لا يتطلب سوى موافقة المحافظ على بناء عمارة كأى عمارة أخرى، عادة ما تكون بعدد محدود من الأدوار، ثم الحصول على تصريح بالصلاة فيها، وربما تطلب الكنيسة تصريح صلاة فقط فى بيت مبنى بالفعل، فيصدر التصريح عن المحافظ مع تصديق من الأمن وهو ما لا يتطلب عادة أكثر من ثلاثة إلى خمسة سنوات، وقد يكتفى بتصريح الأمن فقط دون المحافظ لكن الصلاة فى البيت لا تصبح رسمية فى هذه الحالة وهو ما حدث مؤخرا فى بيت الكاهن إسحق قطور بعزبة بشرى الشرقية بمركز الفشن محافظة بنى سويف». وكشفت الدعوى رقم 1588 لسنة 57 قضائية التى رفعها البابا شنودة طعنا على قرار رئيس حى غرب الإسكندرية بإزالة أعمال البناء بعقار بشارع هرقليس، عن تقدم الكنيسة رسميا بطلبات للتصريح بالصلاة فى أحد بيوت الخدمة، وتضمن الطلب موافقة المحافظ على التصريح بالصلاة فيها، وهو التصريح الذى صدر بالفعل. من جهته اتفق كمال زاخر مؤسس التيار العلمانى مع بيان جبرائيل وأضاف: «المبانى العادية التى تستخدم كدور عبادة بتصريح أو بدون بدأت فى القرى الصغيرة التى يصعب على أهاليها الفقراء، مسلمين أو مسيحين، الوصول لرئاسة الجمهورية للحصول على تصريح بكنيسة، لكن ظاهرة البيت الكنيسة امتدت، فى ظل تعنت الدولة، إلى المحافظات الكبرى ومنها إلى القاهرة ثم الإسكندرية التى بدأت فيها هذه العادة من خلال جمعيات مثل «أصدقاء الكتاب المقدس» و«محبى مارمينا العجائبى» حيث تقدم الجمعية طلبا بإنشاء مبانى خدمات مع التصريح بالصلاة فيها وقد يتحول المبنى بعد ذلك بالتدريج إلى كنيسة بالكامل». ويرفض يوسف سيدهم عضو المجلس الملى العام اعتبار طلبات التصريح بالصلاة فى البيوت مخالفة أو الإصرار على إدانة بناء الكنائس بدون تصريح وقال «نحن لا ندافع عن بناء الكنائس بشكل مخالف للقانون أو بدون تصريح، لكن بعض الكنائس احتاجت لأكثر من 17 سنة للحصول على تصريح بناء حتى تتحرك الأوراق من الأمن إلى الإدارات الهندسية إلى رئاسة الجمهورية، وبعضها احتاج «معجزة» حتى تستطيع الكنيسة الحصول على عقود تثبت ملكيتها لدير أو كنيسة صغيرة تم بناؤها فى القرن الرابع الميلادى، وكل قانون جائر يربى المخالفين له». أحداث دير أبوفانا.. خلاف على الأرض أم اختلاف على التعايش؟ قال اللواء أحمد ضياء الدين محافظ المنيا إن معظم قضايا الفتنة الطائفية التى ظهرت فى المنيا تعود لخلافات بين الطرفين بعيده عن الدين وإنما امتد بعضها للخلاف على الأرض مثل أزمة دير أبوفانا وبعضها لقضايا عرض وشرف مثل الطيبة ودير السنقورية ودفش وآخرها لمخالفات قانونية سببها أخطاء أشخاص فى الحواصلية. «وجميع هذه الأمور يفصل فيها القضاء الذى نجله جميعا ونحترمه ونلتزم بتنفيذ أحكامه»، على حد تعبيره. وأكد المحافظ أن أزمة دير أبوفانا انتهت تماما بعد التصالح فى الشق الجنائى وقال «على الرغم من أنه لا يجوز لنا التدخل فى قضايا مثارة أمام المحاكم فإننا نقف بجهودنا الشخصية وبمعاونة الشعبيين ورجال مجلسى الشعب والشورى والقيادات الطبيعية والدينية بالمنطقة التى نشب بها الصراع حتى نقوم بتقريب وجهات النظر ومن ثم يتم عقد صلح برضا الطرفين يحددونه هم ولسنا نحن وإذا وجدنا صدق النوايا فى الصلح نحضر ونقوم بتوثيقه. وفى أزمة دير أبوفانا قال المحافظ إنه لم يتخذ أى قرار بأى شأن سواء فى الأرض التى كان عليها نزاع بين العرب والرهبان إلا بعد مشاركة جميع الأجهزة المعنية والمختصة وتمت الموافقة على شروط طلبها الرهبان وبناء السور كما طلبوا هم بارتفاع متر ونصف المتر وعلى الرغم من الموافقة على إنهاء الشق المدنى «إلا أننا تركنا الشق الجنائى للمحكمة ولكن مع محاولات لإنهائه حتى نقطع أسباب الرجوع إلى تجدد المشكلة من جديد وليس أصدق من أن المشكلة قد انتهت بالفعل بعد تقسيم عادل للأراضى من قيام الرهبان بالعثور على جثة لعجوز من أهالى قصر هور وقيامهم هم بالإبلاغ عن وجودها داخل أراضى الدير وتفهم أهالى قصر هور للواقعة وعدم وجود اتهامات متبادله بين الطرفين»، قال المحافظ. أما عن حادث الطيبة فقال «الطيبة أزمة عرضية قد تحدث بين أى طرفين قام أحدهما بمعاكسة شقيقة الآخر ومثلها مثل قضية مقتل الشاب المسيحى بدفش والذى لقى مصرعه بعد أن ضبطه أحد الشباب المسلمين يتجسس على شقيقه وزوجته وهما بغرفة النوم فهى غيرة تنتاب أى رجل منا ولا أساس دينى لها وعلى الرغم من ذلك تم عمل أكثر من جلسة صلح بعد زيارة للقرية وتقديم واجب العزاء لأسرة الشاب المسيحى المتوفى والاتفاق بين رجال مجلس الشعب وتم التوصل لحل يرضى الطرفين وقبل الطرف المسلم بدون ضغط بدفع دية لوالد الشاب المسيحى بل وحكمت اللجنة العرفية على أسرة الشاب ببيع منزلهم وترك القرية احتراما لمشاعر أسرة القتيل». أما فى قرية الحواصلية والتى شهدت مؤخرا صدامات اعتقل على إثرها 40 مواطنا وتم فرض حظر التجول لأيام، قال «الحادث بسبب قيام قس مسيحى بتحويل منزله إلى كنيسة وهذا خطأ إدارى فالجميع يعلم أن الحصول على التراخيص (لبناء الكنائس) له إجراءات معينة، وليست بفرض الأمر الواقع فنحن نعيش فى دولة مؤسسات يحكمها قانون وعلى الجميع الالتزام بنص هذه القوانين».