بين تجربتى شبه جزيرة القرم الأوكرانية، واسكتلندا، تأرجح فى الأشهر الأخيرة مصير اقليم كتالونيا شمال شرقى إسبانيا، المتمتع بحكم ذاتى تحت السيادة الإسبانية، وينوى إجراء استفتاء لتقرير المصير يوم 9 نوفمبر المقبل، وإن اقترب مصير الإقليم قليلا من سيناريو القرم برفض برلمان إسبانيا، أمس الأول، هذا الاستفتاء. فالإقليم، البالغ عدد سكانه حوالى 7.5 ملايين نسمة ومساحته 32.1 ألف كلم مربع، قرر برلمانه بشكل منفرد فى ديسمبر الماضى، إجراء استفتاء على تقرير المصير، فى خطوة مماثلة لما قام به كل من شبه جزيرة القرم واسكتلندا. إلا أن أعضاء مجلس النواب الإسبانى (الغرفة السفلى للبرلمان)، رفضوا، مساء أمس، حيث صوت 299 من أصل 350 نائبا ضد الاستفتاء، بينما وافق عليه 47، فيما امتنع نائب عن التصويت، وغاب 3. ذلك التصويت، جعل الإقليم الغنى، والذى يضم 946 بلدية موزعة على أربع مقاطعات، هى برشلونة وجرندة ولاردة وطرغونة، يبتعد حتى الآن عن سيناريو اسكتلندا، حيث أقر البرلمان الأسكتلندى، بدعم من الحكومة المركزية فى لندن، إجراء تصويت للانفصال عن بريطانيا فى سبتمبر المقبل. وبهذا التحدى صار الإقليم قريبا من اتباع سيناريو شبه جزيرة القرم، التى قرر برلمانها فى النصف الأول من الشهر الماضى إجراء استفتاء على تقرير المصير دون موافقة الحكومة المركزية فى كييف، ومضى الأمر رغما عن أوكرانيا، وأجرى الاستفتاء يوم 16 مارس الماضى، وتعبه الإقليم بالانضمام إلى الاتحاد الروسى. إلا أن ذلك الأمر لم يحسم بعد، لأن مراقبين يرون أن مدريد قد تتراجع وتدعم الاستفتاء، قبل إجرائه. وكتالونيا القريبة من الحدود الفرنسية، والمفتوحة على البحر المتوسط، والمنطقة الصناعية الغنية التى تأثرت كثيرا بالأزمة الاقتصادية التى تمر بها إسبانيا، تعتبر أن مدريد لم توزع الثروات توزيعا عادلا، وتطالب بمزيد من الاستقلالية الضريبية. وتساهم كتالونيا بخمس الناتج الإسبانى، وتحتل صادراتها أكثر من خمس صادرات إسبانيا، ويشعر سكانها بالإحباط من حالة الركود التى تعيشها البلاد، وذهاب الضرائب التى يدفعونها إلى أقاليم إسبانية أخرى.