قالت صحيفة «الأخبار» اللبنانية، اليوم الخميس، إن صدور قرار بتأييد حبس الكاتب المصري كرم صابر على خلفية مجموعته القصصية «أين الله» تطرح تساؤلات كثيرة، خصوصاً أنّ «المادة 67 من الدستور تمنع سجن المبدعين وتستعيض عنه بغرامة مالية في حال ثبتت التهمة». أضافت الصحيفة، في تغطية بقلم سيد محمود، أن قضية صابر تأتي بعد أيام قليلة على طلب الأزهر منع عرض فيلم «نوح» في دور السينما، وأوضحت أن الأوساط الثقافية المصرية أصيبت بصدمة كبيرة أمس الأول نتيجة الحكم الصادر علي صابر، حيث «زادت المخاوف حول حرية الرأي والتعبير في مصر» على حد قول الصحيفة. كانت محكمة جنح ببا بمحافظة بني سويف أصدرت قراراً بتأييد حبس الكاتب والمحامي الحقوقي كرم صابر إبراهيم (مواليد 1964) لمدة خمس سنوات على خلفية مجموعته القصصية «أين الله». وتشير الصحيفة إلى «تزامن الحكم مع طلب الأزهر بمنع عرض فيلم نوح للمخرج الأميركي دارن أرونوفسكي». تعود وقائع القضية إلى عام 2011. يومها، رفع المحامي محمد سيد طنطاوي وآخرون بلاغاً ضد كرم صابر إلى المحامي العام الأول لنيابات بني سويف، مطالبين بسرعة سحب المجموعة من الأسواق ومصادرتها. كما تم إخطار مشيخة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء بسرعة مصادرة هذا العمل الذي «يتعدى على الذات الإلهية ويسبّها، ويتهكم على الشريعة الإسلامية وفرائضها» بحسب بلاغهم. كما اتّهم مقدمو البلاغ الكاتب ب«السخرية من بعض أحكام الإسلام كالميراث والصلاة والدعاء والصراط، ووصف الخالق بالمقامر» وفق قولهم. تقول تغطية الصحيفة: «في هذه المجموعة التي تضمّ 11 قصة وطبعت على نفقة صابر عام 2010، يستعرض الكاتب مشاعر بسطاء الريف وتساؤلاتهم حول فكرة الخلق، وهي أقرب بقصصها الى متوالية سردية تدور في العالم نفسه المسكون بهواجس العلاقة مع الخالق. تتعمّد المجموعة طرح هذه التساؤلات على ألسنة البشر والحيوانات، وتنتهي نهاية ذات منحى صوفي لافت، وإن كان هاجسها الرئيسي فكرة العدالة الاجتماعية. وتبدو مادتها واقعية صرفة وتعاني من مشكلات فنية عدة». وتتابع «في تصريحات صحفية، أبدى كرم صابر دهشته من تأييد الحكم، مؤكداً أنّه سيبدأ بإجراءات الاستئناف، معتمداً على أنّ مقرّ دار النشر التي أصدرت المجموعة القصصية هو القاهرة، وبالتالي يُفترض أن تقام القضية في العاصمة المصرية وليس في محكمة ببا الجزئية»، وتضيف أن كرم «رجح أن تكون للقضية صلة بعمله كمحام ومدافع عن حقوق الفلاحين ضد تعسف الشرطة وهيئة الأوقاف، لأنّ مقدم البلاغ يعمل في هيئة الأوقاف والشاهد هو مرشد للشرطة»، مشيرا إلى أنّ هذه المحاكمات «انتقائية» لا علاقة لها بالأفكار أو الكتب التي تتم محاكمتها، و«المحاكمات هي قصاص من الكاتب نفسه بدليل أنّ القاضي أصدر حكماً بالحبس وليس بمصادرة الكتاب موضوع الاتهام، كأن العقوبة تهدف إلى الانتقام وليس الحفاظ على المجتمع من الأفكار التي ادّعوا أنّها تهدّد السلم الاجتماعي. كما أنّني لا أستطيع أن أعيب في الذات الإلهية مطلقاً، كل ما قلته أنني وصفت مصر بزهرة وفتاة جميلة يسعى إليها ربّ مقامر هو أمريكا». تقول الصحيفة إنه عقب صدور الحكم «أعرب مثقفون عن دهشتهم من مبرراته وسط «صمت لافت» من اتحاد الكتّاب ووزارة الثقافة، لولا مجهود خاص وضغط من الكاتب شعبان يوسف على لجنة القصة في المجلس الأعلى للثقافة مع صدور الحكم الابتدائي قبل أشهر، الذي أسفر عن أصدار اللجنة تقريراً يبرّئ العمل من الاتهامات التي صدرت بحقه». ويشير كرم صابر الى أنه طرق كل الأبواب، ولم يستجب له أي مسئول من الوزارة رغم أنّ المادة الدستورية رقم 67 تقضي بعدم حبس مبدع عن كتاب أو فكر أو رأي». وتنشر الصحيفة نص المادة 67 ورد فعل عدد من المثقفين عليها على النحو التالي: تنصّ المادة 67 الخاصة بحرية الإبداع على أنّ: «حرية الإبداع مكفولة (...) ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة. ولا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني...». إلا أنّ العديد من المبدعين من بينهم ابراهيم عبد المجيد أصدروا يومها بياناً جاء فيه أنّه «بعد قضية نصر حامد أبو زيد، اقتصرت الدعاوى على النيابة فقط، وإن ظل في إمكان أي شخص أن يذهب بدعواه إلى النيابة لتحريك الدعوى. وتحركت دعاوى كثيرة ضد مبدعين مثل حلمي سالم ويوسف شاهين وعادل إمام ووحيد حامد، ولم يوقف هذا التغيير أحداً عن التقدم بدعوى».