«المكان ده بتاعنا ومش هنسيبه».. استقبلتنا هذه العبارة لأحد عمال شركة الغزل والنسيج عبر مكبر الصوت يلقيها على عمال الشركة المضربين عن العمل، وهو واقف على إحدى عربات الشركة التي اتخذها المضربون منصة لممارسة شعائر الاعتصام، فيردون عليه «قاعدين مش مروحين». العمال الذين كانت أهم مطالبهم منذ ثورة 25 يناير تنصب على الأجور وأوضاع العمل السيئة، تصدر مطالبهم هذه المرة مطلب يحمل «صبغة سياسية» وهو إقالة فؤاد عبد العليم، رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، بعدما اتهموه بالفساد، لتأتي بعد ذلك المطالب الخاصّة بالحد الأدنى للأجور، وصرف مستحقاتهم من الأرباح. عشرات العمال في ساحة الشركة الواسعة يفترشون الأرض فوق قطع من الأوراق الكرتونية استخدموها للجلوس عليها، فيما قام عدد آخر بتثبيت أغطية من القماش بين الشجر، ليستظلوا بها من أشعة الشمس. جمع توقيعات لإقالة رئيس الشركة الصوت يأتي عاليًا من فوق المنصة «بيقولوا علينا إخوان واحنا طلعنا عشان نسقط مرسي في 30 يونيو»، بينما يدورأحد العاملين بورقة بين العمال لجمع توقيعاتهم لإقالة رئيس الشركة، وفي المقابل يعلو صوت أحد العمال معترضًا «ما احنا جمعنا توقيعات قبل كده معملتش حاجة.. ممكن يستخدموها لأغراض تانية». «لسه بنقبض بالمليم» حرص بعض العمال على إطلاعنا على أوراق تثبت مفردات مرتباتهم الشهرية، التي يتضح منها كيف يتم حساب الأموال المخصصة لهم بالمليم، يعلق أحدهم: «احنا الشركة الوحيدة اللي لسه بيقبضوا الموظفين فيها بالمليم». ماذا تغير بعد الثورة؟ «بوابة الشروق» وقفت بين العمال لتسألهم ماذا تغيّر في أوضاعهم خلال 3 سنوات مرت منذ 25 يناير. الجميع أجاب في نفس الوقت «ولا حاجة»، يضيف أحدهم: «لو عامل أخطأ بيتجازى في نفس اللحظة، وفي 2011 كمان أثبتنا أن رئيس الشركة يسرقها، فخد ترقية وبقى رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، ومحدش حاسبه». العمال امتنعوا عن الإضراب منذ 30 يونيو الماضي حتى لا يتم احتسابهم على أي فصيل سياسي، لكنهم عاودوا الإضراب في أكتوبر للمطالبة بمستحقاتهم من الأرباح التي يأخذونها كل ثلاثة أشهر، ثم عاودوا الإضراب مرة أخرى الآن لإقالة رئيس الشركة القابضة، والحصول على حد أدنى للأجور. المطالبة بالإقالة منذ 2007 يقول ناجي حيدر، قيادي عمالي وأمين حقوق العمال بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، إن المطلب بإقالة عبد العليم يعود إلى عام 2007 بعدما تسبب في فصل وتشريد أكثر من 4000 عامل، متابعًا: إن العمال لا ترضيهم خسارة الشركة ولا إيقاف عجلة الإنتاج، ولا بد من إقالة رئيس الشركة. واتهم حيدر، فؤاد عبد العليم بالتسبب في ضياع استثمارات الشركة، متابعًا: إنها كانت تصدر منتجاتها إلى 198 دولة، لكن عملية التصدير الآن تتم لسوريا فقط، إلى جانب البيع للجيش. يعلق بقوله «قامت ثورتان، ولكن ذلك لم يصل إلى شركات الغزل والنسيج». بحسبة بسيطة: 2500 جنيه حد أدنى قال حيدر: إن الحد الأدنى للأجور الذي يطالبون به هو 2500 جنيه، وليس 1200، مبررًا ذلك ب«حسبة بسيطة»، على حد وصفه تتلخص في: «لو فطرت ب3 شقات فول، وأسرتي 5 أفراد يعني 15 جنيه.. 15 كمان غداء وزيهم عشاء يبقى 45 جنيه.. ونضربهم في 30 يوم يبقى 1350 جنيه.. ونقول شقة إيجار بالكهربا 500 جنيه. لما يبقى عندي قميصين وبنطلونين في الصيف والشتا يبقى 800 جنيه كمان. يبقى إزاي تكفي ال1200 جنيه؟». ويقول أحد العمال: إن عمال المحلة يستحقون «الزكاة» لأنهم لا يمكنهم تغطية جميع احتياجاتهم وأسرهم من مرتباتهم، مؤكدًا «بناكل اللحمة مرة واحدة في السنة». «ندفع اشتراك النقابة دون فائدة» واستنكر حيدر قيام النقابة بخصم اشتراكها الشهري من مرتبات العمال، مع إنها «لا تقف بجانبهم ولا تنحاز إليهم»، متابعًا: إن حق العامل أن يوافق على خصم ذلك الاشتراك من مرتبه أو الرفض، ويوضح «النقابة تحصل لذلك الغرض على ما يقرب من 61 ألف جنيه شهريًّا من ميزانية الشركة». «الأدوية طبقية» يقول كمال الفيومي أحد العمال: إن الأوضاع في مستشفى الشركة سيئة للغاية حيث يوجد علاج واحد يمنحه الأطباء لجميع المرضى، ويتابع «الأدوية مقسمة إلى درجتين: الأولى تمنح لرؤساء القطاعات فقط، بينما يحصل العمال على الثانية، بالإضافة إلى أن أطباء المستشفى لا يهتمون بهم إلا إذا تقدموا للكشف في عياداتهم الخاصة خارج الشركة». عامل آخر يقول: إنه أجرى عملية في فبراير 2013، وفوجئ بخصم 600 جنيه من مستحقاته خلال شهرين، مع أن المستشفى عالجته مجانًا «طب ما أن كنت أعملها في مستشفى خاصة».