تناول كتاب جديد السيرة الذاتية لرئيس الوزراء الإسرائيلى أريئيل شارون، الذى توفى أخيرا، جريمة حرب ارتكبها بحق بدو سيناء فى فبراير عام 1972 حين كان قائدا للمنطقة الجنوبية، حيث أمر بطرد 3000 شخص من منازلهم وإخلاء مراعيهم دون إنذار مسبق ودون السماح لهم بأخذ ممتلكاتهم بهدف إجراء مناورة للجيش الإسرائيلى، مما تسبب فى موت العشرات من الشيوخ والأطفال والرضع من شدة البرد والصقيع". ففى العشرين من شهر فبراير عام 1972 أجرى الجيش الإسرائيلى واحدة من أكبر مناوراته العسكرية فى تاريخه والتى عرفت باسم «عوز» وكانت تستهدف التدريب على عبور فرقة مدرعة لمانع مائى. وقد عززت هذه المناورة النظرية الأمنية الإسرائيلية التى كانت ترى أنه فى حال نشوب حرب مع مصر، فإن الجيس الإسرائيلى سيعبر قناة السويس وينقل المعركة إلى الجانب المصرى. ويوضح الكتاب الذى نشره الصحفى الإسرائيلى دافيد لانداو أن المناورة بدأت من منطقة نيتسانا من الجانب الإسرائيلى حتى عمق سيناء بهدف عبور بحيرة مائية فى منطقة أبوعجيلة، وقد أحاط الجيش الإسرائيلى هذه المناورة بسرية كبيرة، وحضرها رئيسة الوزراء جولدا مائير ووزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس الأركان دافيد إليعازر، إلى جانب أريئيل شارون قائد المنطقة الجنوبية الذى قاد هذه المناورة، وكان أمر قبلها بأسبوعين بطرد 3000 شخص من أبناء قبيلتين بدويتين، وإخلاء مراعيهم. وتم تنفيذ الأمر بالقوة دون إنذار مسبق، ودون السماح للبدو بأخد ممتلكاتهم. وبحسب صحيفة هاآرتس فإن تفاصيل هذه الجريمة لم تعرف إلا بعد أن نشر دافيد لانداو كتابه الجديد عن السيرة الذاتية لشارون، واعتمد فى سرد وقائع هذه الجريمة على التقرير الذى أعده يتسحاق بيلى فى عام 1972، وهو مستشرق وباحث فى التراث البدوى ومستشار الشئون العربية لدى قادة الأجهزة الأمنية فى تلك الفترة. وقد سمع بيلى بحادثة طرد البدو فى نهاية شهر فبراير عام 1972 من أحد شيوخ قبيلة الترابين الذى التقاه فى مدينة العريش. وقد حكى له الشيخ أن مجموعة كبيرة من أبناء القبيلة طردوا من مضاربهم ومراعيم فى منطقة أبوعجيلة، واضطروا إلى السير عشرات الكيلومترات والبقاء فى جبل الحلال. وقال بيلى فى مقابلة مع صحيفة هاآرتس التى نشرت تحقيقا حول القضية إنه توجه إلى جبل الحلال لمقابلة البدو فوجدهم يجلسون فى مجموعات داخل خيام أقيمت حديثا، وقد اضطروا إلى ترك ممتلكاتهم، وحكوا له أن ضباطا من الجيش الإسرائيلى جاءوا إليهم فى منتصف الليل وأمروهم بالمغادرة فورا. واستمرت عملية الطرد ثلاثة أيام، وعندما رفض بعض البدو الاستجابة للأمر أطلق الجنود الإسرائيليون النار فى الهواء وبدأوا فى اقتلاع الخيام. وأضاف بيلى أن البدو الذين لم يكن بحوزتهم ما يكفى من الجمال لنقل عائلاتهم اضطروا إلى السير ليلا فى ظل برد شديد وصل إلى درجة الصفر. وتسبب البرد القارس والإعياء وعدم وجود مأوى فى وفاة أربعين فردا منهم، وقد شاهد بيلى أماكن دفنهم وقام بتوثيق وتصوير 28 قبرا صغيرا مما يرجح أنها كانت لأطفال.