7 سنوات كاملة قضاها الدكتور مدكور ثابت فى رحلة بحث شاقة كى يقدم للمشاهدين وثيقة تروى تاريخ مصر فى 100 عام على شريط سينما، كونت فى النهاية فيلمه الجميل «سحر ما فات» الذى ضم مشاهد ولقطات لم يتخيل أحد أن عدسات السينما التقطتها يوما ما. ورغم أن فيلمه ليس تجاريا بالمعنى المتداول، فإنه تلقى وعدا من رجل الأعمال الدكتور أحمد بهجت بعرضه بسينما دريم، على أن يتم تنظيم رحلات مدرسية كى يتمكن الطلاب من مشاهدة تاريخ بلادهم من خلال تلك اللقطات النادرة التى جمعها ثابت من مشارق الأرض ومغاربها. فى البداية يقول مدكور ثابت عن بداية تفكيرة فى إخراج الفيلم: العمل كان مجرد حلم يراودنى منذ زمن طويل، وكنت أتصور أن المسألة قد تكون سهلة بسبب وجود المادة التى لا ينقصها سوى التجميع فقط إلا أننى اكتشفت عدم وجود هذه المواد باستثناء ما نعرفه عبر جريدة مصر الناطقة، والتى اكتشفت فى مرحلة ما أثناء البحث أنها تحتاج لأرشفة وهو ما تحقق فى مرحلة لاحقة لم تتوافر أثناء المشروع. ما طبيعة الصعوبات التى واجهتها فى جمع المادة؟ الكثير من هذه المواد كانت متاحة لدى وكالات الأنباء ولكن فيديو وليس أشرطة سينمائية، أما الحصول على الأشرطة الأصلية فهو مكلف من الناحية المالية والحصول عليها يتطلب جهدا جبارا ولكنها أكثر قدرة على الصمود تاريخيا بسبب دقة وطبيعة الصورة نفسها، فالاختلاف بين الفيديو والسينما أن الأخيرة أكثر دقة ووضوحا وصمودا أمام الزمن ويثبت ذلك أنه على الرغم من التطور الهائل فى التصوير الرقمى فإن هوليوود حتى الآن تصور كل إنتاجها بأشرطة «السيلولويد» لأنها الأكثر وضوحا. وأضاف: ما صور عن مصر سواء بكاميرات أجنبية أو مصرية متناثر فى العالم ولم يتم العثور عليه حتى هذه اللحظة، وما بذلته من جهد طوال 7 سنوات لا يساوى واحد على 100 مما يجب جمعه وأعتبر ما حققته مجرد «عربون» ونقطه بداية أتمنى أن ينطلق منها الآخرون. ومن أين حصلت على مواد الفيلم؟ المادة تم تجميعها من فرنسا وإيطاليا وإنجلترا ولكن أهم مادة فى نظرى هى المتعلقة بالأخوين لوميير، أى أول ما تم تصويره فى مصر فى نهاية القرن قبل الماضى مع بداية اختراع السينما وكانت فرحتى لا تعادلها فرحة عندما حصلت على كل ما صوراه. وقد مررت بمواقف عديدة غريبة منها مثلا أن اتصل بى ضابط ممن شاركوا فى الاحتلال البريطانى بمصر، وقال لى إنه يملك مادة سينمائية صورها بنفسه وطالبنى بدفع 100 دولار لمشاهدة كل دقيقة من العمل وأثناء جدالى معه اكتشفت أن كل ما صوره عبارة عن لقطات للهرم وأخرى ليست ذات قيمة وكان يريد الاحتيال على. وكم بلغت تكلفة الفيلم ؟ لا أعلم بالتحديد لأنى كنت أموله من مواردى الشخصية فإذا حصلت على 500 جنيه أنفقتهم عليه، وظللت على هذا النحو الى أن تراكمت على الديون لجهاز السينما، وصبر ممدوح الليثى رئيس الجهاز على سداد هذه الديون الى أن توقفت أثناء التحضير النهائى للعمل.. فظهر صديقى أسامة الشيخ وعرض الأمر على الدكتور أحمد بهجت وتحمس الأخير للفيلم بعد اطلاعه على المادة المجمعة ووعدنى بالتمويل وسداد الديون لجهاز السينما، وأذكر أن آخر مبلغ تم سداده كان 150 ألف جنيه ولكن كانت أضعاف هذا المبلغ ديونا على الفيلم من قبل. وهل سيعرض الفيلم فى دور السينما؟ من الأساس كان مقررا للفيلم أن يعرض بدور السينما ولكن تم الاتفاق على عرضه بافتتاح نادى السينما للمذيعة الكبيرة درية شرف الدين، ووافقت بشرط أن يعرض ولو فى دار عرض واحدة بعد ذلك وسوف يتم ذلك بالفعل فى سينما دريم بمنطقة 6 أكتوبر، وعلمت أن أحمد بهجت يعتزم تنظيم رحلات مدرسية مخفضة لمشاهدة الفيلم. لماذا تعرضت لفترة مبارك رغم إنها ليست من الماضى؟ فترة مبارك قدمت ما فيها من ماض فقط ولم أتعرض لأى أحداث معاصرة حيث توقفت عند مشروع توشكى. خصصت مساحة كبيرة لعبدالناصر مقارنة بالسادات ما جعل البعض يتهمك بمجاملة الأول؟ أنا لا ناصرى ولا شيوعى ولا اشتراكى ولم أنضم طوال عمرى إلى أى حزب سياسى، أنا مصرى ولكن أرى مصر فى كل هؤلاء، والذى حكمنى هو المادة المتاحة، فتقليص مدة السادات كان بسبب عدم توافر مواد سينمائية كثيرة لأن تلك الحقبة اعتمدت على الفيديو. وأضاف ثابت: لا أخفى سرا أن أحمد بهجت طلب منى زيادة مساحة السادات فى العمل ولكننى لم أوفق فى الحصول على مادة وإن توافرت بعد ذلك بجريدة مصر السينمائية بعد تنظيم مخازنها، وكان ذلك بعد انتهاء الفيلم، كما أن تقييم الحقب التاريخية لم يكن فى نيتى ولكن تحيزى الحقيقى والمقصود كان للمصريين الذين عاشوا فى هذه الحقب وليس الرؤساء والحكام، لأن المصريين هم أبناء هذا التاريخ بكل متناقضاته ورددت ذلك على لسانى طوال الفيلم.