رفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة الرئيسية بشكل حاد، وهو الأمر الذي ربما أوقف تراجع الليرة وأنقذ مصداقية البنك، لكنه يعرقل النمو في فترة مشحونة سياسيًا بالنسبة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وقد لا يحمي البلاد لفترة طويلة من الخلفية الهشة للاقتصاد العالمي. ورفع البنك جميع أسعار الفائدة الرئيسية في اجتماع طارئ بخصوص السياسة النقدية في ساعة متأخرة يوم الثلاثاء متجاهلاً معارضة أردوغان في وقت يكافح فيه البنك للدفاع عن الليرة بعدما هبطت مسجلة سلسلة من المستويات القياسية المنخفضة. وزاد البنك المركزي سعر الإقراض لليلة واحدة إلى 12 بالمائة من 7.75 بالمائة، وسعر فائدة الريبو لأجل أسبوع إلى 10 بالمائة من 4.5 بالمائة، وسعر فائدة الاقتراض لليلة واحدة إلى 8 بالمائة من 3.5 بالمائة. وفاجأ حجم التحركات المستثمرين ودفع الليرة لتسجيل أكبر مكسب يومي لها منذ أكثر من خمس سنوات وأنعش آمالاً في أن يوقف موجة بيع الأصول في الأسواق الناشئة. لكن المكاسب التي بلغت نحو أربعة في المائة سرعان ما تلاشت في تعاملات لاحقة اليوم الأربعاء، مع تحول تركيز السوق إلى قرار لاحق للجنة السياسية النقدية بمجلس الاحتياطي الاتحادي. ويحرص «أردوغان» على الحفاظ على النمو قبل سلسلة انتخابات تبدأ خلال شهرين وعارض بشدة رفع تكلفة الاقتراض وانتقد ما سماه "جماعة الضغط الخاصة بأسعار الفائدة" من المضاربين الساعين لخنق النمو وتقويض الاقتصاد. ولم يصدر عنه حتى الآن تعقيب على رفع أسعار الفائدة. لكن مسؤولاً كبيرًا في الحكومة قال مشترطًا عدم الكشف عن اسمه إن البنك اتخذ قرارًا صعبًا ولكنه ضروري. وأضاف: "ستكون للخطوة بالتأكيد بعض العواقب على الاقتصاد لاسيما تخفيض الاستهلاك ورفع تكلفة الائتمان وثانيا خفض معدل النمو". وتابع إن هدف الحكومة تحقيق نمو بنسبة أربعة في المائة هذا العام يبدو مهددًا. ونما اقتصاد تركيا 3.6 بالمائة في 2013 لكن ارتفاع التضخم، وسحب البنك المركزي الأمريكي لبرنامج التحفيز النقدي أضر بالآمال في مزيد من التحسن هذا العام. وقال المسؤول: "برغم أنه لن يكون هناك تأثير فوري على السياسة فإن اقتراب الانتخابات مع انخفاض النمو سيكون له تكلفة بالطبع". وقال نيل شيرينج خبير الأسواق الناشئة لدى كابيتال ايكونوميكس "مهما كان ما حدث أمس فإن تركيا تواجه تباطؤا في النمو لأنها لم تتصرف على قدر إمكانياتها. تشديد السياسة النقدية الليلة الماضية ليس سلبيًا بالكامل. فقدان الثقة كان من شأنه أن يلحق ضررًا أكبر". وهوّن وزير المالية محمد شيمشك من شأن تأثير ذلك على النمو، قائلاً إن الاقتصاد كان سيعاني من ضرر أكبر لو تقوضت مصداقية البنك المركزي. وقال لتلفزيون إن.تي.في التركي ردًا على سؤال بشأن رفع سعر الفائدة: "لو لم نحافظ على المصداقية لكانت خسائر النمو أوسع نطاقًا.. ولتراجع بسرعة أكبر". وارتفعت الليرة إلى 2.18 مقابل الدولار عقب رفع أسعار الفائدة مباشرة بزيادة كبيرة عن مستواها المنخفض 2.39 ليرة الذي سجّلته يوم الاثنين. لكنها خسرت جميع مكاسبها بحلول الساعة 1340 بتوقيت جرينتش إذ بلغ السعر 2.307 ليرة للدولار. وتفاقمت مشكلات تركيا بموجة هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة في أنحاء العالم في الأيام الماضية.