أخيرا يمكن أن تبتسم منة بعد وصول محمود، زميلها فى الثنائى الصامت، متأخرا ساعة كاملة عن الميعاد. صعد محمود إلى خشبة المسرح وثقته الشديدة بنفسه تظهر فى كل لفتة وخطوة، فاليوم هو آخر أيام البروفات فى ورشة البانتومايم، وسيتم اختياره دون شك لتقديم العرض. تصفيق حاد من الحضور يهز قاعة المسرح عقب انتهاء محمود ومنة من تقديم المشهد، الذى استمرت التدريبات عليه لمدة أسبوع. «إحساس محمود ومنة بالمشهد ممتاز، وأمامهما طريق سهل للفوز» هذا رأى أحمد نبيل مدرب الفريق والفنان الوحيد فى مصر الذى يقدم فن البانتومايم، عدة توجيهات فنية تابع بها نبيل عروض باقى الثنائيات، لكن فرصة منة ومحمود زادت بعد أن سيطر الخجل على معظم الثنائيات. «اتعلمت من البانتومايم إنى أعبر عن نفسى من غير كلام». «البانتومايم فن راق وتعليمه للأطفال يقوى إحساسهم وينمى خيالهم»، يشرح أحمد نبيل أن هذا الفن لا يشترط على دارسة أن يعمل ممثلا فى المستقبل، لكنه يفيد فى خلق طفل مبدع، لاسيما بعد ابتعاد الجيل الجديد عن القراءة التى تنمى الخيال، وسيطرة الإنترنت والتكنولوجيا على تفاصيل حياته دون أن تخلق طفلا مبدعا. «اتعلمت اصنع مشهدا من خيالى واشرحه من غير كلمات» تصف منة الله بطلة العرض شعورها بعد تفوقها على جميع الفتيات فى أداء الدور المطلوب. بدأ الفنان أحمد نبيل ممارسة فن البانتومايم منذ 36 عاما، بعد عودته من دراسته هذا الفن فى روسيا، واتقانه له من خلال دراسته عدة مجالات مختلفة، منها تشريح عضلات وأعصاب، ويوجا وعلم النفس واجتماع، كلها ساعدته على التحكم فى عضلات الجسم، لأن البانتومايم كما يقول نبيل «فن يعتمد فى الأساس على التخيل ثم الإبداع فى التعبير عن هذا الخيال من خلال التحكم فى عضلات الجسم عن طريق المخ». البانتومايم يعنى التمثيل الإيمائى، والكلمة لاتينية تتكون من مقطعين بانتو وتعنى الانبهار ومايم وتعنى تقليد. ويختلف البانتومايم عن التمثيل الصامت الذى اشتهر به شارلى شابلن، لكن البانتومايم عرف من أيام الفرعنة يقول أحمد نبيل «الفراعنة سجلوا قصصهم على جدران المعابد، فتتابع الرسومات والإشارات له تسلسل قصصى له بداية واضحة ونهاية مفهومة». ويوجه أحمد نبيل الأطفال بضرورة ارتداء ملابس سوداء أثناء العروض فضلا عن تلوين الوجه بلون أبيض يقول «الملابس الملونة قد تشتت انتباه المشاهد، والمطلوب تركيزه فقط مع حركة الجسد التى اعتمد عليها فى البانتومايم، خاصة الوجه لذلك نعتبر اللون الأبيض بمثابة الضوء».