«التضحية من أجل الوصول إلى الحقيقة»، شعار آمن به الصحفي الحسيني أبو ضيف، وجسده على أرض الواقع أثناء تواجده على «خط النار» لتغطية المواجهات الصدامية التي نشبت أمام قصر الاتحادية في أواخر ديسمبر من العام الماضي، بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، والمعترضين على الإعلان الدستوري الذي أصدره الأخير. ولكن دفع «أبو ضيف» حياته نتيجة إيمانه بهذا المبدأ، فقد أصيب الحسيني بطلق خرطوش في الرأس، أثناء تغطيته لأحداث الاتحادية، ليسدل الستار على رجل سطر اسمه بحروف من النور في تاريخ الصحافة المصرية. فجر الخميس لحظات الحزن والأسى أعلنت جميع وكالات الأنباء في توقيت واحد بتاريخ 12 ديسمبر 2012، ليلًا وفاة الحسيني أبو ضيف، الصحفي بجريدة الفجر، البالغ من العمر ثلاثة وثلاثون عامًا، بعد رحلة معاناة منذ إصابته بخرطوش في الرأس من على بعد أمتار قليلة، في مسرح الحدث أدت إلى كسر في فقرات الرقبة والجمجمة. وقد دخل «الحسيني» بعدها إلى مستشفى الزهراء بمصر الجديدة وازدادت حالته سوءًا لينتقل إلى مستشفى القصر العيني، بعد وفاته إكلينيكيًّا، لتعلن وفاته بعد ذلك كشهيد للحقيقة. قوة ملاحظة الحسيني وراء مصرعه بهذه الجملة وصفت عبير السعدي، وكيل مجلس نقابة الصحفيين، الموقف بعد مقتل «الحسيني»، حيث صرحت، في مداخلة هاتفية لبرنامج مصر الجديدة على قناة الحياة2 بأن الحسيني أبو ضيف كان «قوي الملاحظة، ونجح في تصوير مسلحين من مؤيدي قرارات الرئيس محمد مرسي آن ذاك، أثناء تواجده في موقع الاشتباكات عند مدخل شارع الميرغني من شارع الخليفة المأمون، بواسطة آلة التصوير الرقمية الخاصة به» موضحة أنه فور إصابة «الحسيني» تم نزع بطاقة الذاكرة من آلة التصوير الخاصة به، ل«محو أي دلائل تُدين مؤيدي الرئيس». تحقيقات النيابة مع رفيق العمر.. الإخوان طرف أصيل «صداقتنا استمرت على مدار 19 عامًا».. كانت هذه هي العبارة الأولى التي تفوه بها محمود عبد القادر، الفنان التشكيلي وصديق شهيد الصحافة الحسيني أبو ضيف، أثناء تحقيقات النيابة معه، والذي أكد في أقواله أن إصابة «الحسيني» بالخرطوش كانت مقصودة لا محالة، موضحًا أنه كان معارضًا لقرارات الإخوان، وأنه - أي الحسيني - صاحب المقال الذي تحدث فيه عن الإعفاء الرئاسي الذي حصل عليه شقيق زوجة رئيس الجمهورية، والمتهم في قضية رشوة. وأضاف «عبد القادر» بأن الحسيني كان معروف لجماعة الإخوان المسلمين شكلًا وموضوعًا، من خلال انتقاده لتصرفات الجماعة التي «تخدم مصالحهم الشخصية»، فضلا عن أنه قام بتصوير بعض المنتمين للجماعات الإسلامية يوم الاتحادية وهم يحملون أسلحة نارية . الحسيني ثورجي من يومه «الحسيني أبو ضيف معروف منذ البداية بالنزعة الثورية والتمرد ضد الأوضاع غير المقبولة في المجتمع المصري»، هكذا تحدث محمد أبو الغيط، الكاتب والصحفي وأحد أصدقاء «الحسيني» المقربين، والذي أوضح في تصريحات ل«بوابة الشروق» أن الفقيد كان يتظاهر كثيرًا في جامعة أسيوط ضد غلاء المصاريف الجامعية، مما اضطر قيادات الجامعة إلى تخفيض المصاريف والانصياع لتظاهرات الطلبة، حيث كان الحسيني بمثابة الوقود لهم ضد أي إجراءات تعسفية. وأضاف «أبو الغيط» أن «أبو ضيف» قبل استشهاده بأسبوع واحد فقط «كان يتحدث معنا عن كراهيته لتصرفات القيادات السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذين تصدروا المشهد السياسي بعد 25 يناير، وكان غير راضٍ بالمرة عن قرارات رئيس الجمهورية، وعن وزارة الداخلية بشكل عام، ويرى أنها رمز للقمع ومصادرة الحقوق السياسية التي كفلها القانون والدستور». الحسيني في رقبة المعزول في أكاديمية الشرطة 4 نوفمبر 2013 كان شاهدًا على محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، و14 آخرين من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان في محكمة جنايات القاهرة؛ لاتهامهم بارتكاب أعمال العنف والتحريض على القتل والبلطجة التي جرت في محيط قصر الاتحادية الرئاسي، وكان من ضمن الضحايا الشهيد الحسيني أبو ضيف والذي أدت واقعة وفاته إلى تفجير القضية برمتها أمام الرأي العام. تكريم شهيد الصحافة من داخل البيت.. لمسة وفاء فيلم وثائقي تحت عنوان «ضيف على الدنيا» واحتفالية لإحياء ذكراه، هو أبرز ما قدمته نقابة الصحفيين لتكريم شهيد الصحافة المصرية، بعد مرور عام على وفاته حيث تنظم اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين احتفالية خاصة للحسيني مساء اليوم الخميس، تحت عنوان «الحسيني .. نضال وخلود».