• المحافظ ومدير الأمن يتهمان الإخوان بإشعال الفتنة.. وسقوط الضحية الرابعة يجدد الاشتباكات بين القريتين • الطرفان رفضا تقبل العزاء .. المدارس خاوية من الطلاب .. الرجال والشباب هربوا إلى الجبال القريبة على الرغم من التواجد الأمنى المكثف فى محيط قريتى الحوارتة ذات الأغلبية المسلمة، ونزلة عبيد ذات الأغلبية المسيحية، التابعتين لمركز المنيا، تجددت أجواء التوتر الطائفى بين الجانبين، أمس، عقب مقتل الضحية الرابعة للاشتباكات التى اندلعت مساء الخميس الماضى، وهو عبدالمسيح عياد، 45 سنة، متأثرا بتلقيه طلقا ناريا فى الرأس، كما ارتفع عدد المصابين فى الاشتباكات ليصل إلى 45 شخصا، مع التوقف التام للدراسة فى مدارس قرية نزلة عبيد. وعند وصول «الشروق» إلى نزلة عبيد، كانت أصوات الطلقات النارية المتبادلة من الجانبين متواصلة، رغم أن معظم الأهالى كانوا يبيتون فى الشوارع، بجوار قوات الأمن، لحراسة المحال والورش والمنازل الخاصة بهم، تحسبا لتعرضها للسلب والنهب، على أيدى البلطجية. وأكد مدير أمن المنيا، اللواء أسامة متولى، «استمرار قوات الأمن فى الانتشار داخل القريتين، إلا أن عادة الثأر، ومحاولات العناصر الإخوانية إذكاء نيران الفتنة، تسببا فى اشتعال الأحداث مجددا». وأضاف مدير الأمن: «عند قيام قوات الأمن بتمشيط القريتين، فوجئت بأن معظم المتهمين والمشتبه بهم هربوا إلى الجبال القريبة، والواقعة شرق النيل، ولم يتبق فى القريتين سوى الأطفال والنساء، وتواصل الشرطة حاليا تعقب الهاربين، كما تم القبض على 53 متهما ومشتبها به حتى الآن، بالإضافة لجمع عدد كبير من الأسلحة الآلية غير المرخصة». كان مدير الأمن تلقى إخطارا من مأمور مركز شرطة المنيا، العميد حاتم حمدى، بوقوع مشاجرة فى منطقة شرق النيل، بين أقباط قرية نزلة عبيد، ومسلمى قرية الحوارتة، المتجاورتين، بسبب نزاع على بناء منزل على قطعة أرض مملوكة للدولة فى القرية الثانية، بعد استيلاء مواطن مسيحى عليها، رغم رفض أهالى القرية، وهو ما أدى إلى اندلاع اشتباكات أسفرت عن مقتل كل من سعاد محمود، 36 سنة، ومحمد صابر شحاتة، 25 سنة، من الحوارتة، وجرجس كامل حبيب، 27 سنة، من قرية نزلة عبيد. ووجه محافظ المنيا، اللواء صلاح الدين زيادة الاتهام إلى أنصار جماعة الإخوان، بالتسبب فى إشعال نيران الفتنة، محذرا الجماعة من اللعب بأمن واستقرار مصر، «لأن اللعب على وتر الفتنة الطائفية، هو لعب بالنار»، على حد قوله، فيما قررت نيابة مركز المنيا، تحت إشراف المستشار تامر فاروق، حبس 20 متهما من القريتين لمدة 4 أيام، على ذمة اتهامات بالقتل والتخريب وإطلاق الأعيرة النارية من أسلحة غير مرخصة. وطالبت النيابة العامة باستعجال تحريات إدارة البحث الجنائى حول الواقعة، وتحرير محاضر التحريات اللازمة، حول موقف المقبوض عليهم خلال الأحداث، ودور كل منهم فيها، كما طالبت مصلحة الطب الشرعى بسرعة تقديم التقارير الخاصة بتشريح المتوفين، وضمها إلى ملف القضية، بالإضافة لتحريز الأسلحة التى تم جمعها من القريتين. • قريبة إحدى الضحايا: «الأمور لن تهدأ فى القريتين قبل أن ترتاح الدماء بالثأر» ومن جهتها، أكدت بدرية محمود حسين، ابنه عم ضحية الاشتباكات، سعاد محمود، التى قتلت عند خروجها للبحث عن طفلها، خوفا من إصابته بطلق نارى، أن «الأمور لن تهدأ فى القرتين قبل أن ترتاح الدماء، والقضية ليست فتنة طائفية، بقدر ما هى خصومة ثأرية، فالثأر إحدى عاداتنا، وفور وقوع الجرائم التى شهدتها القرية، خرج الرجال للبحث عن حقوقهم، وبقيت السيدات فى القرية لرعاية الأطفال، فكيف تقتل سيدة لا ذنب لها، سوى أنها خرجت للبحث عن طفلها، حتى لا يقتل بطلقة غدر؟ وهل من العدل أن يتم قيد الجريمة ضد مجهول حتى الآن، أو يتم تسجيلها باعتبارها «قتل خطأ»، ونحن نطالب بالقصاص لوقف نزيف الدماء، خصوصا أن قرى المنطقة متداخلة». وداخل مدرسة نزلة عبيد الابتدائية، التى احتمينا بها من طلقات النيران العشوائية، التقت «الشروق» مدير عام إدارة المنيا التعليمية، عبدالنعيم أبو زيد، الذى أكد أن «المدرسة لم يحضر لها طالب واحد، رغم أن قوات الأمن تتمركز خارجها، حيث خشى الأهالى على أطفالهم من التعرض لأعمال انتقامية، وهو ما دفعهم إلى عدم إرسالهم إلى المدارس، وقمنا برفع مذكرة بالأمر إلى مدير المديرية التعليمية». وأضاف أبوزيد أنه فوجئ برسوم وكتابات غريبة داخل المدرسة، مؤكدا وجود علامات تشير إلى الرغبة فى الانتقام والقتل، كما أكد أن المدرسة ستظل مفتوحة لحين عودة الأمور إلى الهدوء واطمئنان أولياء الأمور على سلامة التلاميذ، مؤكدا أن «نسبة غياب المعلمين صفر». ومع غياب معظم رجال قرية الحوارتة عنها، التقت «الشروق» بأحد أئمة القرية، الشيخ محمود علوانى، الذى قال «للمرة الأولى، يكون صوت الجبل هادئا»، موضحا أن «عمال المحاجر من أصحابها طالبوا، أمس، بسرعة عقد جلسة صلح لحقن دماء أهالى القريتين، بعدما توقفت أعمالهم، مؤكدين أن بحور الدماء لا تجف، والقضية تعدت طرفين إلى قريتين». وأضاف علوانى «عقدنا جلسة صلح عرفية، رفض أهالى نزلة عبيد حضورها، ما اعتبره أهالى الحوارتة دليلا على وجود نية غدر، مع علمى بأن أهالى نزلة عبيد خشوا على أنفسهم، إلا أننى أعود لتأكيد ضرورة وقف بحور الدماء، والاستجابة لمبادرة عمال المحاجر، لأنه فى حالة رفضها، وعودة أهالى نزلة عبيد للمطالبة بالثأر للقتيل الجديد، فإن الجبل سينقلب رأسا على عقب، ولن تقف أمامه أية قوة أمنية، لأن هؤلاء الرجال حياتهم الطبيعية بالجبال»، لافتا إلى أن «الطرفين رفضا تقبل العزاء، وبالتالى فإن نية الثأر موجودة لديهما، ويجب تنظيم عزاء عام للجميع، يحضره عقلاء الطرفين»...