يجلس على مدى 24 ساعة، يقظا داخل حجرة بائسة تخلو غالبا من الاحتياجات الضرورية، عين على شريط السكة الحديد الممتد على مدد الشوف، وآخرى على السيارات العابرة للمزلقان، مخافة أن يداهمه قطار فلا يستطيع التحكم فى تدفق المارة خلاله، أما أذنه فترنوا لسماع جرس التنبيه. «الغلطة الأولى تودى به إلى السجن».. كذا وصف أ.م، خفير مزلقان البلدية بالزاوية الحمراء مهنته، التى بدأها منذ عام 1999. يضيف: أبدأ يومى فى السادسة صباحا حتى فجر اليوم التالى، وأظل 24 ساعة يقظا، ويحصل مقابلها على إجازة 48 ساعة، يسافر خلالها إلى بلدته ليباشر عمله الأساسى وهو الزراعة، مؤكدا أن لائحة تنظيم عمل غفير المزلقان تنص على العمل 12 ساعة فقط، والراحة 24 ساعة». فى تمام الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل، يرن جرس الإنذار فى إشارة إلى وصول قطار البضائع وانطلاقه من محطة مصر، يقوم عامل المزلقان بغلق الجنزير حتى يمنع السيارات والمارة من العبور لمدة 5 دقائق، «ما تنجز يا بنى وعدينا» يقولها سائق ميكروباص لم يحتمل الانتظار لمدة بسيطة، موجها كلامه لعامل المزلقان الذى اعتاد على الإهانة، كما يقول، بل يصل غضب البعض أحيانا لرفع السلاح الأبيض فى وجهه، خاصة بعد منتصف الليل. ويكمل خفير المزلقان: «فى إحدى المرات هددنى شاب يقود موتوسيكل بمطواة بعد أن أغلقت المزلقان لقدوم القطار، لكنه أصر وعبر بعد تهديدى بالسلاح على الرغم من تحذيرى له وتابع: «لو مات هذا الشاب لتحولت أنا إلى متهم دون ذنب»، وقال: «لازم يعملوا بوابات إلكترونية بالمزلقانات خاصة أن السيارات تقتحم المزلقانات قبل عبور القطار بدقائق وتحطم الجنازير». وعن المدة التى يقضيها فى عمله يقول الخفير: «أغلب عمال المزلقانات يعملون 24 ساعة متواصلة، فى مقابل 48 ساعة راحة، لأننا نمتهن الزراعة إلى جانب شغلنا فى السكة الحديد فمرتب عامل المزلقان من 400 إلى 900 جنيه». وعن الكشف الصحى الدورى، قال خفير المزلقان: «القانون ينص على ضرورة الكشف الطبى كل ثلاث سنوات بالنسبة لعمال المزلقانات، وذلك خوفا من إصابتهم بالسكرى أو بأمراض ضعف السمع والبصر، لكن مرت خمسة أعوام، ولم يتم الكشف عليه». فى تمام الثالثة فجرا، وأمام مزلقان شادر السمك بالزاوية الحمراء، يجلس أحمد حسن، عامل مزلقان آخر، داخل حجرته، هربا من برودة الطقس، يقاوم النوم، وعندما ينتصر عليه النعاس يترك غرفته ويجلس خارجها، مخافة أن يأتى القطار. يشكو عامل المزلقان، مما سماه، «بتجاهل مسئولى السكة الحديد لمطالبهم بتحسين وتطوير المزلقانات وزيادة أعداد العمال»، قائلا: «أغلب المزلقانات يشرف عليها عامل واحد، مثلا مزلقان الشادر برغم أنه يتكون من ثلاث حارات.. أعمل هنا بمفردى وسط إهانات المارة وسائقى السيارات، وأحاول السيطرة على الحارات الثلاث حتى لو أغلقت المزلقان 5 دقائق. نحتاج لعسكرى مرور يحمينا أثناء العمل». ويواصل العامل شكواه، «أزمة خطيرة تعانى منها المزلقانات وهى تعطل أجراس الإنذار بقدوم القطارات، وأعتمد فى هذه الحالة على تحذيرات زملائى فى المزلقانات الأخرى، وقد أفاجأ بقدوم القطار لكن ربنا بيسترها». وعن اختلاف عمال مزلقانات وجه بحرى عن قبلى، قال حسن الذى قضى 15 عاما فى هذه مهنة: «أغلب عمال الوجه القبلى يسكنون بجانب المزلقانات، ويمتلكون أراضى زراعية جوار عملهم، ينشغلون بها أحيانا». وطالب عامل المزلقان، هيئة السكة الحديد بالإسراع فى تركيب حواجز المزلقانات الالكترونية لمنع تكرار الحوادث التى يكون عامل المزلقان هو «كبش الفداء». أما توفيق عبدالله، عامل مزلقان غمرة، فيبدى تخوفه من عودة القطارات بشكل كامل وسط المظاهرات وسوء حالة السكة الحديد، ويطالب وزارة الداخلية بتأمين المزلقانات منعا للاعتداءات المتكررة ضد عمال المزلقانات.