في مصر أصبح للأطفال مدينة تخصهم وحدهم، والكبار ضيوف عليهم، بل لن نبالغ إذا قلنا إنهم يمتهنون العديد من المهن داخل المدينة، كالقضاء والطب والهندسة والصحافة وغيرها. إنها مدينة «كيدزانيا»، والتي تمثل نموذجًا مصغرًا للدولة من وجود دستور خاص بها، كما أن لها أيضًا جواز سفر وعملة، والتي تحمل اسم "كيدزوس"، وكذلك الكونجرس المشرع للقوانين. افتتح خافيز لوبيز، الرئيس العالمي التنفيذي لكيدزانيا العالمية ومؤسس كيدزانيا المكسيك، والمهندس طارق زيدان، محافظ كيدزانيا مصر والرئيس التنفيذي لشركة إدراك لتطوير المشروعات، أمس الثلاثاء، مدينة كيدزانيا القاهرة، لتكون بذلك أول مدينة ترفيهية تعليمية لأطفال مصر، والثالثة في الشرق الأوسط، باستثمارات بلغت 145 مليون جنيه. تعتبر مدن كيدزانيا حول العالم نموذجًا مصغرًا للعالم الخارجي الذي يعيش فيه الكبار، وذلك من ناحية فرص العمل، والشوارع، والمحلات، وجميع الخدمات التي يحتاجها الإنسان. وتهدف كيدزانيا إلى تمكين الأطفال من تجربة الدخول في هذا العالم مع توافر كل طرق الأمان لهم، وبدون الخوف عليهم من أن يصابوا بأي أذى. قال المهندس طارق زيدان، محافظ كيدزانيا القاهرة، في تصريحات خاصة ل«لشروق»، على هامش افتتاح المدينة: إن مغامرة الأطفال تبدأ بنفس الطريقة التي تبدأ بها العديد من مغامرات الكبار، ففي المطار يحصل الأطفال على بطاقة للطائرة، وخريطة المدينة، وشيك بنكي، وسوار أمني ليتأكد الآباء من أن أطفالهم لا يمكنهم الخروج من المدينة بدونهم، ويمكنهم ترك الأطفال لاستكشاف كيدزانيا القاهرة بمفردهم في أمان. وأضاف «زيدان» أن الأطفال يصرفون الشيك من البنك الرسمي للمدينة بعملة الكيدزوس، وهي العملة الرسمية لكيدزانيا، والتي يمكن أن يستخدموها لشراء حلوى أو تناول وجبة أو غيره، وعندما تنفد أموالهم يصبح عليهم الذهاب للعمل، تمامًا مثل عالم الكبار، حيث يقوم المشرفون بتعليمهم أداء الوظيفة التي يختارونها، ويتلقون أجرًا مقابل عملهم، وبذلك يستمتعون بقيمة عملهم، ويتعلمون مهارات جديدة في كل مرة يزورون فيها كيدزانيا القاهرة. وأشار محافظ كيدزانيا القاهرة، إلى أن المدينة تهدف إلى تنمية ذكاء الأطفال، والذي يعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية، وهي المناخ الأسري والاجتماعي والتعليمي، متضمنًا المحاكاة والتدريب، بالإضافة إلى التجارب المؤثرة من خلال الأنشطة والعلاقات مع الأسرة. وأكد «زيدان» على أن كيدزانيا تقوم على التعامل مع 8 أنواع من الذكاء، وهي الذكاء اللغوي الذي يمكن من يمتلكه من الإبداع في الكتابة والحديث والخطابة، ويتمتع به الكتاب والشعراء والسياسيون، والذكاء المنطقي - المحاسبي الذي يتضمن القدرة على حل مشكلات منطقية أو معادلات رياضية، ويتمتع به العلماء وخبراء الاقتصاد والمهندسون، والذكاء الجسدي - الحركي الذي يتميز به الرياضيون والراقصون وأصحاب الحرف، وهو نوع خاص بإمكانية استعمال الجسم لحل مشكلات معينة. وقال «زيدان»: إن كيدزانيا دولة بالمعنى الحقيقي، ومواطنوها هم الأطفال، حيث إنها تخصهم وحدهم، والكبار ضيوف عليهم، مشيرًا إلى أن للمواطن «الكيدزيني» جواز سفر خاصًّا به، وعملة يشتري بها أي منتج داخل المدينة، وتحمل اسم «كيدزوس»، ودستورًا خاصًّا بالمدينة، وكذلك كونجرس لتشريع القوانين، ووظائف داخل المدينة، كالقضاء والطب والهندسة والصحافة وغيرها. وأشار «زيدان» إلى أن حجم فرص العمل التي وفرتها كيدزانيا القاهرة خلال العامين الماضيين، بلغ 600 فرصة عمل، فيما وصلت حجم العمالة الفعلية الحالية إلى 517 شخصًا تم تدريبهم وتأهيلهم للتعامل بشكل خاص مع الأطفال «مواطني كيدزانيا». وأوضح «زيدان» أن كيدزانيا توفر قرابة 500 وظيفة من العمالة الخارجية من بين موردين وعمالة فنية ومدربين وغيرهم، مؤكدًا أن المدينة تساهم في دعم الاقتصاد المصري، وتحديدًا قطاع السياحة. وأشار إلى أنها لا تعتبر كيانًا يقدم سلعًا استهلاكية أو ترفيهية فقط، بل كيدزانيا القاهرة ستكون مثلها مثل أي مدينة ترفيهية عالمية قد يأتي إليها الأطفال خصيصًا من كل دول العالم، كمدينة «ديزني لاند»، ومن هنا فتكون كيدزانيا القاهرة تخدم المنطقة العربية باعتبارها الثالثة في الشرق الأوسط بعد كيدزانيا دبي والكويت. وعن عدد المهن التي يمكن للأطفال أن يمتهنوها داخل رحلتهم بمدينة كيدزانيا القاهرة، أوضح زيدان "للشروق" أنها توفر 100 فرصة عمل للطفل من خلال 82 مؤسسة داخل المدينة ، حيث يتاح للطفل الواحد أن يعمل في 8 وظائف يومية لمدة خمس ساعات، بمعدل 30 دقيقة للوظيفة الواحدة، وذلك في محاكاة لعالم الكبار والمؤسسات العالمية الكبرى التي يعملون بها. ولفت «زيدان» إلى أن أول من دخل كيدزانيا قبل افتتاحها كان 3500 طفل يتيم، والمدينة تخصص عدد الزائرين في السنة للأطفال غير القادرين ماديًّا، وتقدر بنحو 5% من إجمالي الكثافة المتوقعة، بمعدل 50 ألف طفل سنويًّا، ما بين طلبة المدارس الحكومية ودور الأيتام والملاجئ. وتابع: «هناك برنامج آخر مع بعض المدارس الدولية، حيث يقوم كل طفل بدفع تذكرة أخرى لطفل غير قادر، ونضيف نحن تذكرة ثالثة ليستطيع أكبر عدد من غير القادرين الدخول إلى كيدزانيا». من جانبه قال خافير لوبيز، الرئيس العالمي التنفيذي لكيدزانيا العالمية: إن الأطفال في كيدزانيا تتأصل لديهم قيم العمل والعطاء واحترام الغير والمشاركة الفعالة في المجتمع، كما تسهم الأنشطة المختلفة الموجودة داخل المدينة في تنمية مهاراتهم بدلا من إهدار وقتهم في مشاهدة التلفاز أو ممارسة ألعاب الكمبيوتر دون أي تفاعل مع من حولهم، مشيرًا إلى أنه لا يوجد في كيدزانيا ألعاب عابثة أو ألعاب فيديو.