الرئيس السيسي يهنئ الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد المصطفى بشرم الشيخ    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى داخل 3064 مسجدًا و100 ساحة في قنا    محافظ بني سويف يشهد ذبح الأضاحي بمجزر إهناسيا أول أيام عيد الأضحى    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بساحة مسجد مصطفى محمود    سعر الدرهم الإماراتى اليوم الجمعة 6-6-2025 أول أيام عيد الأضحى    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    "واشنطن بوست": انهيار علاقة ترامب وماسك في البيت الأبيض    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا استقرار في لبنان وسنواصل العمل بقوة كبيرة    ماسك يفتح النار على الرئيس الأمريكي ويوافق على مقترح بعزله ومراهنات على «الفائز»    بيراميدز يهنئ الزمالك بالتتويج بلقب كأس مصر    بعد نهاية موسم الزمالك.. أحمد سيد زيزو لاعب حر يستطيع التوقيع لأى نادٍ    أهالي القليوبية يؤدون صلاة العيد بساحات وملاعب مراكز الشباب (صور)    محافظ الجيزة يزور مستشفى التحرير ودور رعاية الأيتام لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    مصرع صيدلى فى انقلاب سيارة ملاكى ببنى سويف    وسط أجواء احتفالية.. الآلاف يؤدون صلاة العيد في الإسكندرية    حريق هائل بمصنع سجاد في كفر الشيخ    محافظ بني سويف يؤدي صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وفاة الملحن الشاب محمد كرارة (موعد ومكان الجنازة)    محافظ شمال سيناء يؤدي صلاه العيد في مسجد الشباب بالشيخ زويد    محافظ القليوبية يوزع الورود على الزائرين بمنطقة الكورنيش ببنها    آلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في 214 ساحة بسوهاج (فيديو وصور)    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    بالصور.. آلاف المصلين يؤدون صلاة العيد في المنصورة    محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى الحياة عقب صلاة العيد ويقدم التهنئة للمرضى والأطقم الطبية (صور )    بعد صلاة العيد.. شاهد مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى من محيط مسجد مصطفى محمود    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    وعلى أزواج سيدنا محمد.. تكبيرات عيد الأضحى المبارك بمحافظة أسوان.. فيديو    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    بينها «الفرجة والسرور».. هذا ما كان يفعله رسول الله في عيد الأضحى المبارك    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    «زي النهارده» في 6 يونيو 1983.. وفاة الفنان محمود المليجى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    أحمد سمير: هدفنا كان التتويج بالكأس من اليوم الأول.. حققت كأس مصر كلاعب واليوم كمدرب    مسجد نمرة.. مشعر ديني تُقام فيه الصلاة مرة واحدة في العالم    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    رسميا.. نهاية عقد زيزو مع الزمالك    محافظ سوهاج يتفقد الحدائق العامة والمتنزهات استعدادًا لعيد الأضحى    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    صبحي يكشف سبب حزنه وقت الخروج وحقيقة سوء علاقته مع عواد    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموجة الثانية للثورة
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 09 - 2013

العلاقة بين الدولة والثورة معضلة ضاقت بها كل الثورات. الثورة هى إرادة تغيير شاملة، وهى رفض لكثير من مؤسسات الدولة التى خرجت عليها وللكثير من ممارساتها، وجهاز الدولة لا يحب التغيير، ولكن الثوار لا يستطيعون من ناحية أخرى الاستغناء عن جهاز الدولة. قد يطيحون بعدد من أبرز قادته، ولكنهم لا يجدون بديلا فى الأجلين القصير وربما المتوسط، إلا بالتعويل على جهاز الدولة القديم لتحقيق مشروعاتهم، بما فى ذلك التغيير الثورى الذى يريدون إدخاله فى المجتمع.
هذه معضلة عرفتها كل الثورات. عرفتها الثورتان الروسية والصينية، وشكا جمال عبدالناصر بعد ثلاث عشرة سنة من ثورة يوليو 1952 من أن العقبة الأساسية أمام تنفيذ الإصلاح الزراعى فى الريف المصرى هى التحالف الدائم بين كبار ملاك الأراضى والموظفين المحليين، وتعجب من أن الثورة نجحت فى إدارة قناة السويس وكانت تبنى السد العالى، ومع ذلك عجزت عن إدارة مستشفى قصر العينى.
●●●
ولم تنج الموجة الأولى للثورة المصرية فى يناير 2011 من هذا التناقض، بل كان وضعها أصعب فى هذا السياق، ففى كل الأمثلة السابقة وصل الثوار إلى قمة جهاز الدولة، ولم يكن ذلك هو حال ثوار يناير الذين لم يتطلعوا لممارسة السلطة، وإنما تركوها لغيرهم يديرها، واكتفوا فى أفضل الأحوال باختيار رئيس للوزراء خاب أملهم فيه فيما بعد، ومالوا إلى تنظيم الاحتجاجات عندما وجدوا أن القائمين على إدارة شئون الدولة، والذين مهدوا لهم أن يصبحوا السادة الجدد فى البلاد، وأعنى بذلك المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يسلكون على عكس ما كانوا يتوقعون منهم. وولذلك، فسرعان ما توارى شعار يناير وفبراير أن «الشعب والجيش إيد واحدة» ليحل محله بعد أسابيع من سقوط حسنى مبارك، الشعار النقيض «يسقط يسقط حكم العسكر»، وأدت التطورات اللاحقة ومع انتخاب محمد مرسى إلى فقدان ثوار يناير أى فرصة للتأثير فى مجرى الأحداث، فاعتزل بعضهم أى عمل سياسى، وقنع آخرون بأدوار هامشية من خلال الإعلام أو بالنشاط فى منظمات وأحزاب سياسية لا تملك سوى الصياح غضبا معظم الوقت.
●●●
هل ستكون الموجة الثانية لثورة يناير فى يونيو 2013 أكثر حظا من الموجة الأولى؟. لقد تصدر الموجة الثانية حركة تمرد وأيدها معظم رموز ثورة يناير، ومع أن الوقت ما زال مبكرا للإجابة عن هذا السؤال، إلا أن هناك من المقدمات ما يوحى بأن المعضلة التى ضاق بها ثوار يناير سوف يعانى منها ثوار يونيو ومن يساندهم،ولأسباب عديدة، منها أن العلاقة التى تربطهم بجهاز الدولة هى نفس العلاقة التى عرفها سابقوهم. فهم أيضا لم يقترحوا أن يزاولوا السلطة بأنفسهم، واكتفوا باقتراح بعض الأسماء لتولى مناصب عليا فى الحكومة بدءا من نائب الرئيس إلى رئيس الوزراء والوزراء، وتولى بعض من رشحوهم هذه المناصب بالفعل، وإن أخفق اقتراحهم بتولى الدكتور البرادعى منصب رئيس الوزراء، ولعلهم سعدوا أن ذلك لم يتحقق بعد انسحاب البرادعى من أول أزمة جادة تواجهها حكومة يونيو، كما اشيع عنهم أنهم اقترحوا خارطة الطريق التى يفترض أنها تحدد خطوات الخروج من المرحلة الإنتقالية. ومع ذلك فهناك دلائل على أن بذور التوتر أخذت تنمو فى علاقتهم ببعض أجهزة الدولة، وخصوصا مؤسسات الأمن والعدالة والإعلام، ولو لم تتنبه هذه المؤسسات إلى هذه الدلائل، فالأمور مرشحة لأن تنتهى بفجوة واسعة بين شباب الثورة بموجتيها وهذه المؤسسات، وهو ما يتمنى كاتب هذه السطور أن يجرى تجنبه، حتى تكون الموجة الثانية لثورة يناير هى موجتها الأخيرة.
●●●
على عكس الحال فى ثورة يناير، بدأت الموجة الثانية باستعادة الثقة بين ثوار يونيو والمؤسسة الأمنية ممثلة أساسا برجال الشرطة. وتعددت مظاهر التآخى والترحيب بالشرطة فى دورها الجديد حامية للشعب وليست عدوا له. وتردد فى مظاهرات الثوار فى 30 يونيو و26 يوليو الشعار الجديد «الشرطة والشعب إيد واحدة»، ولم يكن ذلك مستغربا، فقد وقف جهاز الشرطة ضد الرئيس مرسى، كما اكتسب جنود الشرطة وضباطها تعاطفا واسعا وهم يتعرضون لهجوم وحشى فى سيناء على يد جماعات مسلحة مساندة للرئيس السابق، وتلقت أقسام الشرطة هجمات فاقت ما تعرضت له إبان ثورة يناير، فقد تجاوز أنصاره مجرد الاعتداء على هذه الأقسام ولكن وصل الأمر إلى سحل قيادات شرطية فى كرداسة وأسوان، كما أعدموا أكثر من عشرين من جنود الشرطة فى مذبحة وحشية فى سيناء. ومع ذلك يشعر كثير من الشباب بغصة فى الحلق أن أسلوب فض اعتصام أنصار مرسى فى رابعة العدوية خصوصا، وهو ما ساندوه ودعوا إليه، لم يكن الأسلوب المتدرج الذى وعد به وزير الداخلية، وأسفر أسلوب استخدام القوة فى فض هذا الاعتصام عن قتل ما يقرب من ألف وجرح عدة آلاف، معظم من قتلوا وجرحوا فى فض الاعتصام هم من الشباب، ولا شك أن ثوار يونيو ويناير لهم فيهم معارف وأقارب وأصدقاء. ومع أنهم يدركون مسئولية قادة الإخوان عن الدفع بهؤلاء فى مواجهة عدمية، وإصرارهم على مواصلة الاعتصام رغم تحذيرات متعددة، وتردد من جانب جهاز الشرطة والجيش فى الإقدام على فضه، إلا أنه لا يمكن إنكار شعور بالحزن أن فض الاعتصام انتهى بهذا العدد الهائل من القتلى والجرحى الذى لم تعرف مصر مثيلا له فى الخلافات الداخلية بين مواطنيها.
وقد أدت مشاعر خيبة الأمل فى مؤسسة العدالة حدا دعا حركة تمرد إلى التفكير فى التظاهر ضد بعض الأحكام القضائية، وهو ما نفذته بالفعل على نطاق محدود حركة شباب 6 أبريل. إلا أن موجة الاستنكار قد اتسعت وامتدت إلى التساؤل عما إذا كان المسئولون عن توجيه الاتهامات فى هذه المؤسسة يعبرون حقا ليس عن روح موجة الثورة الثانية فى يونيو، بل يتعاطفون أصلا مع موجتها الأولى فى يناير. وصل الأمر إلى إحالة بعض رموز ثورة يناير، ومنهم كل من أسماء محفوظ وإسراء عبدالفتاح إلى القضاء العسكرى بهذا الاتهام الممجوج الموروث عن عهد مبارك وهو تلقى أموال من مؤسسات أجنبية والعمالة للخارج وتهديد الأمن الوطنى. ثورة يناير هى فى عرف من يوجهون هذا الاتهام «تهديد للأمن الوطنى» ووصل الأمر إلى موافقة النائب العام على الموافقة على رفع دعوى ضد الدكتور البرادعى بتهمة خيانة ثقة الأمة لتقديمه استقالته عند البدء فى فض اعتصام رابعة. ويتساءل المرء ألا يتحرى النائب العام ما إذا كانت هناك أسس جدية لتوجيه الاتهام وطلب المحاكمة، أم أن ثورة يناير وكل من يرتبط اسمه بها هم فى عرفه متهمون؟ وما هى دلالات ذلك؟.
●●●
وأخيرا لا يجد شباب الثورة، ومعهم فى هذه الحالة مواطنون كثيرون، أن أمور الإعلام قد تغيرت كثيرا. ما زال فى معظمه حكوميا وخاصا ومستقلا، مرئيا ومسموعا ومكتوبا، بوقا للسلطة، وخادما غير أمين لها، لأنه بمبالغاته وأكاذيبه يجعل المواطنين ينصرفون عنه ولا يصدقونه. وفوق ذلك، فمما يحزن ثوار يونيو ويناير، أنه أصبح يستخدم للهجوم على ثورة يناير، واتهام قادتها بالعمالة للخارج وللترحم على النظام الذى أطاحت به هذه الثورة المجيدة.
قلت فى بداية المقال إن العلاقة بين الثورة والدولة هى معضلة كبرى فى تاريخ كل الثورات. فهل يجد الثوار وقادة الدولة منهجا للتعامل مع هذه المعضلة قبل أن تتفاقم، وتتجذر على نحو يدعو قطاعا من الشباب أن يحلم بموجة ثالثة من ثورة يناير؟.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
ومدير شركاء التنمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.