قال وزير الدفاع موشيه (بوغى) يعلون: «ليست هذه المرة الأولى التى يستخدم فيها السلاح الكيميائى فى سوريا». وقال الوزير يسرائيل كاتس أمس إن استخدام الغازات السامة ضد المدنيين يطرح تحدياً أخلاقياً أمام إسرائيل لن تسكت عنه. طرحت عدة علامات استفهام بشأن الهجوم الذى وقع قبل يومين وتسبب بمقتل أكثر من 1000 شخص فى ضواحى دمشق وعلى مسافة قصيرة من مراقبى الأممالمتحدة. لكن بإمكاننا القول إن سبب علامات الاستفهام يعود إلى أن من مصلحة الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، إثارة الشكوك فى صحة التقارير من سوريا. وهذا ما فعله أوباما خلال زيارته إلى إسرائيل فى مارس هذه السنة بعد التقارير التى تحدثت عن استخدام السلاح الكيميائى، فقد ادّعى حينها عدم وجود اثبات على ذلك. وفى نهاية الأمر تبددت الشكوك، ولكن لا شك اليوم فى أن نظام الأسد استخدم السلاح الكيميائى ضد شعبه. ومن بين الأساليب المشبوهة التى استخدمت لتكذيب استخدام السلاح الكيميائى ادعاء أن لا فائدة عسكرية من هذا السلاح، ولا أهمية لبضعة مئات أو ربما آلاف قتلوا بالسلاح الكيميائى من مجموع 100.000 قتيل هناك. لكن ثمة فرقا أساسيا، فهذا سلاح للدمار الشامل الهدف من استخدامه الردع وزرع الرعب، ومن يستخدمه يعلن نية القيام بجريمة جماعية. إن القوى التى كانت قادرة حتى اليوم على كبح الحرب السورية لم تعد موجودة فى نظر الأسد أو أى حاكم آخر فى الشرق الأوسط. ويطرح هذا التدهور مخاطر الانتقال من حروب أهلية داخلية إلى مواجهة إسلامية مع إسرائيل. وقد يفكر زعماء محور سوريا إيران حزب الله أكثر فأكثر بأن السبيل لفرض النظام داخل معسكرهم هو مهاجمة إسرائيل. يمكننا اعتبار استخدام السلاح الكيميائى بمثابة تحدٍ موجه ضد الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فما نفع الخطوط الحمر وماذا تقدم لنا الآن؟ وعلى الرغم من تمسك إسرائيل حتى اليوم بشدة بخطوطها الحمر ومحافظتها على الردع، فإن عليها التفكير فى ما إذا كان الكلام عن سلاح دمار شامل لا يفرض عليها أن تتحرك. من الأفضل أن يقوم الأمريكيون بعملية عسكرية، لكننا نراهن بأن أوباما لن يطلب من قواته أن تتحرك. ومن هنا يطرح السؤال: هل تستطيع إسرائيل ان تقوم بعملية عسكرية وحدها؟ ليس فى إمكان إسرائيل وحدها القيام بفرض منطقة حظر طيران فوق سورية، لكنها تستطيع مهاجمة منشآت تصنيع أو تخزين السلاح الكيميائى. بعد الهجمات الكيميائية برزت المقارنة بين الحرب فى سوريا والحرب الأهلية الإسبانية التى جرت بين 1936 و1939. وأهمية نموذج الحرب الإسبانية أنه جرى خلالها تجربة أسلحة لاستخدامها فى الحرب العالمية الثانية. يومها انكشف ضعف الدول الديمقراطية التى لم تكن مستعدة لدعم أو تقديم يد العون إلى قوات الجمهوريين المنقسمة على نفسها، فى حين قدمت ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية الدعم الكامل لفرانكو. وحالياً تقوم بهذا الدور بالنسبة لسورية روسيا والصين. اليوم ومع مواجهة زيادة الخطر، يتعين على إسرائيل أن ترفع درجة ردعها.