بدا المكان هادئا على غير المتوقع بالطابق الرابع، بالمبنى رقم 13 بشارع الأشجار بالمهندسين. إنه مكتب شكاوى المرأة ومتابعتها، التابع للمجلس القومى للمرأة. المكان الذى كانت تقصده آلاف النساء من جميع محافظات مصر، كان يحتل أحد طوابق مبنى الحزب الوطنى المنحل، الشهير على كورنيش النيل «المعروف سابقا بمبنى الاتحاد الاشتراكى»، قبل أن يحترق خلال أحداث ثورة يناير. «بعد الثورة انتقلنا إلى مقر فى شارع الهرم، لم يكن أحد يعرفه، ثم انتقلنا إلى هنا، والآن نبحث عن مقر فى منطقة السيدة زينب أو عابدين، ليسهل وصول السيدات إليه»، كما تقول د.فاطمة خفاجى، هذا حال المكتب منذ الثورة وحتى الآن.
«نحاول أن نتغلب على صعوبة الوصول إلى مقر المكتب، بفتح فروع للمكتب فى المناطق الشعبية كمنشأة ناصر والهجانة وامبابة، بمقار الجمعيات الخدمية هناك، للتواصل مع النساء فى تلك المناطق، بالإضافة إلى فروع المكتب فى المحافظات».
ندوات المكتب بالمناطق الشعبية بالقاهرة، كشفت عن معاناة السيدات فى المناطق الشعبية بعد الثورة، ومنها زواج الأطفال قبل 18 عاما، دون توثيق لأن القانون لا يسمح بتوثيق الزواج قبل هذه السن، وتظل الزوجة بلا حقوق هى وأولادها إذا توفى الزوج أو هجرها، فأولادها بلا شهادات ميلاد.
«أكثر معاناة النساء فى المناطق العشوائية هى هجر الأزواج، الذين يتركون الزوجة وأطفالها بلا نفقة تمكنهم من البقاء فى التعليم أو من الغذاء، من أجل الزواج بأخرى، ولا يكون أمام الزوجة المهجورة فى هذه الحالة سوى رفع دعوى خلع، لتتمكن من الحصول على معاش الضمان الاجتماعى».
لكن الأمور لا تسير بهذا اليسر، كما تقول مديرة المكتب، فلكى تحصل الزوجة المهجورة على معاش الضمان الاجتماعى الذى يبلغ 250 جنيها، لابد أن يكون لها عنوان سكن، أو عقد إيجار شقة، لكن الكثير من مساكن الهجانة وغيرها لا تخضع لتنظيم الدولة، ولا أسماء شوارع، كما لا يعطى صاحب المبنى للسيدة ما يثبت أنها مستأجرة للشقة، وبالتالى لا يمكنها الحصول على المعاش.
«بدل ما يوزعوا زيت وسكر، يشوفوا المشاكل دى، الملايين لديهم حقوق عند الحكومة ومش عارفين ياخدوها» توجه د. فاطمة حديثها إلى المسئولين فى الحزب الحاكم الجديد.
تشير إحصاءات مكتب شكاوى المرأة إلى عودة شكاوى العمل مرة أخرى، بعد أن كانت أغلب الشكاوى التى تصل إلى المكتب تدور حول الأحوال الشخصية. «المشكلة أن المكتب لا يملك سوى مخاطبة الوزير المختص بالشكوى الموثقة من التخطى فى الترقية أو النقل التعسفى أو غيره، من خلال وحدات تكافؤ الفرص بالوزارات، لكن بعد الثورة لم يعد أحد يهتم أو يحترم أحد، مثلما كان التجاوب فى السابق خوفا من سوزان مبارك حين كانت رئيسة للمجلس» كما تقول خفاجى.
مكاتب شكاوى المرأة فى الكثير من البلاد لديها وضع قانونى يمكنها من إجراء تحقيقات داخل الاماكن المختلفة التى تحدث بها الشكاوى، كما يكون له مسئولية أمام البرلمان وفرض التعويضات لصالح المظلومين» فى الأول قالوا لنا المهم يكون ليكم قيمة سياسية، وبعدين يكون ليكم قيمة قانونية، لكن للأسف القيمة السياسية اتغيرت».