فى محاولة لفهم ما يدور فى الشارع المصرى من الناحية الأمنية قمت بزيارة وزير الداخلية المصرى اللواء محمد إبراهيم فى مكتبه يوم الأحد الماضى،وخلال الوقت الذى قضيته معه فى مكتبه كان يستأذن فى الرد على بعض الاتصالات من هذه المحافظة أو تلك حيث كان يحاول وأد بعض الفتن أو يحبط بعض التحركات المريبة مما يؤكد أن الذين يحركون الفوضى فى مصر لم يكلوا ولم يملوا وإنما ربما هم فى حالة استراحة أو استعادة أنفاس أو البحث عن طرق ووسائل جديدة للفوضى، قلت للواء محمد إبراهيم لقد كتبت ضد رفضك تسليح ضباط الداخلية وأعتقد أن نزول الضباط للشارع لمواجهة الفوضى دون سلاح لعب دورا فى تفشى هذه الظاهرة خلال الأشهر الماضية، وأنا لا أقصد التسليح من أجل القتل وإنما من أجل بث الرعب والخوف والردع واستقرار الشارع واستتباب الأمن، فالذين يمارسون الفوضى حينما يجدون ضابط الشرطة الذى أمامهم لا يحمل سلاحا يتعاملون معه بصورة مختلفة عما يجدونه أعزل دون سلاح، فقال وزير الداخلية: لازلت عند قرارى بعدم تسليح الضباط حينما ينزلون لفض التظاهرات أو مواجهة المدنيين، لأننا بشر وحينما يتعرض الضابط للإهانة أو السب لا تستطيع أن تعرف رد فعله لاسيما إذا كان يحمل سلاحا، قلت له: ربما لو كان يحمل سلاحا ما تعرض للإهانة أو السب وإنما الذى يجعل الذين يمارسون الفوضى يتجرؤون على الضباط كونهم لا يحملون سلاحا، قال: أخشى لو كان الضباط يحملون أسلحة خلال التظاهرات التى وقعت فى الأشهر الماضية أن ذلك كان سيؤدى إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى لأن حالات الاستفزاز للضباط والتطاول عليهم كانت عالية ومتعمدة من المتظاهرين الذين اندس بينهم البلطجية والمسجلون خطر واختلط الحابل بالنابل حتى أنه كان يصعب عليك معرفة الثورجى من البلطجى، وقد أدت سلوكيات هؤلاء إلى غضب كبير لدى الضباط وقد آثرت أن يتحمل الضباط ما يتعرضون له من إهانة من قبل هؤلاء على أن يقتل أحد من المتظاهرين رغم كثرة البلطجية بينهم بيد الشرطة مرة أخرى، ورغم تعرض كثير من ضباط الشرطة للإصابة بالخرطوش وإلحاحهم فى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم إلا أنى قمت بشراء ملابس ودروع مضادة للخرطوش والرصاص يرتديها الضباط وتوسعنا فى شراء كميات كبيرة من هذه الملابس حتى نحمى الضباط والجنود ما استطعنا من طلقات الخرطوش حينما تطلق عليهم فى التظاهرات، أما البلطجية والتعديات الجنائية فقد أصدرت الأوامر بالتعامل معهم بالسلاح بشكل مباشر لاسيما الخارجين على القانون والمجرمين ونحن نقوم بمداهمات يومية للبؤر الإجرامية وكل يوم لدينا شهداء وجرحى من رجال الشرطة، وأستطيع أن أؤكد لك أننا فى مأزق شديد الآن فى مواجهتنا للبلطجية والمجرمين، لقد عملت فى المباحث لفترة طويلة، وكان البلطجية واللصوص والمسجلون خطر عندنا معروفين، وكنا حينما يأتينا بلاغ عن عملية سرقة على سبيل المثال كنا نعرف من الذى قام بها من طريقة السرقة فكنا نقبض على اللص ونعيد المسروقات فى أقرب وقت لكن البلطجة الآن أصحبت حرفة من لا حرفة له ولا عمل وكذلك السرقات، قلت له لكن معدلات الجريمة تضاعفت بعد الثورة، قال: لقد استنزفت قواتنا فى مواجهة التظاهرات وإغلاق الطرق والأهانات التى نتعرض لها كل يوم، إننا نريد أن نتفرغ لأمن المواطن فالشرطة هى ملك للشعب وتعمل من أجل الشعب وليس من أجل حزب أو فصيل وللأسف فإن الإعلام يعمل ضدنا ولا يساعدنا، كما أن جهاز الشرطة أصابه ما أصاب باقى مؤسسات الدولة من أمراض، ونحن نريد أن نرفع من الروح المعنوية لرجال الشرطة ونعيد لهم الثقة والدعم المعنوى، ونحن نمد أيدينا لكل القوى السياسية وعلى رأسها المعارضة أن تتواصل معنا من أجل تقديم المقترحات والحلول حتى ننهض من جديد لأن انكسار الشرطة سيكون انكسارا لمصر كلها ونهضتنا ستكون نهضة لمصر كلها، لكننا لن ننهض بغير تعاون المجتمع ودعمه وثقته، حينما سيشعر الجميع أن الشرطة حقا فى خدمة الشعب.