لم تغلق أى من أحزاب المعارضة الباب فى وجه التعاون مع صندوق النقد الدولى، كما بدا خلال لقائها بوفد المؤسسة الدولية الذى يزور مصر حاليا، ولكنها ابدت قلقها الشديد من شروط القرض التى قد تفرض ضغوطا على معيشة المصريين. فهل يعد هذا الموقف داعما للقرض الذى اشترط الصندوق أن يحظى بتأييد سياسى واسع؟ «الترحيب» بدعم الصندوق للاقتصاد المصرى، كان التعبير الذى استخدمه التيار الشعبى فى بيانه عن لقائه بالوفد، وهو الكيان الذى يمثل أقصى اليسار فى الجبهة الشعبية المعارضة للنظام الحاكم ..جبهة الإنقاذ. وكان زعيم هذا التيار، حمدين صباحى، قد وجه نقدا حادا للمؤسسة الدولية فى مؤتمر اقتصادى عقده التيار الشعبى قبل ايام، الا ان ترحيب يساريى الجبهة جاء مقترنا بأن يكون دعم الصندوق غير مشروط بطرق استخدام القرض كما جاء فى البيان الصادر عنه، «فالتيار الشعبى يرى أن التوظيف الأمثل للقرض هو أن يضمن للحكومة المصرية حرية تحديد مجالات استخدامه، بدون شرط الصندوق».
محلل بميريل لينش ل«الشروق»: لقاء الصندوق مع المعارضة يقلل من فرص معارضتهم للبرنامج الحكومى المتفق عليه «جمع المعارضة وراء الاصلاحات المقترحة من صندوق النقد الدولى أمر مهم، فهو يقلل من مخاطر التطبيق»، كما يقول جان ميشيل، المحلل المتخصص فى شئون الشرق الاوسط ببنك اوف امريكا ميريل لينش، فى تصريحات ل«الشروق»، موضحا أن مشاركة المعارضة فى الحوار مع المؤسسة الدولية تقلل من احتمالات انتقادها للبرنامج الاقتصادى للحكومة، كجزء من المنافسة الحزبية مع الحزب الحاكم. وأضاف ميشيل أن «ما يظهر من تصريحات حمدين صباحى أن المسألة المحورية فى هذه المناقشات ستكون إلى أى مدى ستتم حماية الفئات الفقيرة فى المجتمع من آثار الاصلاحات التى تستهدف تقليل مخاطر الوضع المالى».
ويظهر الخلاف بين رؤية المعارضة وصندوق النقد الدولى بشكل واضح فى قضية معالجة ملف الدعم، وهو ما قد يجعل حالة التفاهم الحالية بينهما مسألة مؤقتة، فبينما تطرح الحكومة على الصندوق خطة للتحرير التدريجى لدعم الطاقة التى ترى أنه لا يصل إلى مستحقيه، يرفض التيار الشعبى الموافقة على قرض تتضمن شروطه رفع الدعم عن السلع الأساسية، التى ستتحمل تكلفتها الشريحة الأكبر من السكان فى مصر، كما جاء فى بيان التيار.
«كل الاحزاب تتفق على أنها تريد أن تفعل ما فى وسعها لحماية الفقراء، واعتقد أن صندوق النقد يريد ذلك ايضا»، كما يقول الخبير الاقتصادى البريطانى، انجس بلير، موضحا أن الرؤية التى يسعى الصندوق للاتفاق عليها مع المعارضة، لتحقيق تلك الحماية ترتكز على تحفيز النمو الاقتصادى «لخلق الاستثمارات وتنمية الوظائف».