كتب جوسلين كولون مدير شبكة ابحاث عمليات السلام والمنسق المؤقت لمركز الدراسات والابحاث الدولية بجامعة مونتريال فى كندا مقالا نشر فى جريدة «لابرس الكندية» يتناول فيه الاختبار الذى وضع الإسلاميون أنفسهم فيه بعد وصولهم للسلطة بعد فترة كبيرة من انتقادهم للنظم التى سبقتهم، فها هم الآن يواجهون اختبار كونهم هم الأغلبية الحاكمة وهناك غيرهم فى المعارضة. يقول كولن إنه منذ عامين، كشف الربيع العربى القوة والديناميكية السياسية للأحزاب السياسية والجماعات الإسلامية التى كانت مقموعة خلال عقود بدون أن تختفى، بل على العكس فقد كانت القوة الوحيدة التى تعمل باستمرار مع الجزء المهمش من قبل النظام الحاكم. فلم يكن من العجيب أن يصلوا للسلطة بطريقة ديمقراطية.
اليوم، هم يستحوذون على الحكومات فى ثلاثة بلاد، المغرب وتونس ومصر، وفى ليبيا هم شركاء فى الحكومة. فى تلك الأيام، تمثل ممارسة الاسلاميين للسلطة عرضا مقلقا، باستثناء الحالة المغربية بالطبع والتى يسيطر الملك فيها على الحكومة سيطرة تامة. فى البداية، أظهر الإسلاميون الوجه الحسن وطمأنوا الناخبين ووعدوهم بالمحافظة على مبادئ معينة خصوصا بعض المبادئ العلمانية وذلك حتى لا يبثوا الخوف فى قلوب جزء كبير من الناخبين. وهو ما كان له ثمار، فإذا راجعنا ثورات الربيع العربى سنجد أن الكثيرين كانوا يرون أنه من الأفضل استبدال نظام بن على ومبارك والقذافى بحزب إسلامى. آخرون قالوا إن الإسلاميين لا يطمعون فى شىء بإنشائهم للأحزاب فهى موجودة على الارض منذ 40 أو 50 سنة.
●●●
حث الكاتب القراء إلى التركيز والتدبر فى واقعة اغتيال شكرى بلعيد، القائد السياسى العلمانى والمناهض للسلطة الإسلامية، فى تونس، فقد كانت عملية الاغتيال مخططا له جيدا فلقد تعرض أولا لحملة تشويه كبيرة، ثم تطور الأمر بعد ذلك وأصدر أحد الأئمة فتوى تبيح قتله، تبع ذلك قيام مجموعة سلفية بمطاردته ومنعه من حضور الاجتماعات السياسية، وعقب ذلك محاولات عدة فاشلة لاغتياله. وفى هذا السياق نجد أن النجاح فى قتل شكرى بلعيد هو المرحلة الاخيرة من المخطط الذى قمنا باستعراضه. وبالنسبة لتبعات هذه الجريمة نجد أن نتيجة لها استقال الوزير الأول وهو الوزير «الإسلامى المعتدل».
أما فى مصر، فقد واجه الإخوان المسلمين على مدار أربعة أشهر معارضة شديدة على إصدار دستور قاموا بإعداده وفقا لأهوائهم. ورغم ذلك لم تبدأ اللعبة بعد فى هذا البلد. ففى ليبيا الحزب الإسلامى المشارك فى الحكومة يتهم الحكومة بأنها شديدة الليبرالية، ويهدد بترك الإتلاف الحكومى الذى هو اساس استقرار البلاد.
●●●
ويضيف أن الإسلاميين من الآن وصاعدا اصبحوا فى مواجهة اختبار السلطة. فالدعوات والطقوس الدينية ليست هى ما تحتاجه الشعوب لمعالجة المشكلات العويصة التى تركتها لهم النظم الاستبدادية السابقة. إن الإسلاميين وعدوا كثيرا ولم ينفذوا إلا قليلا، ونستطيع القول ان بعد عامين من انتخابهم، نظرات المراقبين لا تزداد إلا حدة.
بشير بن يحمد الذى يعمل مديرا للصحيفة اليومية «افريقيا الفتية» منذ 50 عاما، وهو تونسى الأصل، كتب مؤخرا «المتابع الأكثر تسامحا سيلاحظ بالتأكيد أن الإسلاميين فى تونس وفى مصر، فى ستة شهور فقط، بددوا ما كانوا يتمتعون به من حكم مسبق إيجابى. اداؤهم سيئ للغاية ويدل على انهم غير مؤهلين، ولا يستحقون ممارسة السلطة فى بلد متوسط التطور». ويطلب مدير الجريدة من المعارضة فى تونس أن تتحد حتى تعزل الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم ب20% إلى 40% فقط من الأصوات.
حتى لو تم سماع نداء ابن يحمد، فهو ليس واثقا من أن التغيير فى السلطة سوف يؤدى إلى استقرار البلاد التى لا تزال تعانى من تشنجات نمطية متوقعة فى مراحل ما بعد الثورات.