تراجعت الحكومة عن قرار استدعاء نحو 100 سائق قطار «عسكرى» بعد أن فجر القرار موجة غضب عارمة بين السائقين. فرغم الإعلان عن انتهاء إضراب سائقى السكة الحديد، فإن الغضب وتهديدات العصيان تصاعدت على أرض الواقع، بعدما أعلن سائقو القطارات الموجودون حاليا بمركز تعبئة القوات المسلحة بالفوج 39 سكة حديد، رفضهم قيادة القطارات مهددين بإيقاف الحركة مجددا اعتراضا على معاقبتهم وإجبارهم على العمل تحت لواء العسكرية الكائن بالفرز بمحطة مصر بجوار مساكن الشرابية، حيث تم استدعاؤهم وتكليفهم بالعمل بالقوات المسلحة كمجندين فى إدارة النقل لقيادة القطارات.
وهدد السائقون جميعا بالدخول فى إضراب عن الطعام بعد أن بدأ اثنان منهم فى الإضراب فعليا وتم نقل أحدهم إلى المستشفى فى ساعة مبكرة من صباح أمس لتعرضه للإعياء الشديد، رفضا للتكليف الذى حذر كل من يتخلف عن الحضور أو التأخر عن الموعد المحدد له بمعاقبته طبقا لأحكام القوانين رقم 87 لسنة 1960 و12 لسنة 1999 بالحبس 6 شهور أو غرامة لا تزيد على 5 آلاف جنيه أو بالاثنين معا، معتبرين أن هذا الإجراء هو نوع من الإرهاب الحكومى ضدهم وإساءة للجيش فى أن يكون أداة فى يد الدولة لعقابهم على الإضراب.
وانتقد أحد السائقين الذين شملهم التكليف العسكرى، حسن عيسى، طريقة معاملتهم «غير الآدمية» ونومهم على البلاط منذ مساء أمس الأول، خاصة وأن أعمار من شملهم التكليف تعدت السن القانونية لتكليفهم أو استدعائهم من الجيش، حيث يبلغ متوسط أعمار السائقين المعاقبين بين 46 و48 عاما، مشيرا إلى أنه شخصيا يبلغ من العمر 53 عاما، وبعضهم غير لائق طبيا ولم يدخل الجيش ولم يقض فترة الخدمة العسكرية من الأساس.
وأبدى عيسى ل«الشروق» استياءه الشديد من إجبارهم على العمل تحت إدارة الجيش ورغم تبعيته لهيئة مدنية وأن تشغيل القطارات مرتبط بلوائح وقوانين وزارة النقل وهيئة السكة الحديد ماديا، متحدثا نقلا على لسان باقى السائقين «لن ننفذ أمر التكليف، والحكومة تحاول إرهابنا ولن نسكت أو نستسلم».
وانتقلت حالة الغضب إلى باقى سائقى هيئة السكة الحديد الذين انتظموا فى العمل بدون تكليف عسكرى، وهددوا صباح أمس بإيقاف حركة القطارات إذا لم يتم إلغاء الاستدعاء للباقين وعدم التعنت ضدهم وإلغاء تحويلهم إلى النيابة الادارية، ملوحين بالقول «إنه إذا لم تتم الاستجابة وإلغاء التكليف العسكرى لباقى زملائنا فسنقوم بإيقاف حركة القطارات ولن نعود إلا بعد إقالة رئيس هيئة السكة الحديد وتنفيذ مطالبنا المادية كاملا».
وسادت حالة من الارتباك فى جداول تشغيل القطارات صباح أمس، حيث تأخر عدد من القطارات فى الخروج عن مواعيده المحددة فى جداول التشغيل، ووجود نقص فى عدد الرحلات الطويلة سواء إلى الوجه البحرى أو القبلى.
وأشار مصدر مسئول بهيئة السكك الحديدية، طلب عدم ذكر اسمه، ل«الشروق» إلى أن هناك نقصا كبيرا فى عدد السائقين ومساعديهم فى العديد من الخطوط تسبب فى تأخير القطارات والخروج بعد مواعيدها من محطة مصر، مرجعا ذلك إلى امتناع السائقين عن الخروج بالقطارات من الورش رغم تواجدهم فيها بسبب توجيه بلاغات ضدهم وإحالتهم للشئون القانونية.
فيما دعا عدد من القوى الثورية وهى التحالف الشعبى، والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحركة الاشتراكيون الثوريون والاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، ولا للمحاكمات العسكرية، والجبهة القومية للعدالة والديمقراطية، إلى التظاهر على سلم نقابة الصحفيين، أمس بعد مثول الجريدة للطبع، باعتبارها الواقعة الاولى من نوعها يتم التعامل فيها مع الاحتجاجات العمالية باستخدام حالة التعبئة العامة لكسر إضراب السكة الحديد. ورغم حالة الاضطراب التى تسود السكة الحديد، فإن الشركة المصرية لصيانة وتجديد خطوط السكك الحديدية عقدت جمعيتها العمومية مساء أمس الأول، برئاسة وزير النقل، حاتم عبداللطيف، وتم اعتماد تقرير أداء عن الشركة خلال الفترة الماضية، وتقريرى الجهاز المركزى للمحاسبات ومراقب الحسابات عن العام المالى الماضى.
كما جددت الجمعية الثقة فى رئيس الشركة الحالى، سمير نوار، بعد موافقة وزير النقل على الإبقاء عليه بعد تلقيه تقارير عن أداء الشركة ورئيسها الحالى، فيما تم دعم مجلس الإدارة بأعضاء جدد من أستاذة هندسة السكة الحديد.