● لا شك فى أن الزيارة الرسمية التى قام بها رئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما لإسرائيل خلال الفترة بين 20 و22 مارس الحالى أدت إلى تعزيز قوة إسرائيل أكثر مما كانت عليه حتى الآن، وإلى توثيق تحالفها القوى مع الولاياتالمتحدة. ● وقد تمكن أوباما فى هذه الزيارة من إقامة صلات مباشرة مع جماهير الشعب فى إسرائيل، وخاطبها من القلب إلى القلب فى كل ما يتعلق بماضى الشعب اليهودى وحاضره ومستقبله.
● وتكمن الأهمية الأبرز لهذه الزيارة فى أنها بثت رسالة فحواها أن العلاقات الخاصة القائمة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل وثيقة للغاية. وهذه الرسالة جرى بثها ليس فى إسرائيل فحسب، بل فى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط،
والعالم أيضا. وتنبع أهميتها من حقيقة أنها جاءت فى مرحلة مصيرية جدا بالنسبة إلى دولة إسرائيل على المستوى الإقليمى، إذ إن منطقة الشرق الأوسط تشهد تطورات خطرة تتعلق بموضوعات حساسة مثل مصير الأسلحة الكيماوية الموجودة فى حيازة سوريا، ووجود عشرات آلاف الصواريخ فى أيدى منظمات «إرهابية» فى كل من لبنان وقطاع غزة، والبرنامج النووى الإيرانى، وهى موضوعات تضع مخاطر وتحديات كبيرة أمام إسرائيل. فى الوقت نفسه، يجب ألاّ نُسقط من حساباتنا أن الولاياتالمتحدة تبدو منهكة من الحربين الطويلتين اللتين خاضتهما فى العراق وأفغانستان، ومن الأزمة الاقتصادية الحادة التى تعصف بها، الأمر الذى جعل كثيرين يعتقدون أن إنهاكها هذا سيتسبب بتراجع رغبتها فى استمرار التدخل فى شئون الشرق الأوسط.
● لقد أكد أوباما منذ أول لحظة من زيارته التزامه الحفاظ على أمن إسرائيل، وعلى تفوقها العسكرى. وانعكس ذلك أكثر من أى شىء آخر فى قيامه بزيارة موقع منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ، والتى تدعم إدارته مشروع تطويرها. كما أنه، فى سياق لاحق من زيارته، هاجم كل مَن ينكر المحرقة النازية، وأكد أن دولة إسرائيل أقيمت كى تحول دون وقوع محرقة أُخرى. وقام
بوضع إكليل من الورود على ضريح ثيودور هيرتسل، الأمر الذى يعنى اعترافه بالفكرة الصهيونية، وشرعية الدولة اليهودية. ولم يترك أوباما أى فرصة سانحة فى أثناء الزيارة إلاّ وأكد فيها أن إسرائيل هى دولة قومية للشعب اليهودى، وأن الولاياتالمتحدة هى حليفها الأبدى.
● ولابُد من الإشارة إلى أن أوباما أبدى أيضا مظاهر تأييده غير المحدود لإسرائيل فى جميع اللقاءات والجلسات المغلقة التى عقدها مع زعماء الدولة، وجرى خلالها الحديث عن القضايا الجوهرية المتعلقة بمستقبل إسرائيل، وآفاق العلاقات الثنائية بينها وبين الولاياتالمتحدة. كما أنه أعرب عن تأييده غير القابل للتأويل لحقّ إسرائيل فى الدفاع عن نفسها.
● وليس من المبالغة القول إن هذه الزيارة أدّت أيضا إلى نشوء علاقات خاصة حميمة بين أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وتمثلت أول نتيجة لهذه العلاقات الخاصة والحميمة بين الزعيمين فى موافقة نتنياهو على طلب أوباما إجراء مصالحة سريعة بين إسرائيل وتركيا، والتى من شأنها أن تحسّن قدرة إسرائيل على أن تواجه التهديدات الحالية المحدقة بها، وخصوصا من جانب سوريا، وأن تعزّز تحالفها مع الولاياتالمتحدة.