ذكرت مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية أن اعتذار إسرائيل لتركيا عن حادث أسطول الحرية، جاء في وقت لم يعد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قلقًا من الانتقاد الشعبي؛ إزاء عودة العلاقات مع تركيا. واستهلت المجلة تقريرها، الذي بثته على موقعها الإلكتروني، لرصد الأسباب الواقفة وراء عودة العلاقات التركية - الإسرائيلية في هذا التوقيت بالذات، بذكر أن إقصاء وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، أفيجدور ليبرمان، ساهم في إزاحة العقبة الأكبر في طريق التسوية بالنسبة للجانب الإسرائيلي.
أما بالنسبة للجانب التركي، أوضحت المجلة أن القضية الفلسطينية تسببت في تدهور شعبية إسرائيل في الشارع التركي، في حين كان الخلاف بين البلدين يمثل قيمة سياسية بالنسبة لرئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الذي كان دومًا يلجأ لانتقاد إسرائيل لتلهية الرأي العام عن القضايا المحلية الحساسة.
لذلك، برزت المجلة الأمريكية أن الحديث حول اعتذار إسرائيل لتركيا كان يدور كثيرًا في الفترة الأخيرة، لكن من دون التأكيد بقبول تركيا ذلك الاعتذار.
ومع ذلك، ذكرت المجلة أن تطورات الأوضاع خلال الآونة الأخيرة، أشارت إلى أن تركيا أدركت أخيرًا أن لديها الكثير لفقدانه أكثر من جنيه بسبب قطع العلاقات مع إسرائيل، ويعود ذلك إلى حقيقة أن تركيا يمكنها الاستفادة من مساعدة إسرائيل في أعقد المشاكل، التي تواجه ملف سياستها الخارجية والمتمثلة في الحرب الأهلية السورية، والمخاوف من الأزمات الاقتصادية وقضايا أمن الطاقة.
ولفتت مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية إلى أن الأزمة السورية تشكل مشكلة كبيرة لتركيا، خاصة في ظل معاناتها من عجز تجاري حاد وتفاقم مشكلة اللاجئين على أراضيها، مما اضطرها أخيرًا إلى الاعتماد على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لتأمين حدودها من خلال نشر صواريخ "باتريوت" الاعتراضية.
وأوضحت أن جميع ما سبق لا يريح القادة الأتراك، بيد أن دخول قضية الأسلحة الكيماوية السورية حيز المعادلة تسبب أيضًا في تغيير حسابات تركيا؛ فهي أصبحت تحتاج حاليًا وأكثر من أي وقت مضى إلى معلومات استخباراتية جيدة وحلفاء يساعدونها على إنهاء الحرب الأهلية في سوريا، أو على الأقل يمنعون انتقالها عبر الحدود.
وأضافت أن تركيا لن تتحمل استخدام الأسلحة الكيماوية بأماكن قريبة من حدودها مع سوريا، فضلا عن حقيقة أنه في حال استمر الصراع على أشده في سوريا، فسوف تزداد احتمالات قرب استخدام هذه الأسلحة؛ لذلك فإن تركيا يمكن أن تستخدم المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية في مراقبة مخازن الأسلحة الكيماوية التابعة للرئيس السوري بشار الأسد.
وفي سياق متصل، رصدت المجلة الأمريكية سببًا آخر وراء عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وهو المتمثل في حاجة تركيا لمساعدة إسرائيل لسد العجز الذي تعانيه في مجال الطاقة، والناجم عن اعتماد البلاد على واردات الغاز الطبيعي والنفط من روسيا وإيران، بسبب عدم امتلاكها مصادر طبيعية بأراضيها.