بعيدا عن الصراع السياسي الذي يملأ شوارع القاهرة، وبعيدا عن أحداث العنف والاشتباكات، يخرج الآلاف من سكان القاهرة صباح كل يوم جمعة للركض في شوراع القاهرة، وإخراج طاقاتهم السلبية، أملا في حياة أفضل للفقراء. من باريس إلى القاهرة في 14 ديسمبر الماضي شكل مجموعة من المصريين صفحة على موقف فيس بوك الاجتماعي أطلقوا عليها اسم Cairo Runners ، أو عدّاءو القاهرة، هدفها دعوة سكان المدينة المزدحمة بالمشكلات والصراعات إلى الابتعاد ولو قليلا عن مشاكلهم، والجري في شوارع المدينة الجميلة صباح كل يوم جمعة، لمدة 15 أسبوعا متواليا، وكانت البداية بالجري لمدة 4 كيلو مترا، ازدادت تدريجيا حتى وصلت اليوم الجمعة 15 مارس 2013 إلى 15 كيلو مترا، ويسعى القائمون على الفكرة إلى تنظيم ماراثون لمسافة 22 كيلو مترا، في الجمعة ال15، يوزوعون فيه الجوائز على الفائزين، ويجمعون أموالا لإيصالها إلى الأحياء الفقيرة في مدينة القاهرة.
ولم يكن المهندس إبراهيم صفوت، أحد مؤسسي المجموعة على الفيس بوك، يتوقع أن يصل عدد المشاركين في الصفحة إلى 35 ألف شخص، مشيرا إلى أنه فكر في عمل المجموعة بعدما شاهد مجموعة شبيهة في باريس، فأنشأ المجموعة على الفيس بوك ومعه 15 من أصدقائه، مشيرا إلى أن أعداد المشاركين أصبحت كبيرة جدا، ومن جميع الأعمار، لدرجة تغلق الشارع عند نقطتي البداية والنهاية.
ويقول: "رغم أن المسافة تزيد أسبوعيا للوصول إلى مسافة الماراثون، إلا أننا ندرك أن هناك من يركضون للتسلية، لذلك يتم تخصيص مسارات قصيرة للركض، لمن يأتي للتسلية فقط"، ويضيف: "في كل جمعة ومع زيادة العدد أسبوعيا نحتاج إلى مزيد من المتطوعين لإرشاد الناس إلى الطريق ومساعدتهم عند الحاجة، والاطمئنان على سلامتهم طوال الطريق".
موعد مقدس
ورغم أن يوم الجمعة في مصر هو يوم إجازة، فإن كثيرا من سكان القاهرة أصبحوا يضبطون ساعاتهم للاستيقاظ في السادسة صباحا في يوم عطلتهم، للانضمام إلى أصدقائهم والركض في الشوارع الذي يبدأ عادة في السابعة صباح كل جمعة، في مكان مختلف يتم تحديده أسبوعيا على الصفحة الرسمية للمجموعة على موقع فيس بوك.
وتقول نيفين العارف، صحفية، إنها اعتادت الركض في النادي، لكنها عندما سمعت عن الفكرة قررت مشاركة أصدقائها، وتجربة الركض في الشارع، حتى أصبح موعد الركض موعدا مقدسا بالنسبة لها، لا يمكنها التخلي عنه، رغم المشقة التي تتكبدها في الاستيقاط مبكرا صباح يوم عطلتها الأسبوعية، لإخراج طاقتها السلبية.
وكان الركض في شوارع القاهرة حلما بالنسبة لرحاب منصور، تحقق من خلال "كايرو رانر"، وتشير إلى أنها اعتادت الركض في شوارع باريس عندما كانت تعيش هناك وهي في العاشرة من العمر.
فكرة مجنونة
ويقول عمر طعيمة: "عندما سمعت عن هذه الفكرة للمرة الأولى بدت لي كفكرة مجنونة ينفذها مجانين"، وتشير إلى أنها كانت خائفة في البداية من أن يتم التحرش بها جنسيا في الشارع، لكن ما حدث أنها استمتعت بالركض مع أصدقائها تحت شمس القاهرة الدافئة".
أما فرح مهاب، الطالبة في الجامعة الأمريكية، فتقول إنها ليست من الأشخاص الذين يستقيظون مبكرا، كما أنها تكره الجري، لكنها قررت منذ أسابيع أن تجرب الركض مع أصدقائها، وتضيف: "عندما بدأت الركض فكرت أنني يجب ألا أفعل مثل هذه الأشياء المجنونة، فركضت بعض الوقت، ثم أكملت المسافة مشيا".
وحاولت فرح الهروب في منتصف الطريق، والعودة إلى منزلها، لكن صديقتها أجبرتها على الاستمرار، وتقول: "لم أستمتع في المرة الأولى لكنني وجدت نفسي في الجمعة التالية أستيقظ مبكرا لأشارك أصدقائي في جولة ركض جديدة".