شهرا هى مجمل رحلة العذاب كما يطلقون عليها.. 14 شهرا غابوا فيها عن الأسرة وتعلقت أحلامهم باليوم الذى يخرجون فيه من تلك المتاهة، ليعودوا إلى أحضان الأمهات والأبناء.. 14 شهرا من اتهامٍ وصم مدينتهم بالكامل بالبلطجة، وسقط على أثره العديد من الشهداء. وشهدت تلك المدينة الباسلة أسوأ أيامها منذ حرب 1956، إلا أن الأفظع بالنسبة لهم ولذويهم هى نظرة باقى الدولة لهم باعتبارهم قتلة، والدماء التى أعلنوا أنهم يتحملون منذ الآن مسئولية القصاص لهم بالحرص على زيارة قبورهم بمجرد الوصول لبورسعيد، إنهم أصحاب البراءات فى قضية مذبحة الألتراس.. «الشروق» التقت 5 منهم ليرووا لها ذكرياتهم عن المذبحة والسجن ودمار بورسعيد.
"وكيل النيابة قال لنا: لو كان جمهور أى نادى تانى كان اتلف فى جرايد واترمى، ولكنه جمهور الأهلى" هكذا بدأ محمد هانى الشهير ب«الأكوا» حديثه، مشددا أن النيابة لم تكن حيادية منذ بداية التحقيقات معهم.
وكشف هانى عن أنهم لقوا معاملة سيئة للغاية داخل السجن، خاصة داخل سجن طرة الذى تم تركهم فيه ثلاثة أيام دون طعام أو إنارة، كما تم الاعتداء عليهم بالضرب وحبسهم فى زنازين انفرادية فيما يعرف بالتأديب.
وأوضح «الأكوا» أن الحاصلين على البراءات لم يحددوا خطتهم بخصوص زملائهم المحكوم عليهم، إلا أنه بصورة شخصية لن يتخلى عنهم حتى لو اضطر للتضحية بروحه فى سبيل إظهار براءتهم، موجهًا رسالة للرئيس محمد مرسى قائلاً له: «حسبى الله ونعم الوكيل» بسبب ما شهدته بورسعيد.
أما محمد محمد شعبان الشهير ب«طاطا»، فقد حرص على توجيه رسالة للرئيس محمد مرسى قائلاً: «انت رئيس ظالم»، مضيفا أنه كان أحد أفراد اللجنة الشعبية التى كونها ألتراس «الجرين إيجلز» لتأمين المباراة. واتهم طاطا وزارة الداخلية بالعمل على تدبير المذبحة قائلاً: «كان مقصودًا أن ألتراس الأهلى ينضرب ويموت»، مشيرا إلى أن الأمن اختفى من الاستاد، كما تم ترك الأبواب الأربعة الموصلة للاستاد دون حراسة أو تأمين، مشددا أن مهمة اللجنة الشعبية كانت فى منع الجماهير التى نزلت إلى أرض الملعب من دخوله، وإعادتهم مرة أخرى للمدرجات، وهذا ما جعل التقاط صورهم داخل الملعب أمرًا طبيعيًا، إلا أنه بموجب هذه الصور فوجئ باتهامه بأنه أحد مرتكبى الواقعة مما دفعه إلى تسليم نفسه.
المعاملة السيئة التى أكد عليها طاطا فى النيابة تكررت فى السجن خاصة بعد صدور حكم إحالة الأوراق إلى فضيلة المفتى، حيث كشف طاطا عن أنه تم نقله وزملائه إلى سجن وادى النطرون معصوبى الأعين ومقيدين من الخلف.
ويؤكد محمد نصر- يعمل تاجرا وأحد المحكوم لهم بالبراءة- على التنكيل بهم أثناء نقلهم لسجن وادى النطرون، حيث تم تكميمهم طوال الطريق حتى مدينة الإسماعيلية مع تهديدهم بالقتل من الضباط، مؤكدا أن المتهمين بالكامل رأوا ما حدث من سقوط القتلى أمام السجن، حيث أصيب عدد منهم بالانهيار، وبعدها عاقبتهم قوات السجن بقطع الإنارة عنهم لمدة 3 أيام كاملة.
أما على الطحان فقد اختار أن يوجه رسالة إلى الرئيس محمد مرسى قائلاً: «ارحل» مشيرًا إلى أنه استخدم منتهى القسوة مع بورسعيد التى لا تستحق ذلك من رئيس مصر الذى من المفترض أن يكون قدوة لغيره، مشددا أن أهل بورسعيد لن يتركوا دم أهلهم من مصابين وشهداء ومظلومين موجودين فى السجن، وكما أجبر ألتراس الأهلى الدولة على القيام بما يريده فإن بورسعيد قادرة على إجبار النظام على الاستجابة للحق.
ويصف الطحان يوم صدور الأحكام على عدد من المتهمين بالإعدام، بأنه كان يوما سيئا ومخيفا، بالإضافة إلى الاشتباكات التى جرت خارج السجن، وكنا نشاهد فوارغ الرصاص التى تسقط أمام الزنازين، فكان كل شخص منا يخشى أن يكون أهله ضمن الذين سقطوا برصاص الداخلية، بالإضافة إلى إحساسنا بالخوف على أهل بورسعيد الذين نراهم يتم اصطيادهم بالرصاص من أعلى السجن دون القدرة على حمايتهم.
أما أحمد عادل فقد عرف بقرار اتهامه من الإعلام، مشيرا إلى أنه بعد المباراة ذهب إلى عمله لمدة 11 يومًا ومارس حياته بصورة طبيعية، حتى شاهد عددا من البرامج الرياضية تروج إلى أنه أحد مرتكبى الواقعة بعد نشر صورته داخل الاستاد مما دفعه إلى تسليم نفسه.