صدرت المجموعة القصصية الأولى «فراش ناعم» للكاتب المسرحى خالد السيد وهدان، بعد رحلة طويلة مع الإصدارات والجوائز المسرحية، وتتناول فيها فنون العلاقات الزوجية والحياة داخل البيوت، وما يحدث فيها من حب وجذب ولقاء وخصام، وترسخ لقيم الرومنسية والحب والعاطفة المفتقدة فى البيت المصرى والعربى. ونُشرت المجموعة القصصية «فراش ناعم»، سلسلة أدباء ماسبيرو بالتليفزيون المصرى، 2013، ويقول فى مقدمتها القصة القصيرة نهر من دروب الأدب والفنون التى سبحت فيها، بعد المسرح والدراسات النقدية والسياسية والسيناريو.
رصدت المجموعة القصصية، العديد من الظواهر السلبية المنتشرة فى المجتمع المصرى والعربى خلال مراحل الزواج، وافتقار الطرفين لصيغة التفاهم والحب، ويستمرون فى تجربتهم بلا أدنى تفكير، وتمر الأيام وتقع المشكلات ويحدث طلاق سريع كما حدث زواج سريع، لتخبر التجربة الشخص الذكى الواعى بتجربته، أن إقامة البيوت شىء صعب، ولابد من الاعداد له نفسيا واجتماعيا قبل أن يكون ماليا وجنسيا. وأن كافة الأمور من البداية كان يمكن أن تسير فى الطريق الصحيح باتباع منهج الدين والحب الذى يدعو له الكاتب فى مجمل قصصه.
وتعتبر المجموعة القصصية تجربة مهمة تعرض لها المؤلف فى كافة مناحى حياته ومع كل ما يدور من حوله، والتمس منها الحكمة وفهم طبيعة الناس والمرأة بعدما تجاوز سن الأربعين بسنوات، وما تتسم هذه المرحلة بالنضج الشديد، وأهمية السعى للإجابة على المصيرية فى الحياة، لكى يسير بلا أثقال فوق قلبه وعقله.
لا تتوقف المجموعة فى كل قصة من قصصها طرح العديد من الأسئلة المهمة حول الحياة والسعادة التى تعتبر مسعى مهم جدًا للإنسان فى مراحل حياتهم حسب احتياجاتهم وتفكيرهم وطبقتهم الاجتماعية، وكيفية بلوغ الإنسان ما يصبو إليه قلبه ونفسه من راحة وهناء، فى زمن يصعب فيه التواصل مع الناس والحياة بالشكل الكلاسيكى القديم.
يلتمس «فراش ناعم» أخبار الناس بشكل أدبى مبهر أن الحب والرومانسيات بين الرجل والمرأة فى البيت العربى، لا بد أن يأتى على قائمة أوليات حياتهم، فى ظل الظروف السياسية التى يمر بها العالم العربى ودول الربيع العربى، وزيادة الغلاء، ولجوء الناس للمواقع الإلكترونية لإنفاق أهم أوقات حياتهم، من أجل البحث عن قضية ينشغلون بها، فى ظل حالة الجمود التى تنتاب حياتهم بسبب قلة الحب والحنان فى البيوت.
يدعو الكتاب إلى إرجاع كافة مراحل الإنسان الأسرية إلى التعليم المؤسسى والدينى، فى ظل غياب الأسرة الناصحة للبنت والولد عن كيفية إدارتها حياتهما فى أيامهما الأولى، والتماس الحكمة من غير المتخصص ولمواقع إلكترونية تضر أكثر مما تفيد. وتمر الحياة وتبقى أثارها النفسية كامنة فى القلوب إلى الأبد.
تطرح «فراش ناعم» العديد من الأسئلة المهمة لدى الإنسان الذى يمعن النظر فى كل ما حوله فى حياته وحياة الآخرين، آملا فى الوصول إلى إجابات تريحه وترضى حياته وشغفه للمضى قدما بلا معاناة، أجوبة معقولة لا تتعارض مع الأعراف والتقاليد والأديان. ولعل أبرز تلك الأسئلة، ما يعرف بالطلاق والزواج الثانى، للوقوف ثانية بعد تعثر.
كما تتناول المجموعة القصصية نظرة المجتمع للمرأة التى تسعى للارتباط لاستقرار حياتها، أو خوض تجربة الحب والزواج الثانى بعد فقدان عائل الأسرة، لمساعدتها ودعمها نفسيا وإنسانيا، بدلا من أن تمضى فى الحياة بمفردها تعانى غياب شريك الرأى والفراش الخشن.
يتعرض «فراش ناعم» للعديد من القضايا الشائكة حول العلاقات العاطفية والخاصة داخل غرف النوم، وما بها من قصص وحكايات مؤلمة، نتيجة الخجل وقلة الوعى لتنعكس سلبيا على مجمل الحياة الأسرية، وقد تدفع أحد الأطراف إلى الإقدام على قرارات خطيرة تضر بالحياة الاجتماعية.
وعن تجربته فى القصة القصيرة، يقول: وجدتها كاميرا لحظية أسجل بواسطتها لحظات مفصلية فى حياة الناس والشعوب ونفسى؛ ومن يقرأ المجموعة القصصية «فراش ناعم» من الخارج، يجدها كادًرا واحدًا مليئًا بالتفصيلات اللانهائية، تفاصيل قد تتشابه وتكرر فى حياة الإنسان والإنسانية، لكن دراميتها تختلف حسب تجربة كل إنسان، ومدى فهمه للأمور، ونظرته للأشياء وما يدور من حوله.
ويمضى بحديثه: لكن.. من يقرأها من الداخل والخارج، بإحساس الإنسان الذى وعى تجارب الحياة التى مرت وتمر عليه، ويضع قصص المجموعة بجوار بعضها البعض، يجدها شريطا سينمائيا ممتدًا، كأنها رواية مجزأة أو حياة متقطعة، وأيضا موصولة بمدى اهتمام وحكمة المتلقى فى رصد الأشياء وفهم ما يطرح عليه من أفكار وفنون وآداب وتجارب حياتية، وكذلك وعيه بلعبة القص والحكى وتقلبات الإنسان داخل الدراما وفى الحياة.
ويشير المؤلف عن تجربة «فراش ناعم»، بقوله: هى أول مجموعة قصصية أكتبها، وقد دفعت إليها دفعا، بسبب العالم الافتراضى "الإنترنت"، بعدما تعثرت فى التواصل عبر المواقع الاجتماعية بإنتاجى المسرحى الذى يتطلب الوقت والجهد، لطول النص وكثرة تفصيلاته، لإدراك أبعاده الدرامية. كانت وما زالت صدفة خلابة.
وكتاب «فراش ناعم» بأسلوب فصحى سهل وبسيط يصل إلى ذهن المتلقى العادى، ويجد فيه المتخصص متعة القراءة والحكى والسرد والإنسانيات التى نفتقدها فى حياتنا.
تدق المجموعة القصصية ناقوس الخطر تجاه الذى يمكن فى البيوت بسبب غياب الحب والحوار الأسرى، وتكشف الزلات الإنسانية التى يقع فيها الأزواح والزوجات بسبب الحرمان العاطفى على مواقع التواصل الاجتماعى، وما يتبعه من قلق نفسى وعاطفى يعود أثره بالسلب على البيوت والعلاقات الخاصة.
والراصد لأسماء القصص المنشورة «رائحتها، طلاق، انفصال، الأزهار، عصفورة، عروس، الإنجاب، الأنثى، فراشتى، ومغتصبة» يجدها تحمل فى طياتها نون النسوة، وما يشغل بالها ويحير حياتها فى العصر الحديث.. لكنها كتبت بقلم رجل حاول فهم كل ما يجول بخاطرها من أفكار وطموحات، فى ظل ما يردد بأنه عصر المرأة، وصدور الكثير من القوانيين التى تحمى حقوقها بل امتدت لحقوق الرجل لتحصينها أكثر كما فى قانون الأحوال الشخصية المصرى.
ونجد القصص المنشورة لا تنفصل عن الواقع أبدا، بالرغم من رومنيستها وخيالها الجامع المحبب للقارئ، فهى تتحدث عن واقعنا المعاش لحظة بلحظة، وما يحدث فى البيوت والغرف الخاصة، كأننا نعيش حياتنا على الورق ونراه أمامنا ونقوم به أيضا.
وتوجد العديد من القصص التى تقارن الحياة العربية وما بها من عادات وتقاليد وأعراف صعبة ترهق كثيرًا الرجل والمرأة ، خلال العديد من مراحل عمرهم وتجربتهم الإنسانية، مثل الإقدام على الزواج والطلاق، وما يقابله من مرونة فى الحياة الغربية التى تيسر على أصحابها أيام حياتهم بلا تعقيدات الشرق.
القصص القصيرة «فراش ناعم» لا تجد غير الحب والدين سبيلا لسعادة الأسرة المصرية والعربية، فهما زاد يومى لحياة سعيدة، تستمر فى حضن بيت دافئ قائم على المودة والرحمة.
ويصف خالد السيد وهدان «فراش ناعم» بأنه "يهمس لكل الناس أن تكون قلوبهم ناعمة ولينة وفرشهم حريرية وممتعة، وأرق مما هى عليه الآن من ألم وأرق".
وعن علاقة الكتاب بالثورة المصرية يقول: تتجلى علاقة المجموعة بالثورة المصرية فى إعادة بناء الناس لبيوتهم الخشنة، بقلوب عامرة بالحب، مثلما هدموا نظامهم الفاسد، بالشجاعة.
ويذكر أن للمؤلف مسلسلا بعنوان: شخصيات من نور، تحت الإنتاج، يرصد فى 100 حلقة أهم الشخصيات التى أثرت فى القرن العشرين فى كافة المجالات.
وللمؤلف 150 مقالا سياسيا نشرت فى الصحافة العربية، و15مؤلفا مسرحيا وسياسيا، بتقديم سعد الدين وهبة ومحفوظ عبد الرحمن والدكتور عبد المعطى شعراوى وسامى خشبة وفهمى هويدى والدكتور محمد عباس والدكتور رفعت سيد أحمد.
وهو أيضا حاصل على جائزة تيمور المسرحية مرتين عامى 1997 و2003 عن نصين، الأول الحياة على إيقاعات الموت، صادر عن الهيئة العامة للكتاب 1998م ،تقديم د. حسين عبد القادر، والثانى أخبار الربيع صادر عن الهيئة العامة للكتاب 2005م، تقديم سعد الدين وهبة ومحفوظ عبد الرحمن. وحاصل على جائزة اتحاد الكتاب عن مسرحية أخبار الربيع 2005 م. وقام بمسرحة الإلياذة بالكامل لأول مرة فى نص حصان طروادة عام 2008م.