يتزايد في مصر عدد الناشطين السياسيين الذين يُختطفون على يد "جهات غير معلومة"، ويتم العثور عليهم وعلى أجسادهم آثار تعذيب كحالة الناشط محمد الجندي. فمن المسؤول عما يحدث؟ وهل يكفي مجرد اتهام السلطة الجديدة برئاسة مرسي بذلك؟ قالت وكالة دوتش فيله الإخبارية فى تقرير لها حول تلك القضية نشر اليوم : "يقول مالك عدلي، المحامي والناشط ب "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، إن "الاختلاف بين التعذيب في عهد مبارك والتعذيب في عهد مرسي يكمن في الزيادة المطردة في حالات التعذيب والخطف، الموجهة خاصة ضد الناشطين السياسيين، مما يمكن أن يصنف كجرائم اغتيال سياسي أصلاً، هذا لم يحدث في عهد مبارك". ويشرح عدلي وجهة نظره بالقول إن الناشط السياسي الوحيد الذي مات قبل 28 يناير، وبفعل التعذيب، وخلال عشرين عاما من حكم مبارك، كان عبد الحارث مدني، الذي توفى عام 1994، هناك آخرون توفوا بفعل التعذيب بالطبع، مثل خالد سعيد، لكنهم لم يكونوا ناشطين سياسيين".
وتابع التقرير :" ولكن هناك جهات مجهولة تقوم بخطف النشطاء أيضاً وتعذيبهم، ومن الصعب جدا معرفة الفاعل الحقيقي. يقول عدلي ضرب مواطن لمواطن، كما حدث في المعركة التي دارت أمام قصر الاتحادية بين مؤيدي ومعارضي مرسي، لا تندرج قانونا تحت فكرة "التعذيب"، وإنما تصنف ك "شروع في قتل"، ولكن مع هذا فحكومة مرسي هي المسؤولة سياسيًا عن هذا: "أية سلطة عليها تحمل مسؤوليتها في سلامة المعارضين السياسيين. من يقوم بخطف النشطاء وتعذيبهم هو واحد من اثنين، إما السلطات التابعة لمرسي، مثل الداخلية، أو أنصاره السياسيون، وفي الحالتين هو مكلف بحماية المعارضين منهم".
وأضافت دوتش فيله :" بعد انتهاء 100 يوم من حكم الرئيس محمد مرسي، وهي الفترة التي طرح فيها برنامجه لحل مشاكل مصر، نشر مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب تقريرا عن حالات التعذيب التي جرت في هذه الفترة من حكمه. ويفيد التقرير أن هناك 34 حالة قتل و88 حالة تعذيب، في المائة يوم الأولى فقط من حكم مرسي. تقول عايدة سيف الدولة، وهي مديرة مركز النديم، بأنهم في المركز استقبلوا نشطاء سياسيين تعرضوا للتعذيب في عهد مرسي أكثر بكثير مما استقبلوا تحت حكم مبارك، وتضيف: "وقد يكون سبب ذلك أن أغلب عمليات الاعتقال تتم على إثر احتجاجات واسعة يتم فضها بالعنف ويتبعها عمليات قبض عشوائي إلى جانب القبض على رموز بعينها. في هذه الحالات يصبح التعذيب جماعيا وهو ما شاهدناه أيضا تحت حكم العسكر"، كما تشير لظاهرة الاختطاف والاختفاء، حيث يظهر البعض بعد عدة أيام وعليهم آثار تعذيب رهيبة أدت في حالة محمد الجندي مثلا إلى الموت، وأحيانا لا يظهر المختفون، ونظرا لأن الفاعلين في هذه الحالة عادة ما يكونون "جهات غير معلومة" فإن البحث عنهم يقتصر على المستشفيات وأقسام الشرطة والمشارح. وفي أحيان قليلة وجدهم الأهل في المشارح، أو يظهرون في أقسام النيابة العامة لكن أغلب الحالات لا تظهر.
وأوضح التقرير : "ولكن من الذي يقوم بالتعذيب، هل يمكننا القول ببساطة إنهم من أنصار مرسي؟. ترى سيف الدولة أن مرسي هو المسؤول سياسيا عن ممارسات الإخوان وواجهتهم السياسية حزب العدالة والحرية (الحزب الحاكم). وتضيف سيف الدولة أن جهات الدولة السيادية مسنودة من مؤسسة الرئاسة قائلة: "ما حدث مثلاً في أحداث الاتحادية الأولى (قصر الرئاسة) من اختطاف وتعذيب داخل غرفة في سور قصر الرئاسة لا يمكن وصفه بأنه بتخطيط من جهات غير معلومة، وحين طلبت النيابة تسليم المحتجزين للتحقيق تم رفض الطلب واضطرت النيابة إلى التوجه إلى القصر لاستلام المحجوزين بكل ما عليهم من إصابات وجروح. هذا تصرف لا يمكن أن يأتي من النيابة إلا إذا كان القائمون على الاحتجاز مسنودين من السلطة".
"جبهة الإنقاذ هي المسؤولة"
وقال التقرير : "لكن على الناحية الأخرى، فإن مراد علي، وهو المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين) يقول إن هناك الكثير من المبالغة فيما يتم تناوله من حديث حول ضحايا التعذيب في مصر: "هناك حمادة صابر والذي تعرض للسحل وكان أجيرا، يتم تأجيره في المظاهرات ضد مرسي، وشارك من قبل في مظاهرات لتأييد حسني مبارك". ولم يكتف علي بذلك بل مضى إلى حد تحميل "جبهة الإنقاذ (المعارضة) وغيرهم من البلطجية ممن ينزلون المظاهرات" مسؤولية العنف المتصاعد في الشارع.
ويعرب علي عن اعتقاده بأن العنف قادم من الاتجاه المعادي للإخوان وأن الأخيرين قدموا ضحايا في المواجهات مع الجهة الأخرى. ويعدد ضحايا الإخوان في المواجهات قائلا: "في الاتحادية سقط عشرة شهداء، جميعهم من الإخوان باستثناء الحسيني أبو ضيف الذي قتل وهو واقف في صفوف الإخوان". وينفي المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة المسؤولية السياسية لمرسي في تعذيب المعارضين بالقول: "لا أفهم موضوع أن مرسي مسؤول سياسيًا. هناك مجرمون يحرقون مقار الإخوان ويحاولون اقتحام القصر الرئاسي ويلقون عليه بقنابل المولوتوف ويغلقون مجمع التحرير ويعتدون على محكمة كفر الزيات. هل مرسي مسؤول عنهم"؟