قال الكاتب والروائي الشاب أسامة حبشي، إن الثورة كلمة أنهكها كثرة ترددها على ألسنتنا، لافتا إلى أن الثقافة في واد والثورة في واد آخر، وإنه إذا أردنا انتظار الإفراز الثقافي للثورة علينا أن ننتظر أعواما عدةعلى أقل تقدير. وأكد حبشي أن موجة الشباب في الإبداع بدأت مع مطلع الألفية الثانية وليس مع نسائم الربيع العربي، وهناك نماذج جديدة كثيرة وجديرة بالإهتمام والدراسة، ولكن للأسف ما زلنا في مناخ ثقافي عقيم وملتبس وما زالت أجيال عدة في طي النسيان.
وأضاف، أن الثقافة تحتاج لتطهير وليس لثورة، ونحتاج لفهم آخر لكلمة مثقف أو ثقافة، خاصة ونحن في عصر قد أعلن موت الإنسان منذ الثمانينات على إثر ظهور الإنترت والحاسوب الذى بدأ يحل محل العقل في الإنسان، والغريب أن العالم العربي مازال في طور ثقافة تنتمي لستينات القرن الماضي، وليست لما بعد الألفية الثانية ولمرحلة بعد ما بعد الحداثة.
وتابع حبشى قائلا: إننا في لحظة التشظي الثقافي الكوني والمحلي في آن، ومازلنا نناضل ثقافيا ضد السرديات الكبرى وتسلطها لفرض نماذج بعينها ومن هو خارج أطرها لا يعترف به، والمشكلة من الأساس كما أراها ليست فى الإبداع بقدر ما هي في النقد وفي فهم آليات الكتابة نفسها، ومن ثم فالثورة لاتزال بعيدة تماما عن إفراز إبداعها الثقافى.
وقال حبشى: إن من المؤكد أن هناك كتابات متناثرة ساهمت في تشكيل الوعي لدى العديد من طبقات الشعب، وأهمها كتابات نجيب محفوظ طبعا، ولكن هذه الكتابات ظلت حبيسة المقاهي والطبقة المتعلمة التي لها ميل للأدب.
وتابع قائلا: لكن الأدب لم يشعل الثورة، وإنما كان مواكبا لها، فالألتراس مثلا كظاهرة اجتماعية أحدثت ما عجز عن إحداثه ثلاثة أجيال من مثقفي مصر بدءا من جيل الستينيات وحتى جيل التسعينيات نفسه، وبشكل عام إذا قرأت أية رواية من أية دولة تستطيع باطمئنان أن تقول إنها تنبأت بالثورة، لأن الأدب في جوهره إعادة تشكيل ونقد للواقع المعاش أو الماضي ذاته، لذا سمعنا كثيرا الهراء الذي تكرر حيث كل "من هب ودب" يعلن أن أعماله تنبأت بالثورة.
وأضاف حبشي، أن الثورة لا تصل لمكان ما مثل حافلة الركاب، ولكن من ينتظرها لا بد وأن يكون بداخله ثورة ما أصلا، لذا لم تصل الثورة للثقافة سواء فى الوزارة أو على مستوى خارج أطر الوزارة نفسها ممثلة في المثقفين أنفسهم. وأشار إلى أن المثقفين يتعاملون مع الثورة بمنطق "الفيس بوك"، وبمنطق الذهاب للميدان من أجل إثبات حضور فقط، فمثلا هل نجح المثقفون في الحشد لمن يمثلهم باللجنة التأسيسة للدستور؟ بالطبع فشلوا فشلا ذريعا، والحقيقة أن من يسيطر على الثقافة في مصر بالفعل عاجزون عن إدراك الثورية في أفعالهم بدليل تعاملهم منذ عامين مع وزارة تتبدل فقط كراسيها ولا تتبدل وجهة نظرها في رؤية جديدة فاعلة ثقافية مؤثرة ومعبرة عن روح ثورة مجيدة كثورة 25 يناير، وأخيرا الأمل ليس في مثقفى مصر بقدر ما هو في إدراك الأجيال الناشئة لمفهوم الوعي والحرية.