أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الإيمان الراسخ بالتعبير عن الرأي وتقبل الانتقاد الإيجابي وفق الأطر القانونية تجنبا للفوضى، مشيرا إلى ما تشهده الساحة المحلية الكويتية من مظاهر الفوضى وتجاوز القانون والانحراف بالخطاب السياسي، وممارسات سلبية غريبة وطارئة على المجتمع الكويتي وما عرف به من مبادىء الاحترام المتبادل والاعتدال والتسامح وقبول الرأي والرأي الأخر. وقال أمير الكويت، في كلمة ألقاها في افتتاح دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة: "التطور سنة الحياة والمجتمع الواعي يختار لنفسه الأمثل الذي يحقق آماله وتطلعاته وينسجم مع قدراته وإمكاناته، على قاعدة راسخة من التوافق والحوار الإيجابي البناء دون المساس بتماسك وأمن واستقرار المجتمع".
وطالب أمير الكويت، بالالتزام بالقنوات القانونية والدستورية في جميع الممارسات بعيدا عن سياسة الانتقاء والتخوين، وقال: "حق التعبير والاختلاف أدوات أساسية في كل النظم الديمقراطية دون المساس بالوطن وثوابته وتماسك المجتمع".
ودعا إلى أخذ الحيطة والحذر في ظل الظروف التي تعصف بالمنطقة، وقال: "إن هذه الممارسات لا تصون وطنا ولا تعزز أمنا واستقرارا ولا تجعل من الباطل حقا، بل هي بالتأكيد دعوة لهدر المكتسبات الوطنية وانتكاسة حضارية لا تعكس إيمانا حقيقيا بالديمقراطية ولا بدولة القانون والمؤسسات، مؤكدا القدرة على طي هذه الصفحة وتجاوز آثارها والانطلاق نحو العمل الإيجابي المثمر الذي يحقق الآمال والتطلعات"، داعيا إلى حسن استثمار الحرية والديمقراطية وإلا تكون وبالا على الوطن، ونتعلم كيف نختلف دون أن يتحول الخلاف إلى خصام وعداء وصراع.
وشدد على الإيمان الصادق بالنهج الديمقراطي والالتزام بالدستور، ولن نسمح بالمساس به أو التعدي عليه، أنه الضمانة الأساسية لأمن الوطن واستقراره، وكرامة الكويت ستظل مصانة وعاصية على كل من يحاول المساس أو النيل منها.
ووجه الأمير رسالة إلى الحكومة الكويتية الجديدة، أكد فيها أن أولى خطوات الإصلاح تبدأ بالاعتراف بالخلل وحسن تشخيصه، وقال إن على الحكومة مسؤولية التخطيط الواقعي السليم وإعداد برنامج عمل واضح المعالم قابل للتنفيذ، فلا تتجاوز الطموحات الإمكانات، يراعي الأولويات يضع الأهم قبل المهم ويستهدف بناء الإنسان قبل المكان يتلمس هموم المواطنين ومشاكلهم، ويرتقي بالخدمات العامة ويجسد الالتزام الجاد بتطبيق القانون بلا تهاون ويحارب آفات الفساد والواسطة، تلتزم فيه خطوات التنفيذ بجدول زمني محدد المواعيد مشمولا بأدوات متابعة التقويم وآليات الثواب والعقاب الكفيلة بانضباط العمل وتحقيق الإنجاز المطلوب.
وقال أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح: "إنه على مجلس الأمة مسئولية إصلاح المؤسسة التشريعية وتعزيز دورها الإيجابي الحيوي في دفع مسيرة الإنجاز الوطني، وتصويب ممارسة العمل البرلماني وتنقيته من الشوائب التي تعيق أداء دوره الحيوي في التشريع الايجابي، والرقابة الموضوعية الجادة والنأي به عن النزعات الطائفية والقبلية والفئوية والمصالح الضيقة، وضمان الارتقاء بلغة الحوار وتجاوز الجدل العقيم الذي يبدد الجهد والوقت والطاقات والعمل على احترام الحدود الفاصلة بين السلطات، وتفعيل التعاون الحتمي البناء مع الحكومة لإزالة كل أسباب الاحتقانات التي تعرقل تكامل الجهود وانسجامها وتدفع عجلة الإنجاز".
وأكد أن للإعلام دورا رائدا في تعزيز التلاحم الوطني ونبذ كل ما من شأنه بث الفتنة والفرقة بين صفوف المجتمع، وأن تحرص على أن تكون أدوات للبناء والتنمية وداعمة للتقارب والتلاحم ولكل رأي مستنير يخدم المصلحة العامة، حريصة على التمسك بثوابتنا الوطنية وقيمنا الأصيلة ملتزمة بالقانون وبمقتضيات الحرية المسؤولة والمصلحة الوطنية في أداء رسالتها السامية.
ودعا الشباب إلى أن يكونوا أشد وعيا ونضجا وبصيرة في تكوين قناعاتهم ومواقفهم واختيار الطريق الذي يحقق مصلحتهم وخير الوطن، وأن يدركوا أن كل مسألة يتسع فيها الأمر لأكثر من رأي واجتهاد وأن حق التعبير وحق الاختلاف أدوات أساسية في أي نظام ديمقراطي، وقال: "إن القوانين والأنظمة تسمح بمساحة واسعة وأساليب متعددة للتعبير بكل حرية واطمئنان دون مخالفة القانون أو الإساءة للغير أو المساس بالثوابت والقيم التي نحرص جميعا على احترامها، وأن الحماسة وقود يعزز الإرادة، ولكن إذا غاب عنها الوعي والحكمة وحسن التقدير تحيد عن مبتغاها وتفقد جدواها".