«أن تعرف شعار الإخوان المسلمين بمجرد النظر إليه شيء، وأن تشعر به شىء آخر، لم يكن المصحف والسيفان يمران أمامي مرور الكرام، إنهما يمثلان مرحلة أساسية في حياتي».. هكذا بدأ «أحمد العجوز» حديثه عن جماعة الإخوان المسلمين كما يراها.. «كنت أبحث عن التوازن بين العمل بكتاب الله، وبين آيات الجهاد التي كانت تملأ مسامعي، دون أن أعيش منعزلا عن المجتمع.. هكذا توصلت لدعوة الإخوان»، يقول أحمد، الذي يعتبر نموذجًا خاصًا لا يتكرر كثيرًا في الجماعة، فقد اختارها بنفسه، دون أن يختاره أحد أعضائها كما في «الدعوة الفردية» ولا «الوراثة» كما يحدث من أبناء الإخوان، وهما الطريقان الأبرز لتصبح إخوانيًا.
يضيف العجوز: «قرأت عن الإخوان وعن فكر الإمام حسن البنا -رحمه الله-، ووجدت فيه الكثير مما في داخلي، وكان الأقرب إلى عقلي بفكره الوسطي، فسعيت للتعرف على جماعة الإخوان، وحاولت الانتماء إليها اقتناعا بها».
وللانضمام إلى جماعة الإخوان ركائز أساسية؛ من ضمنها «البيعة»، وهي وفقا للعجوز: «أن تبايع على 10 أركان، هي الفهم، الإخلاص، العمل، الجهاد، الثقة، التضحية، الطاعة، الثبات، التجرد، الأخوة».
و«السمع والطاعة» أحد أركان البيعة داخل جماعة الإخوان، لكنهم دائما ما يصفونها ب«الطاعة المبصرة»؛ بمعنى أنك يجب أن تفهم وتقتنع، قبل أن تنفذ، وهذا ما نتربى عليه، وفقا لأحمد العجوز، الذي يرد على انتقاد هذا المبدأ الإخواني بقوله: «نتيجة للظروف التي مرت بها الجماعة، وعلى رأسها الضغط الأمني، وأوهام البعض عن التنظيم السري، ولصعوبة توضيح جميع المواقف لأفراد الجماعة لأسباب كثيرة، علا صوت أحد "الثقة" على أركان البيعة الأخرى، وأصبح على الإخواني أن يثق في قيادته وقراراتها؛ ليس لأنها صحيحة 100%، ولكن لأنها أخذت طبقًا لمبدأ الشورى المتبع داخل الجماعة».
ويواصل العجوز: «فكر الجماعة أكبر من مصر ومن الوطن العربي كله، إنه انتماء للإسلام ورغبة في الخلافة الإسلامية، ليس بمعناها التقليدي، بل بأن تكون لكل المسلمين في العالم كلمة واحدة وموقف واحد»، لكن ذلك لا يقلل من وطنية الإخوان، «فهم يرون أن انتمائهم لوطنهم مصر تحقيق للفكرة التي يسعون لتحقيقها.. أشهد أنهم أحرص الناس وأكثرهم حبا لهذا الوطن»، وفقا للعجوز.
ويكسر العجوز القواعد المعروفة، فينتقد الجماعة علنا، ويرى أنها ليست معصومة من الخطأ، ويبرر الهجوم الشديد على الجماعة بانغلاقها علي نفسها، مقسما مهاجمي الجماعة إلى: «شخص لا يعرف الإخوان ويصدق كل ما يقال عنها، أو شخص عرف الجماعة واصطدم بها، والصنف الثالث هم أعداء أي عمل ناحج؛ فالجماعة هي الكيان الوحيد الذي استطاع أن يستمر عبر كل تلك العقود، رغم كل الصعوبات والمعوقات».
يحاول أحمد العجوز أن يخرج عن المعتاد، دون أن يخرج على جماعة عشقها وآمن بفكرتها، حتى لو اختلف مع طريقة التنفيذ، يراها «محاولة للتطبيق العملي لتجربة إسلامية تقوم بالأساس علي وسطية الإسلام بمفهومها الشامل»، لكنه يقول إنه لا يعرف موقفه من وسيلة تنفيذ هذه الفكرة، من خلال التنظيم الذى عمل به قرابة العشر سنوات، دون أن يعرف أين هو منه.
تجربة العجوز داخل هيكل الجماعة فما يقارب العقد من الزمن ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.. فنحن أمام جماعة تمر بنقطة تحول معقدة في المشهد السياسي، ليس المصري فقط بل والعالمي كذلك.. محاولة من فرد إخواني اختار أن يفكر «خارج السياق»، تجربة قد تجعل المشهد أكثر وضوحًا لمن يراقب الجماعة من خارج أطرها التنظيمية.