متظاهر من الذين شاركوا فى طرد معتصمى المعارضة من أمام قصر الاتحادية قال: إن معظم المعتصمين من المعارضة مندسون مسيحيون، وسألوه: وكيف عرفت أن هناك مندسين مسيحيين؟! فرد: سمعتهم بيتكلموا مسيحى مكسر!!. أقسم بالله لم أصدق أن ذلك حدث لولا أن صديقا أثق فيه أكد أنه سمع هذا الكلام، وترددت فى كتابة هذه الكلمات حتى رأيت بعينى الفيديو الشهير لأحد المتظاهرين المنتمين للتيار الإسلامى وهو يصرخ أمام الكاميرا ممسكا بعلبة «جبنة نستو» ضبطها فى أحد خيام المعتصمين قائلا: «جبنة نستو يا معفنين.. يا بتوع البرادعى». ومتظاهر آخر يعتقد أن المعارضة عملاء وجواسيس لأنهم ضبطوا فى خيامهم علبة فول ماركة «أمريكانا».
عند هذه اللحظة أدركت أن هناك مشكلة كبرى جدا جدا سوف نواجهها كثيرا فى المستقبل اسمها «عقلية الجبنة النستو وفول أمريكانا».
إذا كان هناك شخص يعتقد أن منافسه الآخر عميل لمجرد أنه يأكل جبنة نستو، فقل على الدنيا السلام، مثل هذا الشخص منفصل عن الواقع تماما ويحلق فى أبراج عالية ويبدو أنه يحتاج سنوات كى يعود إلى أرض الواقع.
جزء كبير من المنتمين للتيار الإسلامى ملتزمون بفكرة السمع والطاعة، وهى فكرة لصيقة بكل التنظيمات الدعوية والأيديولوجية فى كل العالم، ومرتبطة أكثر بالحركات السرية. وبالتالى عندما يمارسون العمل العام يحتاجون وقتا طويلا للتأقلم والتكيف.
الشاب الذى يعتقد أن هناك لغة مسيحية وكلاما مسيحيا «مكسر». منفصل تماما عن واقعه، ولا يرى أن هناك مسيحيين فى مصر، وأغلب الظن أنه لا يتعامل معهم المسيحيون، وإلا ما تحدث بهذا الكلام الأهطل».
وعندما يربط شخص بين الجبنة النستو والعمالة لأمريكا فالمؤكد أن علينا أن نقلق بشأن المستقبل.
هذا القلق مشروع لسبب جوهرى هو أن هذا الشخص الذى يعيش فى جيتو قد يتولى منصبا تنفيذيا فى الأيام المقبلة، فإذا طبق نظرية «الجبنة النستو» أو فول «أمريكانا» باعتبارها من مؤشرات العمالة فإننا قد نترحم على ما يحدث فى الصومال أو أفغانستان.
نظرية النستو لها تجليات كثيرة، حيث رأينا شخصا يتحدث بيقين أنه ضبط شريط منع حمل فى إحدى حقائب المعتصمات أمام القصر الرئاسى، وعندما سأله المذيع: وهل تعتقد أن شخصين يريدان ممارسة الرذيلة لا يجدان مكانا إلا فى خيمة أمام القصر الجمهورى؟! تلعثم وقال إنه فقط يتحدث عن حقائق.
لا أعرف طبيعة هذه العقلية التى تهرب إلى الجبنة النستو وحبوب منع الحمل وتتجاهل تماما جوهر الخلاف وهو مشروع الدستور والإعلان الدستورى والازمة الاقتصادية الطاحنة التى نعيشها.
لا أعرف أيضا كيف يفكر هذا الشخص صاحب نظرية «الجبنة النستو»، وهل هو دكتور فعلا أم فكهانى كما تردد، لكن أطرف ما قرأته لصديقة على الفيس بوك قولها إنها بمجرد علمها بالحكاية قررت أن تتخلص من كل أدوات التجسس وتنظف ثلاجتها من كل الجبنة النستو وفول أمريكانا، رغم أن الاولى صارت ارخص من الجبنة «القريش»، والثانى تحتكره شركة خليجية شهيرة، فى حين أن شخصا آخر سأل بتهكم: «ماذا فعلت لكم الجبنة النستو لتكرهوها بهذه الطريقة»؟!.
أتمنى أن يكون الأخ صاحب نظرية الجبنة كان يمزح مع زملائه وأن الامر ليس جادا، لكن مرة أخرى وبعيدا عن المزاح: على قادة التيار الدينى سرعة إجراء دورات تدريبية حقيقية لأعضائها لإقناعهم بأنهم لا يعيشون وحدهم على هذا الكوكب وعلى أرض هذا الوطن، وأن «الجبنة النستو» ليست مظهرا للثراء الفاحش كما انها بريئة من التجسس على الثورة وعلى الإخوان.