سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد النور ل«الشروق»: الإخوان أصبحوا عبئاً على مرسى وأوقعوه فى الخطأ مرتين الجماعة وحزبها يتحملان مسئولية تزايد الأعباء الاقتصادية لرفضهم الحصول على قرض صندوق النقد منذ عام
• اندلاع ثورة جديدة بسبب الانهيار الاقتصادى وارد.. ولا بديل عن ترشيد الدعم. •أخطاء فادحة بالمسودة الأولى للدستور.. وأرفض إقحام الأزهر فى الجدل السياسى. • الحل الوحيد لتغطية عجز الموازنة الاقتراض.. والحكومة لا تستطيع اتخاذ قرار بخفض الدعم الآن
طالب وزير السياحة السابق، والقيادى بحزب الوفد، منير فخرى عبدالنور، بضرورة إعادة النظر فى دعم الدولة بعض السلع الأساسية والطاقة، خاصة وأن جزءا كبيرا من هذا الدعم لا يصل إلى مستحقيه، محذراً من اندلاع ثورة جديدة، بسبب الانهيار الاقتصادى للبلاد، الذى ترتب بشكل أكبر على زيادة الإنفاق على دعم لا يأخذه مستحقوه، ما تسبب فى ارتفاع ديون مصر لتصل إلى الدولة الثالثة على العالم من حيث حجم الدين العام.
وحمل عبدالنور فى حواره مع «الشروق» جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها السياسى «الحرية والعدالة»، نتائج تأخر الدولة عاما كاملا عن الحصول على قرض البنك الدولى، مضيفا أن الإخوان أصبحوا عبئاً على رئيس الجمهورية، الدكتور محمد مرسى، وعليهم أن يدركوا أن رئاسة الجمهورية تختلف عن رئاسة الحزب.
● ما تقييمك لأداء الحكومة الحالية على المستويين السياسى والاقتصادى؟ - من الصعب تقييم أدائها، خاصة وأنه لم تكمل سوى 70 يوما، وما زالت الظروف التى تمر بها البلاد صعبة جدا، وأكثر ما يعرقل أداءها هو أن الشعب نزل الشارع منذ 25 يناير ولم يعد منه، بسبب ارتفاع سقف تطلعاته بشكل أكبر بكثير، مما يمكن تقديمه خلال هذه الفترة، مع عدم اختيار الاكفاء القادرين على حل المشكلات المتفاقمة، بالإضافة للتباين الشديد بين الآراء السياسية، الذى أصبح من الصعب معه الوصول إلى توافق حول قضية معينة.
● هل ترى أن غياب البرلمان أثر سلبا على الحياة السياسية؟ - بالطبع نعم، فالمنظومة الآن غير مكتملة فى ظل غياب البرلمان المنوط بإصدار التشريعات الواجبة إصدارها الآن، خاصة وأن الرئيس الذى بيده سلطة التشريع، وعد بعدم استخدامها إلا فى القليل جدا، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة تفتقد من يساندها ويدافع عنها، ورغم ذلك فإن ما سمى ب«برلمان الثورة» كان ضعيفاً جداً، افتقد الكفاءات، ولم يصدر التشريعات التى انتظرها الشعب، كما أنه أنتج جمعية تأسيسية ما زالت محل خلاف حتى الآن.
● كوزير سياحة سابق ما تقييمك لأداء الوزارة حاليا فى ظل حكومة تعرف بأنها ذات مرجعية إسلامية؟ - لا يمكننا الحديث عن السياحة فى ظل ظروف نفتقد فيها للأمن والاستقرار، ومع ذلك ففى عام 2011 دخل مصر 10 ملايين سائح، وهذا العام سيدخل البلاد 12 مليون سائح، وهذه الأرقام فى زيادة لأن مصر بلد سياحى من الطراز الأول، وتسويق الخدمة السياحية المصرية ليس بمعضلة، ولكن الأهم هو حسن الإدارة ورفع مستوى الخدمات السياحية، والارتقاء بها، مع تنوع تسويقها ليصبح من السهل أن تستقبل مصر 30 مليون سائح، يجلبون دخلاً يقدر ب 25 مليار دولار سنويا.
● ما رأيك فيما يتوقعه بعض الخبراء من أن البلاد ستشهد ثورة أخرى بسبب تدهور الأوضع الاقتصادية؟ - بالطبع هذه الثورة واردة، فمصر هى ثالث بلد مديونة دينا عاما فى العالم بعد إسبانيا، واليونان، حيث وصل حجم الدين العام الداخلى والخارجى إلى 85 % من الناتج المحلى، وذلك بسبب تراكم عجز الموازنة عبر سنوات.
وأحد الأسباب الرئيسية لهذا العجز هو المبالغ الطائلة التى تصرف على دعم الطاقة والمواد الغذائية، وللأسف الجزء الأكبر من هذه المبالغ يتسرب إلى جيوب غير مستحقى الدعم، وهذه المشكلة لم تستطع الدولة معالجتها منذ يناير 1977، عندما حاول الراحل أنور السادات، رفع أسعار بعض السلع المدعمة، وخرج الشعب فى مظاهرات «انتفاضة الخبز» لرفض هذا القرار، الذى تراجع السادات عنه.
ولم تمتلك أى حكومة من حكومات الرئيس السابق الجرأة على معالجة مسألة الدعم، وهو خطأ لابد من محاسبة مبارك عليه، فكان أمامه فرصة كبيرة فى السنوات العشرين الأولى، حيث الأمن قبضته قوية وحرية التعبير غير متاحة، لكنه لم يتحرك بشأنها وظل يراوغ ويعطى صورة غير حقيقية عن الوضع الاقتصادى فى مصر.
● وماذا عن رد فعل الشارع لو أقبلت الحكومة على اتخاذ هذه الخطوة الآن؟ - لابد أن تتخذ الحكومة قراراً جريئاً فى مسألة الدعم، ولكن اعتقد أن الأمر صعب الآن لأن رد فعل الشارع سيكون قوياً، فعلى الحكومة الحالية أن تشرح وتبرر أولاً للرأى العام، اتجاهها لاتخاذ مثل هذه القرارات.. وحتى تفعل ذلك ستواجه الخزانة المصرية مشكلة توفير التمويل اللازم لاستيراد المشتقات البترولية والمواد الغذائية الأساسية، وأن يواجه عجزها باندلاع قلاقل فى الشارع المصرى.
● هل تؤيد الاقتراض من صندوق النقد الدولى؟ - نحن بحاجة ماسة للاقتراض.. أعرف أن لدينا حلولا أخرى غير الاقتراض، لكنها تحتاج وقتا طويلا، فنحن فى سباق مع الأيام لنوفر احتياجات المواطن من مأكل ومصادر طاقة، لذا فالاقتراض هو الأسهل والأسرع، وسيؤدى الاتفاق مع صندوق النقد لفتح الباب أمام مانحيين آخرين لمساعدة البلاد فى هذه المرحلة.
● بم تفسر رفض الإخوان القرض فى عهد حكومة كمال الجنزورى ثم السعى إليه الآن؟ - مناورة سياسية.. فبالفعل سعت حكومتا عصام شرف، وكمال الجنزورى للحصول على القرض، لكن المفاوضات توقفت بسبب مناورات الإخوان وحزبها «الحرية والعدالة» السياسية، واليوم يدافع رئيس الجمهورية عن الاقتراض وهو على حق ولكن يجب محاسبة «الحرية والعدالة» على تأخر حصول الحكومة على القرض عاماً كاملاً، حيث تسبب هذا التأخير فى تحميل المواطن المصرى أعباء أكثر مما كان سيتحملها لو حصلنا على القرض منذ عام.
● ما تقييمك لأداء رئيس الجمهورية حتى الآن؟ - لا شك أنه نجح من خلال سياسته الخارجية، فى التأكيد على إرادة مصر فى استعادة دورها على الخريطة السياسية دوليا وإقليميا بداية من ذهابه إيران، وحتى جولته الأخيرة إلى أمريكا، أما داخليا فرئيس الجمهورية أخطأ فى الخضوع لضغوط قواعده من أعضاء الجماعة التى تسببت فى ارتكابه خطأين كبيرين، وهما محاولة إعادة البرلمان، ضاربا بحكم المحكمة الدستورية عرض الحائط، ومحاولته الإطاحة بالنائب العام بالمخالفة لقانون السلطة القضائية.
وأعتقد أن حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان أصبحا عبئا على الرئيس مرسى، وعليهما أن يدركا أن رئاسة الجمهورية تختلف تماما عن رئاسة الحزب، فيجب أن يأخذ الرئيس فى الاعتبار المتطلبات القومية والوطنية، وهى ليست متطابقة بالضرورة مع مصلحة أو أيدولوجية الحزب.
● هل ترى أن الرئيس أنجز ما وعد به فى عدد من الملفات؟ - أرى أن الدكتور محمد مرسى حمل نفسه عبئاَ مستحيل التحقيق فى 100 يوم، فمثلا النظافة سلوك فردى لا يمكن تغييره فى 100 يوم، وأيضا قضية تنظيم المرور تحكمها اعتبارات أخرى، غير الضبط والربط، كمساحة الطرق فى ظل عدد المركبات والنهوض بالنقل الجماعى، وكان يجب أن يضع مثل هذه الأهداف على فترة زمنية أطول لوضع الحلول الفنية لحل مثل هذه المشكلات.
● ألم يكن أحرى بالرئيس أن يسعى لخلق حالة وفاق وطنى وإشراك القوى السياسية الأخرى فى القرار؟ - بالفعل الرئيس لم يسع لأخذ رأى القوى الأخرى فى قضايا محددة، ولكنى متفائل بأنه سيتعاون، وهذا ما أكده دكتور سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة قبل انتخابه رئيسا للحزب وبعد توليه المنصب.. وبالمناسبة لا تستطيع جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة أو أى حزب آخر بمفرده، مهما كانت قوته، أن يحل مشكلات مصر.. ويجب أن نتوافق معا لحل المشكلات بدراسات علمية حديثة، أو بمعنى آخر ستفرض المشكلات على الرئيس مرسى ضرورة التوافق مع القوى السياسية الأخرى.
● هل ترى أن الجماعة بدأت فى «أخونة الدولة»؟ - من حق حزب الأغلبية أن يعين الوزراء والمحافظين، ولكن ليس من حقه أن يغير هوية المؤسسات الوطنية، كمؤسسات الجيش والشرطة، والتعليم، والفن والثقافة، والشباب والرياضة.
● كيف ترى تكرار الرئيس التأكيد على احترام الجيش ورموزه، بعدما أثير عن محاكمة أعضاء المجلس العسكرى السابق؟ - الجيش غاضب من الحديث الذى تكرر كثيراً فى الفترة الأخيرة عن محاكمة رموز القوات المسلحة السابقين، وهذا واضح فى ردوده على هذه الأخبار، ورئيس الجمهورية يحسب للقوات المسلحة 100 حساب، وهذا يظهر جلياً فى زياراته المتكررة لأبناء القوات المسلحة فى جيوشهم وفروعهم المختلفة.
●ما تقييمك لأداء الجمعية التأسيسية ومسودة الدستور الأولى؟ - المسودة الأولى للدستور بها أخطاء دستورية فادحة، وأكثر من 60 مادة تحتاج لتعديل، كما أنها تحتوى على الكثير من المصطلحات غير الدقيقة والمفاهيم القانونية الخاطئة والصياغات الركيكة.. كما أنى أرفض اقحام الأزهر الشريف فى الجدل السياسى الحالى بإسناد تفسير مبادئ الشريعة له.
ولابد أن نوضح فى هذا السياق أن مجموعة من السياسيين والقانونيين وفقهاء الدستور، تعمل الآن على وضع مسودة بديلة لهذه المسودة، التى إن بقت على حالها ربما لا تقبل فى الاستفتاء.
● هل ترى مثل كثيرين أن هذا الدستور يسعى لطمس الهوية المصرية؟ - لن يتمكن أى تيار من طمس الهوية المصرية، فمصر عمرها سبعة آلاف سنة، وستبقى محمية من العناية الإلهية، سبعة آلاف سنة أخرى.
● بم تفسر تراجع الإخوان عن تأييدهم للنظام البرلمانى واستبداله بالرئاسى؟ - من الطبيعى أن يتحولوا من مناصرة النظام البرلمانى إلى دعم الرئاسى، بعدما فاز مرشحهم بالرئاسة، ومع ذلك أتصور أن مسودة الدستور المقدمة الآن هى أقرب للنظام المختلط، إذ تمنح بعض السلطات لرئيس الوزراء.