تحتفل مصر وجماعتها الثقافية ب"يوم المترجم" في احتفالية كبرى ينظمها المركز القومي للترجمة مع الجامعات والهئيات والمؤسسات الخاصة، في عدة مدن بمصر، حيث تتوالى الأسئلة عن دور الترجمة على مستويات عالمية وعربية ومصرية.
يُلاحظ أن احتفال اليوم جاء بالتزامن مع فوز الكاتب الروائي الصيني مو يان بجائزة نوبل للآداب، وخلوه من بعض الخلل الترجمي العميق في بنية الثقافة العربية.
صرح الشاعر والكاتب والمترجم الفرنسي جاك انسيه، بأن "على المترجم أن يكون أذكى بمعنى ما من الكاتب"، وفي المقابل يؤكد المفكر والمنظر الألماني والتر بنيامين، على أن "المترجم يبقى مدينًا للأصل".
كما وضح أن الترجمة بعيدة عما تقوله الأكاديمية الفلسطينية، والباحثة في الأدب العربي الحديث بباريس الدكتورة رابعة حمو، وأن اللغة وظيفة عضوية وظاهرة اجتماعية وملكة إنسانية، وهي الوعاء الذي ينتج الفكر والعلم والمعرفة، ولذلك فهي محرك نشاط الأفراد والجماعات، ومن هنا فهي الحامل الأبرز لكل خطة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
يضطلع المركز القومي للترجمة بالإشراف على فعاليات يوم المترجم بمشاركة 24 مؤسسة ثقافية، من بينها كلية الألسن بجامعة عين شمس ومركز جامعة القاهرة للغات والترجمة ومكتبة الإسكندرية، والمركز الثقافي الإيطالي والجامعة الفرنسية بمصر.
يشارك في الاحتفالية عدة دور نشر إلى جانب الهيئة العامة لقصور الثقافة وكلية الآداب بجامعة القاهرة وساقية الصاوي وصندوق التنمية الثقافية ومركز "يونس أمرة" للثقافة التركية، ومعهد ثربانتس والهيئة المصرية العامة للكتاب.
يُعد الاحتفال حدثا ثقافيًّا غير مسبوق بهدف الإعلاء من قيمة المترجمين والترجمة، خاصة وأنه يواكب ذكرى ميلاد رفاعة الطهطاوي، مؤسس مدرسة الألسن وأحد أبرز الآباء الثقافيين المصريين من الرواد في الترجمة، وفي سياق الاحتفال، يقيم المركز القومي للترجمة "خيمة المترجم" بساحة دار الأوبرا، وتتضمن قراءات لنصوص مترجمة لمبدعين مصريين.
يقيم المركز حفل تكريم لبعض رموز الترجمة، مساء اليوم، حيث يتم تكريم أسماء: رفاعة الطهطاوي وطه حسين وأنيس عبيد، فضلا عن تكريم الدكتور جابر عصفور بعد ما دعت الدكتورة كاميليا صبحي، مدير المركز، جميع المؤسسات والجهات المعنية بالترجمة للمشاركة في هذه الاحتفالية المزمع إقامتها سنويًّا، منوهة بأن فعاليات يوم المترجم تستهدف التأكيد على قيمة المترجم ودوره المحوري في الحركة الثقافية عالميًّا.
ذكرت الدكتورة رابعة حمو فتنوه، أن اللغة العربية لها مكانة متميزة في نظر الباحثين الغربيين والمستشرقين المنصفين الذين عرفوا خصوصيتها وراعهم قيمتها وجمالها كالمستشرق الأمريكي "كوتهيل"، الذى قال: "قليل منا نحن الغربيين من يقدر اللغة العربية حق قدرها من حيث أهميتها وغناها"، مضيفًا أن "اللغة العربية لها من اللين والمرونة ما يمكنها من التكيف وفق مقتضيات العصر".
تُمثل الترجمة اليوم في عصر ثورة المعلومات واتساع دائرة الفكر الإنساني وصعود لحظة عبور وسفر إبداعي بين لغتين وفكرين وهويتين، كما أن "الترجمة ليست عملية لغوية بسيطة، وإنما هي عبور فكري شديد التعقيد من سياق حضاري لسياق حضاري آخر ومن لغة إلى أخرى".