ليس الأطباء المصريون وحدهم من يقود الاحتجاج على تردي مستوى النظام الصحي في بلادهم، بل هم جزء من حالة حراك اجتماعي في العديد من دول القارة الإفريقية، والتي تدعو جميعها إلى الالتزام باتفاق «أبوجا»، الذي يقضي برفع نسبة الإنفاق العام على الصحة، إلى 15% من إجمالي النفقات الحكومية، كنسبة ضامنة لتوفير الحد الأدنى من الخدمة الصحية الكريمة، وفي الأسابيع الأخيرة شهدت كل من أوغندا وكينيا إضرابات أطباء مشابهة للإضراب المصري، والتي دعت أيضا للالتزام بموازنة «أبوجا». كما قام عدد من أبرز الخبراء في مجال الصحة في دول نامية، مثل الهند وجنوب إفريقيا ودول أمريكا اللاتينية، بالمشاركة في تأسيس "منظمة صحة الشعوب"؛ لتقديم سياسات بديلة للسياسات النيوليبرالية، التي كانت مؤسسات مثل البنك الدولي تقدمها للعالم النامي، وكان آخر تقرير للمنظمة الذي يحمل اسم "تقرير المراقبة الدولية"، قد دعي إلى تبني سياسات؛ لرفع نسبة الإنفاق إلى معدلات "أبوجا".
دائمًا ما تثار قضية أن الدول الفقيرة ليس لديها موارد للإنفاق على الصحة، ولكن الواقع أن القضية تتعلق إذا كانت الصحة من أولويات الحكومة أم لا، فدول فقيرة مثل رواندا مثالا على الدول التي استطاعت أن ترفع الإنفاق الصحي من أقل من 2% من الناتج الإجمالي إلى 5%، خلال خمس سنوات فقط، كما قال أميت سانجابوتي، المحرر الرئيسي لتقرير "صحة الشعوب" للشروق.
ويقوم نموذج السياسات الصحية الذي تقدمه "صحة الشعوب" على الاعتماد القوي على ضرائب الدخل التصاعدية، في تمويل النفقات الصحية، بدلا من التركيز على تمويلها من اشتراكات التأمين الصحي، فنسبة كبيرة من العمالة في الدول النامية من المزارعين أو العمالة غير الرسمية، وهذه قطاعات صعب أن تخصم اشتراكات التأمين من دخولها، كما يضيف سانجبوتي.
ويحذر التقرير من السياسات الداعية إلى اكتفاء الدولة بتمويل الخدمات الصحية من الموارد العامة، والاعتماد على القطاع الخاص في تقديمها بسعر مدعوم للمواطنين في وقت يسعى القطاع الخاص دائمًا لزيادة أرباحه فقط، ويتعاقد مع الحكومة، ولكن يقدم توصيات علاجية بعمل عمليات جراحية مثلا لا لزوم لها، وغيرها من الطرق التي ستزيد من أعباء المرضى، كما يقول محرر التقرير.