رفض المخرج يسري نصر الله العمل تحت ضغط الرقابة في المستقبل، بعد قيامه بإخراج فيلم "بعد الموقعة" الذي شارك في مهرجان كان دون عرض نصه على الرقابة.
و هذا نص الحوار:
ما هي قصة فيلم بعد الموقعة؟
يروي الفيلم قصة مصر منذ وقعت أحداث موقعة الجمل في فبراير 2011، وحتى أكتوبر من نفس العام، وكل ما مرت به وأهلها سواء أبناء الثورة والناشطين السياسيين والذين تمثلهم منة شلبي في دور ريم، وخيّالة موقعة الجمل، من خلال شخصية محمود "باسم السمرة"، ورجال الأعمال والحزب الوطني المنحل، الذين يمثلهم الفنان القدير صلاح عبد الله.
ما الذي جذبك لتقديم شخصية الخيال؟
لأنه ببساطة إنسان مصري عاقل له فكر وثقافة خاصة به، وتقديمي للشخصية له سبب واحد، وهو أن يعترف هؤلاء أنهم على خطأ بمعنى عدم تعليق كل مشاكلنا على الظروف.
كيف تطلب في الفيلم أن يتعاطف الجمهور مع من هاجموا الثوار؟
رغبتي كانت في تقديمهم كأشخاص اضطرتهم الظروف للتواجد في الجانب الخطأ من التاريخ، وحللت هذه الظروف ولم أدافع عنهم، فأنا ضد أن يقال أن شخصًا ما جاهل و"ضحكوا عليه" واستدرج للدخول في موقعة الجمل، وكأني أجردهم من إنسانيتهم وأحولهم لحيوانات وهو أمر خطأ.
هل ترى أنك مخرج أفلام مهرجانات مثل يوسف شاهين؟
أنا أقدم أعمالا يتفاعل معها المشاهد فقط، هل الفيلم الذي يعبر عني وعن المواطن المصري فيلم مهرجانات؟ هذه لعنة خلقها النظام الديكتاتوري السابق ليخيف المشاهد، وكأنه يقول له لا تذهب إلى هذا الفيلم، لأنه فيلم معيب لن تفهمه و"بتاع مهرجانات لا مؤاخذة"، وبذلك يعزل المشاهد عن القيم المحترمة التي ستسمو به، ويدفعه إلى سينما الغيبوبة والبلاهة بحجة أن المشاهد "عاوز كده"، يجب أن يفيق المواطن بعد الثورة ويعرف من يحترمه ويحترم عقله.
هل ترى أنك أغرقت في المحلية لتصل إلى العالمية في مهرجان كان؟
بل هو الإغراق في الحرية، هل يتخيل أحد أني صورت نصًا لم يعرض على الرقابة؟ هذه أول مرة تحدث في السينما المصرية، ولم أحصل على موافقات الجهات الأمنية لأقوم بالتصوير كما كان يحدث في السابق، بل صورت مع نفسي ووسط الناس في منطقة نزلة السمان بالهرم وفي حراستهم، لأنهم أناس طبيعيون، تفاعلوا مع الفيلم، وعبروا عن رأيهم، وحموا الأبطال والكاميرات، وصورنا في أحضان المناطق الطبيعية. صورت وسط الانفلات الأمني، فكيف استطعت العمل بدون حراسة الشرطة؟
التصاريح الأمنية قيود، والشعب المصري بخير ووفر لي الحماية، وكل من شارك في الفيلم من أهل منطقة نزلة السمان أصدقائي، وحضروا العرض الخاص للفيلم مثل النجوم، وهم من تكفلوا بحمايتي، أما بالنسبة لميدان التحرير فأنا هناك من أول يوم في الثورة وكلهم يعرفونني.
كيف ستتعامل مع الرقابة مستقبلا؟
يجب أن نعمل كل عمل بحرية فهذا حقنا، وحتى لو ذهبت للرقابة مستقبلا فسأصر أن أحتفظ بوجهة نظري، ولا أخضع للأهواء، ولن أنافق أي نظام، فالسينما يجب أن تتحرر من القيود.
هل ساعدك أهل نزلة السمان على إخراج الشخصيات بالواقعية التي تريدها؟
بالتاكيد، وأذكر أني أردت أن أقدم أهل نزلة السمان من خلال وجهه نظري أو وجهة نظر ريم، التي تجسدها منة شلبي، التي تظل طول العمل تسبهم وهم صامتون، ثم نظرت إلى الناس حولي، وقلت لن أكتب هذه الفقرة في السيناريو، فليأت كل واحد ويقول رأيه ويدل بدلوه في مشاكله فخرجت كلماتهم أصدق من مليون نص مكتوب، وتحولت إلى حوار سؤال وجواب بين ريم وأهل نزلة السمان.
هل فتح العمل شهيتك لتكتب عن شخصيات أخرى في هذا العالم ؟
لا أعرف، ربما تختمر شخصيات أخرى في رأسي بالمستقبل، أما الآن فلا أرى سوى أن الفيلم خرج كما أريده.