التحق كل من باراك أوباما وميت رومنى بإحدى مدارس النخبة الثانوية الخاصة. وكلاهما بلا شك ذكى جيد التعليم ومدين بكثير من نجاحة إلى الأساس القوى الذى وضعه تعليمه الرفيع. ويستحق كل شاب أمريكى متحمس لديه إمكانات متميزة فرصة مماثلة. لكن غالبية الأولاد شديدى الذكاء تحديدا يفتقرون إلى المال الكافى للالتحاق بالمدارس الخاصة ذات النظام المحكم. وهم يعتمدون على التعليم العام لتأهيل أنفسهم للحياة. على الرغم من أن ذلك النظام لم ينجح فى خلق فرص كافية لمئات الآلاف من هؤلاء البنات والأولاد ذوى الإمكانات المتميزة.
وغالبا ما يتجاهل النظام هؤلاء، فى ظل السياسات وأولويات الميزانية التى تركز على تهيئة فرص الإنجاز للتلاميذ منخفضى التحصيل. وهذا فى ذاته شىء جيد ينبغى أن نقوم به، لكننا لم ننجح فى فتح الآفاق للمهيئين للإنجاز بالفعل.
لا تقتصر مشكلة تجاهل نظام التعليم العام للتلاميذ ذوى الإمكانات المتميزة على حرمانهم من فرص فردية يستحقونها فحسب، بل إنه يضيع على البلاد مددا من العلماء والمخترعين ومنظمى الأعمال فى المستقبل.
●●●
ويتخذ الفشل المنهجى اليوم ثلاثة أشكال:
أولاً: نحن لا نجيد تحديد «الموهوبين والمتفوقين» بين الأطفال فى وقت مبكر، خاصة إذا كانوا فقراء أو منتمين إلى جماعات الأقلية، أو ليس لديهم آباء ماهرون يجيدون دفع الأمور.
ثانيا: فى مستويات التعليم الابتدائى والإعدادى، لا توجد لدينا فصول لتعليم المتفوقين (بواسطة توفير مدرسين وظروف ملائمة) للوفاء حتى بالطلب الحالى. ولم يقدم الكونجرس «أى تمويل» لبرنامج جاكوب جافيتس لتعليم الطلبة الموهوبين والمتفوقين، وهو الجهد الوحيد الذى تبذله واشنطن لتشجيع هذا النوع من التعليم. وإزاء الميزانية الهزيلة والضغط الفيدرالى لتحويلها إلى المدارس بالغة السوء، خفضت مناطق كثيرة عدد فصول المتفوقين بها، إلى جانب فصول الفنون والموسيقى كذلك.
ثالثا: ليس لدى العديد من المدارس الثانوية سوى عدد ضئيل من الفصول ذات المستوى الرفيع أو المتطور، التى يجلس فيها أحيانا أولاد نابهون، لكنهم غير مستعدين فعليا لاجتياز تلك الفصول بنجاح.
ورغم هذا، فمن حين إلى آخر تعطى بعض المدارس العامة الشاملة مزيدا من الاهتمام للطلاب الذين لديهم قدرات وحماس مرتفع بشكل خاص. بعضها مشهور على المستوى القومى (بوسطن لاتين، برونكس ساينس)، وأخرى معروفة فى مجتمعها المحلى بشكل أساسى. وعندما ذهبت مع زميلتى جيسيكا هوكيت للبحث عن مدارس من هذا النوع بهدف إجراء بحث حولها، اكتشفنا أنه لم يسبق لأحد أن قام من قبل بتحديد خريطة كاملة لهذه المدراس.
●●●
فى مدينة تضم أكثر من 20 ألف مدرسة ثانوية عامة، وجدنا 165 فقط من هذه المدارس، وهى معروفة باسم المدارس التجريبية وتقوم على تعليم 1% من التلاميذ فيها. وهناك 19 ولاية لا تمتلك أية مدرسة من هذا النوع. ويوجد فى ثلاث مدن فقط أكثر من خمس مدارس منها (لوس انجلوس ليس بها أى منها). وجميعها تقريبا يفوق عدد المتقدمين إليها بكثير العدد الذى يمكنها استيعابه. لذلك يكون القبول على نحو انتقائى للغاية، وتستبعد آلاف الطلاب الذين بإمكانهم الاستفادة مما تقدمه. فعلى سبيل المثال، يتقدم إلى 480 مقعدا فى مدرسة طومسون جيفرسون الثانوية للعلوم والتكنولوجيا، المعروفة فى شمالى فيرجينيا، حوالى 3.300 تلميذ سنويا ثلثاهم أكفاء من الناحية الأكاديمية.
أعددنا قائمة بالمدارس، وقمنا بمسح عن المسئولين فيها، وزرنا 11 مدرسة. وتوصلنا من خلال ذلك إلى معرفة الكثير. فبينما تتباين المدارس فى العديد من الأوجه، فإن برامج التدريس فيها تتشابه مع فصول التعليم المتطور من حيث المحتوى والتدقيق. وقد حققت مواقع ممتازة فى التحاق تلاميذها بالكليات، وتجعل أفضل تلاميذها يدرسون بشكل مستقل، من خلال التدريب على اجتياز تحديات داخلية ومشروعات البحث الفردية.
ويقول منتقدو تلك المدارس، إنها نخبوية، فى حين أننا نراها عكس ذلك. فهى مدارس رائعة متاحة للأسر التى لا تستطيع توفير تعليم خاص أو باهظ التكاليف. وبينما تكون المدارس التجريبية بعيدة عن التوزيع الديموجرافى حولها فى بعض المدن، إلا أن نسبة التحاق محدودى الدخل بتلك المدارس تتوازى، فى مختلف أنحاء البلاد، مع نسبتهم من إجمالى عدد تلاميذ المدارس الثانوية. وتزيد نسبة الشباب الأمريكى من أصل أفريقى أو آسيوى بدرجة مذهلة عن نسبتهم فى التعداد العام (21% مقارنة ب 5% من إجمالى المدارس الثانوية). لكن تقل نسبة اللاتينيين عن نسبتهم فى الإجمالى، لكنهم مثلهم فى ذلك مثل البيض.
سيستفيد عدد أكبر من التلاميذ من المدارس التى على هذا النمط ويمكن أن تتضاعف الأعداد إذا أدى نظامنا التعليمى ما ينبغى أن يقوم به بصورة صحيحة بالنسبة لهؤلاء التلاميذ فى المراحل المبكرة. وسيحدث هذا فقط عندما نعلم أن عدم تجاهل أى طفل يعنى إعطاء الاهتمام نفسه لمن امتلكوا الأساسيات ولديهم القدرة والحماس على بذل المزيد بقدر توفيره لمن لا يعرفون القراءة أو طرح أفكارهم حتى الآن.
●●●
لقد حان الوقت كى نوقف التحيز ضد تعليم المميزين والموهوبين، ونلغى افتراض أن كل مدرسة يجب أن تقدم كل شىء لجميع التلاميذ. فهذه هى الصيغة التبسيطية التى تنتهى إلى إهمال جميع أنواع البنات والأولاد، وكثير منهم فقراء وينتمون إلى أقليات، وهم أكبر المستفيدين من المدارس العامة المتخصصة. وينبغى أن يكون فى أمريكا آلافا، أو أكثر من ذلك، من المدارس الثانوية للتلاميذ ذوى القدرات، وليس 165 فقط. ولابد أن تعمل المدارس الابتدائية والإعدادية على اكتشاف وإعداد التلاميذ الذين سيتوجهون إلى مدارس المتفوقين بعد ذلك.
على كل من السيد رومنى والسيد أوباما، بتأييدهما لاختيار المدرسة، أن يتجها إلى التسليم بأن الأولاد ليسوا جميعا الشىء نفسه، ولا ينبغى أن تكون المدارس هكذا أيضا. ورغم ذلك، فالأرجح أن الخشية من الظهور كنخبويين سوف تمنعهما من اقتراح زيادة المدارس التجريبية. والأعجب والمثير للحزن بشكل أكبر هو أن تلك المدارس هى التى تخرجا منها. ولا ينبغى أن يكون على الأطفال الأذكياء إما الذهاب إلى المدارس الخاصة، أو يتم استبعادهم من برونكس ساينس أو طمسن جيفيرسون لعدم وجود أماكن فحسب.
كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز لمبيعات الخدمات الصحفية. يحظر نشر هذه المادة أو إذاعتها أو توزيعها بأى صورة من الصور.