فى خطوة استباقية لمنع انتقال «فتنة لقاءات شفيق» التى كادت أن تعصف بحزب النور السلفى، إلى جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة، بادر رجل الاعمال الإخوانى حسن مالك، رئيس لجنة التواصل بين رجال الاعمال ورئاسة الجمهورية بالكشف عن تفاصيل لقاءاته والاتصالات التى دارت مع الفريق احمد شفيق، المرشح السابق للرئاسة خلال الفترة التى سبقت الانتخابات الرئاسية. اعترافات مالك جاءت بعد افتضاح أمر اللقاءات التى عقدها نائب رئيس الدعوة السلفية بالإسكندرية ياسر برهامى، ووكيل مجلس الشعب السابق أشرف ثابت قبيل إعلان نتائج جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية بشفيق، واستباقا لفضح شفيق لتلك اللقاءات.
مالك قال فى تصريحات للصحيفة الرسمية الناطقة باسم الحزب «الحرية والعدالة» أمس، إن شفيق اتصل به وطلب منه مقابلة رئيس الحزب وقتها الدكتور محمد مرسى، أو الدكتور سعد الكتاتنى، أمين عام الحزب وقتها أو الدكتور عصام العريان نائب رئيس الحزب. كاشفا عن أنهما التقيا بعد ذلك «فى منزل صديق مشترك، فى شهر يوليو 2011، ولم تكن الجماعة قررت الدفع بمرشح لمنصب رئاسة الجمهورية».
وتابع مالك: «حينما أبلغت مرسى بهذا العرض قال لى إنهم لا يرغبون فى لقائه، وقلت لشفيق رأيى الشخصى، وطلبت منه عدم الترشح للرئاسة لأن مبارك حرقه شعبيا.. وأخبرنى شفيق انه يريد عرض أمر ترشحه على الجماعة، وقال إنها لو رفضت فلن يرشح نفسه».
اعترافات مالك بلقاء شفيق جاءت فى أعقاب ما كشفه احمد سرحان، المتحدث باسم حملة شفيق الرئاسية، عن أن برهامى «ليس وحده من التقى شفيق، بل إن هناك قيادات إخوانية، ومجموعات من شباب الثورة، والجمعية الوطنية للتغير التقوا الفريق» دون أن يصرح بأسمائهم، ليخرج بعدها قيادات فى الجماعة يتنافسون فى نفى ما قاله سرحان واصفين تصريحاته ب«الأكاذيب»، حيث شدد عصام العريان، نائب رئيس الحزب خلال مؤتمر، مساء أمس الأول، على أن الجماعة «لم توسط أحدا للاتصال بشفيق، ولم تأذن لأحد بالتوسط، كما انه لم يستأذن أحد من الحزب فى الذهاب لشفيق».
وقال العريان: «قلنا بوضوح إننا سنقبل بأى نتيجة تعبر عن إرادة الشعب، وكنا مستعدون لدفع الثمن من دمائنا لو تم غير إرادة الشعب». وروى تفاصيل يوم النتيجة، قائلا: «كنا فى اجتماع للمكتب التنفيذى للحزب والاتصالات تنهال علينا من الأصدقاء حول ما يتم ترديده من أخبار وإشاعات، فقلت لإخوانى كلنا نقفل تليفوناتنا ونتصل بالله فقط، فكانت النتيجة فوز مرسى».
على الجانب الآخر كذّب الفريق أحمد شفيق رواية حسن مالك عن تفاصيل اللقاء بينهما موضحا أن كل ما نشر «مغالط تماما للحقيقة»، ونفى شفيق أن يكون طلب لقاء الرئيس مرسى أو الكتانى.
وقال شفيق فى تصريحات خاصة ل«الشروق» من دبى: «التقيت عددا كبيرا من الشخصيات العامة والحزبية فى إطار استعدادى للترشح لانتخابات الرئاسة، وطلبت بالفعل دعم الإخوان للترشح، لكنى لم أشترط الحصول على الدعم حتى أرشح نفسى كما ذكر مالك».
وأضاف: «لن أعلق كثيرا على تصريحات مالك فى الوقت الحالى، وأكتفى بالتأكيد على أنها ليست المرة الأولى التى يتم نشر فيها معلومات خاطئة عنى».
وكتب شفيق فى تدوينات عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى (تويتر): «فى حملتى للانتخابات الرئاسية كنت منفتحا على كل التيارات والاتجاهات السياسية، باعتبار أن منهجى كان ولايزال مصر للجميع.. أقرأ عديدا من التصريحات عن اللقاءات التى سعى لعقدها معى رموز تيارات مختلفة، وكثير منها يعترف بالوقائع ويدعى لها مبررات غير صحيحة غالبا، والذين قابلونى قبل الترشح للانتخابات جاءوا للتعرف على أفكارى وتوجهاتى، والذين قابلونى أثناء الحملة الانتخابية ناقشونى فى ملفات كثيرة».
وأضاف فى تدوينات أخرى: «لا اريد ان اكشف تفاصيل كل اجتماعاتى مع ممثلى كل التيارات، خصوصا الذين سعوا إلى لقائى لأن للسياسة أسرارها .. وأنا لن أتوقف عن السياسة، وأعرف أن هناك صراعات مستمرة داخل جماعات وأحزاب، وأن المتصارعين يستخدمون أسرار تلك الاجتماعات فى حروبهم السياسية الداخلية».
وتابع شفيق: «قابلنى الاخ حسن مالك مرتين ولم اطلب دعم أحد أو لقاء أحد .. لقد جاء لبيتى بتوجيه من قيادته».
وكشفت مصادر فى حملة شفيق أن هذه اللقاءات «تمت قبل فتح الترشح لانتخابات الرئاسية، وتم خلالها التطرق لأمور عدة بخصوص المرحلة الانتقالية، لكن فى الوقت نفسه كان هناك اتفاق على أن تظل هذه اللقاءات سرية».
من جهته قال مالك فى تصريحات ل«الشروق» عبر الهاتف خلال وجوده بصحبة رئيس الجمهورية فى تركيا: «ذهبت لشفيق فى منزله بعد اللقاء الأول الذى كان فى بيت صديق مشترك، لأبلغه رفض قيادات الجماعة لقائه»، مشددا على أن كل هذه اللقاءات والاتصالات «كانت فى يوليو 2011، أى قبل عزم الجماعة خوض الانتخابات الرئاسية».
ومعلقا على الواقعة، قال الدكتور محمد حبيب، نائب المرشد السابق، والذى كان طرفا فى معظم اللقاءات غير المعلنة مع أطراف سياسية قبل الثورة، أن مالك «أراد استباق أى تسريبات من طرف شفيق، فتعامل بمبدأ بيدى لا بيد عمرو»، مضيفا أن مالك «أراد أن يأخذ بزمام المبادرة بدلا من افتضاح الأمر، ليجد نفسه فى مواجهة مع الصف الإخوانى، والقواعد الشبابية ووقتها ستصبح مشكلة كبيرة».
ووصف حبيب لقاء مالك بشفيق بأنه «أمر مهين، وغير مقبول، سواء اعترف به مالك أو ظهر من خلال تسريبات، كما كان أمرا مرفوضا من جانب السلفيين».