ما بين اختياره ضمن ممثلى محكمة النقض للتحاور مع أعضاء الجمعية «التأسيسة» لوضع الدستور، وعضويته لمجلس إدارة نادى القضاة، وتصريحاته الأخيرة التى رفضت مقترح ضم هيئة قضايا الدولة للقضاء العادى فى الدستور الجديد، يقف المستشار محمود الشريف، نائب رئيس محكمة النقض، والمتحدث الرسمى باسم نادى القضاة كواحد من أبناء السلطة القضائية الذين يحاولون الحفاظ على استقلالها. فى حواره مع «الشروق» يؤكد الشريف أن تيارا معينا رفض تسميته داخل الجمعية التأسيسية يسعى لفتح باب لاختراق السلطة القضائية، مشيرا إلى أنه لابد أن ينحى القضاة خلافاتهم جانبا للحفاظ على استقلال سلطتهم، من التبعية والاختراق، مشيرا إلى أن عدم وجود ممثلين لنادى القضاة ضمن أعضاء الجمعية التأسيسية، زاد الفجوة بينهم وبين أعضائها، لاسيما وأن باقى الهيئات الأخرى لها ممثلون.. وإلى نص الحوار.
● لماذا يرفض النادى فكرة القضاء الموحد التى طرحت بالجمعية التأسيسة؟
- النادى لا يرفض فكرة القضاء الموحد، على العكس يرحب بها، فهى تهدف إلى دمج جميع الهيئات القضائية، من قضايا الدولة، والمحكمة الدستورية، ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية، على أن يكون لكل هيئة مجلسها الخاص، ويندمج جميعها تحت مجلس واحد، ويتساوى أعضاؤها فى المميزات، لكن هذه الفكرة التى اقترحها المستشار أحمد مكى وزير العدل لم تلقى قبولا بين جموع القضاة، الأمر الذى جعل البعض يتجه لفكرة دمج هيئة قضايا الدولة ضمن القضاء العادى وتحويلها لنيابة مدنية، وهو ما رفضه جموع القضاة.
● لكن مشروع دمج هيئة قضايا الدولة يحظى بتأييد داخل الجمعية؟
- بداية مشكلتنا مع «التأسيسة» هى عدم وجود ممثلين للقضاة داخلها، رغم وجود ممثلين لمختلف الهيئات القضائية، واختيار المستشار حسام الغريانى، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق تم باعتباره من الشخصيات العامة وليس ممثلا عن القضاة، الأمر الذى جعل القضاة يفقدون التواصل المباشر مع أعضاء الجمعية.
وفيما يخص فكرو الضم فالتيار الموافق عليها يعتقد بالخطأ أن ضم هيئة قضايا الدولة للقضاء العادى واعتبارها نيابة مدنية سيسهم فى سرعة انجاز القضايا، وهو أمر غير صحيح، والرأى الرافض وهو الأصح من وجهة نظرى ويراه جموع القضاة صحيحا، هو أن هذا الأمر لن يؤدى سوى لاختراق القضاء من قبل هذا التيار، ولن يتم انجاز القضايا بسرعة كما يعتقد البعض والدليل على ذلك أن هيئة قضايا الدولة لديها العديد من القضايا التى لم تنته منها، وهناك العديد من القضايا الممثلة فيها الدولة ولم تنته أيضا، وضم الهيئة سيؤدى إلى خلل فى هذه القضايا.
كما أن «قضايا الدولة» هيئة قضائية وليست جهة قضائية، والدمج لن يكون سهلا كما يعتقد البعض، لأن عضو قضايا الدولة من الصعب أن يكون قاضيا، وليس به سمة القاضى مع كامل الاحترام له، فالقاضى الطبيعى يحصل على تربية قضائية ما بين الفكر والدراسة والعزة فى التعامل، ولا يحصل على هذا اللقب إلا بعد فترة تدريب بالنيابة العامة، وتدريبات اخرى متعددة ويكون لديه الكثير من المحرمات ومن ثم لا يمكن صناعة قاض بين يوم وليلة، الأمر الذى يعنى الإخلال بمنظومة العدالة بشكل كامل ويشعر معه القضاة بأن هناك عنصرا غريبا سيدخل بينهم، فضلا عن التأثير على درجات القضاة وتأخرهم فى الترقية حال إضافة الهيئة الجديدة إليهم.
●إذا استمر أعضاء التأسيسية على موقفهم فهل سيكون لديكم مواقف قوية؟
- لا أعتقد أننا فى وقت يسمح بأن يتمسك أعضاء التأسيسة برأيهم، ويرفضون آراء القضاة، وفى النادى شكلنا لجنة لجمع ما تسفر عنه الجمعيات العمومية الطارئة لأندية الأقاليم، مع المخاطبات الواردة من رؤساء محاكم الاستئناف ونتائج محاضر الجميات العمومية ليتم تسليمها لأعضاء التأسيسة فى أقرب وقت مدون بها موقف جموع قضاة مصر، والأمر لن يمر بأى حال من الأحوال وسيكون الرد حاسما، لكن لكل حادث حديث، وما أؤكده أن القضاة لن يسمحوا بأن يحدث ما لا يريدونه.
● الموقف نفسه تتخذه محكمة النقض، فهل تفتقدون التواصل لهذه الدرجة مع المستشار الغريانى؟
- المستشار محمد ممتاز متولى، رئيس محكمة النقض الحالى أكد خلال الجمعية العمومية الأخيرة لقضاة محكمة النقض الأسبوع الماضى، على أنه توجه بالفعل للقاء المستشار حسام الغريانى، وشرح له الموقف وأعرب له عن رفض القضاة لفكرة دمج هيئة قضايا الدولة فى القضاء، وتم تشكيل لجنة تضم ثلاثة من نواب رئيس المحكمة، كنت من بينهم للتواصل مع أعضاء التأسيسة، أما بالنسبة للنادى فالمستشار الغريانى تعامل باعتباره رئيسا للجمعية ولا يوجد أى تواصل بشكل مباشر معه حتى الآن، وقد يكون موقفه من النادى بسبب ظروف سابقة مع إدارة النادى آثارها لا تزال باقية، لكنى أناشد جميع القضاة أن ننسى خلافتنا ونقول أراءنا ونسعى لتفعيلها لأن استقلالية القضاء على المحك.
● وهل ما زالت علاقة النادى بالمستشار أحمد مكى وزير العدل متوترة؟
- التواصل لم يحدث حتى الآن، لكن فى القريب العاجل سيكون هناك لقاء لمناقشة كافة الأمور الخاصة بالقضاة، ولا يعتبر ذلك تغيرا للموقف أو تحولا من موقف النادى تجاهه، لأننا لسنا فى خصومة سياسية ولكن هناك فقط خلاف فى التفكير، وعندما يأتى مكى بقرار فى صالح القضاة علينا الترحيب به.