رسميًا بعد انخفاضه.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 8-5-2025 بالبنوك    الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنوية لنهاية الحرب العالمية الثانية    بث مباشر يلا كورة.. إمام يقود الأهلي لفوز مثير على المصري ويعتلي صدارة الدوري    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب البابا روبرت فرنسيس بريفوست    أخبار مصر اليوم.. بوتين يستقبل السيسي في الكرملين    محافظ سوهاج يبحث تطبيق الهوية البصرية على الكوبري الجديد بالكورنيش الغربي    هيبة: مصر أنفقت 550 مليار دولار على تحسين البنية التحتية خلال 10 سنوات| خاص    مستشار وزيرة التخطيط: 44% من القوى العاملة بحلول 2030 ستكون من الجيل التكنولوجيا الحديثة    محافظ سوهاج يتفقد مركز الكوثر الطبى ويوجه بخطة عاجلة لتشغيله    النواب يناقش تعديل قانون مهنة الصيدلة وتنظيم إصدار الفتوى الشرعية    ريتشارليسون يتصدر تشكيل توتنهام أمام بودو جليمت بنصف نهائي الدوري الأوروبي    محمد فوزى: التحركات المصرية القطرية الهامة تأتى فى ظل وضع إنسانى صعب بغزة    ترامب: انتخاب بابا للفاتيكان أمريكى للمرة الأولى شرف عظيم    "أوتشا": عنف المستوطنين بالضفة الغربية فى تزايد    انطلاق قوافل المراجعة النهائية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالأقصر (صور)    بعد قليل.. الأهلي والاتحاد.. نهائي كأس مصر لكرة السلة    نفس توقيت نهائي الكأس.. ديسابر يعلن ضم ماييلي لقائمة الكونغو الديمقراطية في يونيو    كرة يد - قبل مواجهة الأهلي.. الزمالك يتعاقد مع 3 لاعبين    ضربها بحزام وصورها عارية.. علاقة عاطفية تنتهي في جنايات كفر الشيخ    محافظة القاهرة: حريق شركة الأدوية لم يسفر عن إصابات    معدات ثقيلة لرفع سقف موقف قوص المنهار فوق 40 سيارة (صور)    انتشال جثمان عامل من غرفة تفتيش صرف صحي بالمنيا    تقرر مد مسابقة توفيق الحكيم لتأليف المسرحي .. اعرف تفاصيل    «كان يخاف ربه».. هالة صدقي تحسم جدل أزمة طلاق بوسي شلبي من الراحل محمود عبد العزيز    ما تأثير الحالة الفلكية على مواليد برج الحمل في الأسبوع الثاني من مايو 2025؟    أكشن بتقنيات عالية.. الإعلان التشويقي لفيلم المشروع X ل كريم عبد العزيز    MBC مصر تعلن موعد عرض مسلسل "بطن الحوت"    فعاليات تثقيفية متنوعة ضمن دوري المكتبات بثقافة الغربية    مسابقة قرائية بمكتبة مصر العامة    ياسمينا العبد: كنت متأكدة إني هبقى سبب فشل مسلسل «موضوع عائلي 3» (فيديو)    أمين الفتوى: لا يجوز للزوج أخذ "الشبكة" من زوجته رغمًا عنها بعد الزواج    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    السبت المقبل.. 23 ألف طالب يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسوان    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    القومى للبحوث: اكتشاف إنزيم مهم من فطر الاسبرجليس لتقليل الكوليستيرول بالدم    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    محافظ الجيزة: تحسين كفاءة النظافة بمحيط المدارس استعدادا للامتحانات    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    وزارة الشباب والرياضة ... شكراً    طلاب جامعة الدلتا التكنولوجية يشاركون في معرض HVAC-R.. صور    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    تكثيف جهود البحث عن فتاة متغيبة منذ يومين في القليوبية    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رفح.. العذاب من كل اتجاه

«جمهورية مصر العربية.. تصحبكم السلامة».. بهذه اللافتة تنتهى الحدود المصرية بمدينة رفح أمام معبر رفح، اللافتة الموجودة على الطريق يوجد منها واحدة أخرى على الطريق المؤدى لمعبر «كرم أبوسالم» الحدودى، بينما لا يفصل بينها وبين رفح الفلسطينية سوى سور يتبادل الأهالى من خلفه الكلام.

المدينة الصغيرة يتصدرها كمين للقوات المسلحة للتعرف على هوية الوافدين إليها والخارجين منها، والسؤال عن سبب الزيارة، خصوصا أنها على الرغم من أهمية موقعها وتوافد المئات عليها يوميا ذهابا وإيابا من قطاع غزة مع فتح المعبر أو الأنفاق لا يتواجد بها أى فنادق، كذلك تفتقد لمعظم الخدمات.

«الشروق» زارت المدينة التى ضربها الركود الاقتصادى بعد واقعة الاعتداء على كمين القوات المسلحة الذى استشهد فيه 16 ضابطا وجنديا، لترصد حياة أهلها ومستقبل المدينة الصغيرة المطلة على البحر الأبيض المتوسط.


مدينة مصرية تبحث عن هوية




گل شىء«well come to Palestine» هذه هى الرسالة التى تصلك عبر هاتفك المحمول فور دخولك لمدينة رفح المصرية، فعلى الرغم من أنك لاتزال داخل الحدود المصرية، لكن تليفون هاتفك يتحول لتجوال ويعتبرك بالأراضى الفلسطينية، وهو ما يجعل أهالى المدينة يعتمدون على شبكات التليفون الأرضى أو خطوط المحمول الفلسطينية.

المدينة التى يسكنها عدة آلاف من المصريين من بينهم فلسطينيون جاءوا إلى مصر قبل وبعد عام 1948، بمجرد أن تطأها قدمك، تشعر بأنك دخلت إلى مخزن كبير لمعدات البناء، فأطنان الأسمنت والزلط، تحاصرك، تشعر فى الهواء بغبارها، وهو ما جعل عددا من الشباب يسجلون عبارات على حوائط الأرض التى يستخدمها أصحابها لتخزين الأسمنت ترفض مروره ومن بينها «هرب كل حاجة إلا الزلط»، من أجل هواء نظيف».

تضم مدينة رفح معبر «كرم أبوسالم» والذى يديره الجيش الإسرائيلى ويتم من خلاله نقل البضائع وغيرها، بالإضافة إلى معبر رفح البرى، والذى يسمح من خلاله بعبور الأفراد من وإلى قطاع غزة، كذلك بوابة صلاح الدين التاريخية المغلقة مند ثمانينيات القرن الماضى، بينما يغلب الطابع البسيط على منازلها حيث لا يتجاوز ارتفاع منازلها 3 أدوار بينما تشاهد على الجانب الآخر بفلسطين عقارات تتكون من ثمانية وعشرة طوابق.

أسواق المدينة الصغيرة تشاهد فيها كميات كبيرة من البضائع لا تتناسب إطلاقا مع عدد سكانها وهو ما يرجعه السكان إلى عمليات التهريب التى تتم لاسيما أن غالبية المحال التجارية التى تضم بضائع متعددة بالقرب من السور الحدودى الفاصل والأنفاق التى تم إخفاء معالم عدد منها بسبب تواجد قوات الجيش.

تهريب الزلط والأسمنت توقف بعد واقعة الاعتداء على الكمين ووصول مدرعات للجيش للوقوف بداخل المدينة للمرة الأولى، منذ الثورة، فقسم الشرطة الوحيد بها تعرض للحرق يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 ومنذ ذلك الحين ظل المبنى المكون من ثلاثة أدوار محروقا وغادرت القوة الأمنية الموجودة فيه بينما يتم إنشاء قسم جديد إلا أن المقاول توقف عن البناء بعدما تلقى بيانا يحمل تهديدات من عناصر متشددة بوقف العمل رفضا لوجود الشرطة مجددا وإلا تعرضوا للقتل!

التوقف راجع إلى عمليات الإغلاق والردم المؤقت التى قام بها أصحاب الأنفاق تخوفا من الحملات الأمنية التى تداهم الأنفاق وتقوم بإغلاقها، فالأنفاق المخصصة للأفراد تعمل ساعتين فقط فى الصباح الباكر، وأنفاق نقل البضائع مغلقة تماما حتى إشعار آخر، وهو ما يظهر فى معالم ركود الحركة وتخزين البضائع فى المدينة.

الأنفاق المخصصة لنقل البضائع يقدرها العاملون فى هذا المجال بالعشرات، على الرغم من عدم وجود حصر دقيق بها، حيث يتم استعمال الكهرباء فى الأنفاق لإدارة المعدات المستخدمة فى نقل البضائع والتى لا تنقل بواسطة أفراد ولكن معدات الأمر الذى يرفع من تكلفة إنشاء النفق لتزويده بإمكانيات خاصة تلائم طبيعة الحركة بداخله.

عندما تبدأ فى التجول بالمدينة الهادئة تجد القليل من الأطفال يسيرون فى الشارع يسألون الغرباء الذين يعرفونهم من زيهم، «بدكم تبلشوا» وهى العبارة التى يعرفها كل من اعتاد على العبور إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، حيث يتم الاتفاق على العبور مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 50 و150 دولارا.

أحد المتعاملين مع الانفاق قال ل«الشروق» إن السعر يتحدد وفقا لمقتضيات اليوم وطبيعته، ففى الأيام التى يتم فيها فتح المعبر يكون منخفضا، وفى الأيام التى يغلق فيها المعبر يرتفع ويتضاعف موضحا أن حركة الأنفاق شهدت نشاطا بعد إغلاق المعبر بسبب كمين رفح وتم رفع أجرة العبور ذهابا فقط إلى 150 دولارا و200 دولار.

رفح المصرية هى آخر مدينة على الحدود مع فلسطين، ولا يفصل بينها وبين رفح الفلسطينية سوى سور لا يتجاوز ارتفاعه أكثر من 2.5 متر، يسير بمحاذاة المنازل التى شيدها أصحابها على أراضى دون أن يتملوكها بسبب رفض المحافظة تمليكهم الأراضى التى يعيشون عليها من عشرات السنوات.

الزى المميز لأهالى المنطقة هو الزى البدوى والعربى «الجلباب الأبيض وأسفله بنطلون، فضلا عن أنهم يعرفون بعضهم البعض جيدا، فالأشخاص والعائلات يعرفون بعضهم واللهجة البدوية تسيطر على حديثهم، بينما لهجة الاستنكار والدعاء على المتعدين على جنود الجيش هى المسيطرة فى دعاء الأئمة فى الصلوات.

البطالة والفقر، هى السمة المشتركة بين المدينة وباقى القرى المحيطة بها، فالشباب لا يجد فرص عمل، وهو ما يدفعهم للعمل بالتهريب بحسب إسماعيل الشاب العشرينى الذى أكد أنه ينتظر عودة الحركة فى الانفاق حيث يعتمد عليها فى العمل بشكل يومى بما يحقق عائدا له ما بين 50 و100 جنيه.

يوضح إسماعيل أن نشاط الأنفاق يستفيد منه العشرات وليس أصحابها فحسب، فهناك عمال يعملون بها، وسيارات نقل تأتى لتنقل المواد الثقيلة، مشيرا إلى أن المستفيد الوحيد من حركة الركود الموجودة الآن هم أصحاب الأراضى الذين تم تخزين البضائع فيها لحين عودة الحركة بالأنفاق.

الناشطة السيناوية منى برهوم تؤكد على أن حياة أهالى رفح تغيرت بشكل كامل بعد إنشاء الانفاق، وأصبحت أكثر سوءا، وتحديدا بعد واقعة كسر الفلسطينين للسور الحدودى الفاصل وما تلاه من عملية إنشاء للأنفاق فى ظل غياب الدولة بشكل كامل، لافتة إلى أن هذه الأنفاق أدت إلى زيادة الأسعار بسبب اتجاه التجار لتهريب السلع وتحقيق عائد مادى أكبر فضلا عن إلحاق الأضرار الصحية بالأطفال.

تشير برهوم إلى أن الانتكاسة الكبرى حدثت بعد أن قامت إسرائيل بإدخال المواد الغذائية والملابس وغيرها من مسلتزمات الحياة اليومية عبر معبرها لقطاع غزة، وهو ما يجعل أهالى غزة يفضلون شراء المنتجات الإسرائيلية نظرا لجودتها لتتحول بعدها المدينة إلى ناقل لجميع مواد البناء الثقيلة فحسب.

برهوم لم تخف نظرة الحزن واليأس التى سيطرت على الأهالى بسبب تجاهل المسئولين لهم طوال سنوات طويلة وتوالى حكم جنرالات العسكرى للمدينة الحدودية الصغيرة موضحة أن كل رئيس مدينة يتولى منصب رئيس مدينة رفح لا بد أن يكون عسكريا وعندما يفهم طبيعة الأهالى بعد وقت ليس بالقصير يتم نقله من المدينة.

تشير الناشطة السيناوية إلى بعض المضايقات التى يتعرض لها أهالى المدينة ومن بينها عدم تملكهم الأراضى التى يقيمون عليها، وصعوبة الحصول على تراخيص المرافق من المياه والكهرباء خصوصا فى المنازل القريبة من السور الحدودى موضحة أن عدم تملكهم الأراضى يكون لأسباب غير مبررة بالنسبة لهم.

المهندس عبدالله الحجاوى رئيس الجمعية الأهلية لحماية البيئة بشمال سيناء أكد أن تحويل رفح لمخزن كبير من أجل نقل البضائع إلى قطاع غزة أدى إلى أصابة الأهالى بالعديد من الأمراض وعرض المدينة لكثير من المخاطر لاسيما فيما يتعلق بالنباتات التى تغيرت ألوانها من الأخضر للرصاصى نتيجة كمية التلوث المرتفعة.

وأوضح أن نحو 30% من الأطفال دون الثانية عشرة من عمرهم مصابون بأمراض صدرية نتيجة غبار الأسمنت، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة المصابين من كبار السن بنفس الأمراض مشيرا إلى أن هناك أمراضا اخرى لا تظهر على المدى البعيد.

وأشار الحجاوى إلى أضرار التبادل التجارى عبر الأنفاق مع قطاع غزة تتمثل أيضا فى إدخال بضائع إسرائيلية إلى رفح تتسبب فى أضرار صحية ومن بينها «المنبغان» الذى يتم استخدامه فى الزراعة لانخفاض سعره على الرغم من أن العبوات مكتوب عليها لا يستخدم فى إسرائيل بسبب الآثار الجانبية له.

ولفت إلى أن الأضرار البيئة لا تتمثل فى الآثار الضارة لعملية التهريب فحسب، ولكن أيضا لعمليات التلوث التى تحيط بها من كل ناحية، ففى الجانب الفلسطينى يقوم الفلسطينيون بإلقاء الصرف الخام فى البحر المتوسط إضافة إلى أن الصرف الذى يتم طرحه فى وادى غزة القريب من الحدود المصرية يتسرب إلى المياه الجوفية المشتركة بين البلدين الأمر الذى أثر على نظافة المياه.

الخبير العسكرى اللواء عبدالمنعم سعيد قال ل«الشروق» إن انقطاع الاتصالات فى المناطق الحدودية يكون لأسباب أمنية ولفترات محددة مشيرا إلى أن شبكات المحمول فى المناطق الحدودية تكون ضعيفة بصفة عامة وتحتاج إلى تعديل يدوى من صاحب المحمول حتى يتعامل مع الشبكة المصرية.

وأشار سعيد إلى أن ما يحدث فى مدينة رفح أمر مؤقت واستئنائى ولن يدوم طويلا، فالعمليات العسكرية فى سيناء لن تتوقف قبل القضاء على البؤر الإجرامية التى نشأت بسبب تجاهل النظام لها لفترة طويلة حتى أصبحت قوية ولم يتم التصدى لها منذ بدايتها لافتا إلى أن هذه الأوضاع لن تستمر طويلا وتحتاج إلى مساندة أبناء سيناء فيها.

وأوضح أن مستقبل رفح مرتبط بالتنمية فى سيناء، خصوصا أن تعمير المدينة وانتقال السكان للعيش فيها سيكون خير ضمان لعدم توغل العناصر الإجرامية فيها لافتا إلى أنه يمكن مسقبلا حال حصول الدولة الفلسطينية على استقلالها أن يتم تخفيف القيود فى حرية الانتقال بين البلدين عن الموجودة حاليا والمرتبطة بظروف الاحتلال الإسرائيلى.


رئيس المدينة: ناشدت المسئولين من أجل شبكات المحمول ولم أتلق ردًا ولا أستطيع وقف التهريب

قال اللواء محمد السعدنى رئيس مدينة رفح أن إعادة الحياة إلى المدينة مرهون بجهاز تنمية سيناء الذى يواجه تفعيله بعض القيود الإدارية الخاصة بالمكان الذى سيكون فيه المقر الخاص به، وغيرها من المعوقات الإدارية مشيرا إلى أن تنمية رفح مرهونة بالإرادة السياسية وتنمية الحدود.

وأضاف السعدنى وهو عسكرى سابق أن المشكلة التى يعانى منها الأهالى فيما يتعلق بانقطاع خدمات شبكات المحمول المصرية تقتصر على المنطقة الملازمة للشريط الحدودى فحسب، وليس جميع مناطق المدينة موضحا أنه عندما تسلم رئاسة المدينة العام الماضى أرسل خطابات للمحافظة ووزير الاتصالات لكن لم يجد ردا، مرجحا أن يكون السبب أمنيا.

وأوضح أنه لا يستطيع إيقاف عمليات التهريب التى تتم فى وضح النهار بسبب عدم وجود قوة أمنية يمكن أن تقوم بذلك، فقسم الشرطة بالمدينة تعرض للحرق يوم 28 يناير ولم يتم بناؤه حتى الآن ولا يوجد ضابط شرطة واحد فى المدينة، والتواجد الأمنى مقصور على إدارة المرور التى تم تخصيص مكان لها فى نفس مبنى خدمة المواطنين من أجل التسهيل عليهم.

وأشار إلى أنه تمت مخاطبة مديرية الأمن والمحافظة من أجل إعادة فتح قسم الشرطة أو تواجد هيكله من ضباط وجنود ولكن عملية بناء مقر القسم الجديد لا تزال سارية ولا تتواجد أى قوات لحفظ الأمن من الشرطة وهو الأمر الذى يجعله يتدخل شخصيا فى أى خلاف لحله إذا لم ينهى الأهالى الموضوع بينهم.

وأكد السعدنى أنه لا يعرف كيف تم بناء كل هذا العدد من الأنفاق التى تمتلئ به المدينة موضحا أن الحل لوقف عمليات التهريب هو تحويل المدينة لمنطقة تجارية حرة وفقا للقواعد العالمية المعمول بها على الحدود بين أى دولتين وهو الأمر الذى سيؤدى إلى إنعاش المنطقة بالكامل.

وأشار إلى أن المنطقة الحرة بحاجة إلى قرار سيادى وأن هذا القرار سيوقف بشكل كامل عمليات التهريب ويعود بالعائد على الدولة، فعمليات التهريب الموجودة فى المنطقة لا يستفيد منها سوى أشخاص محددين بينما فى حال تحويلها لمنطقة حرة ستعود الفائدة على الدولة أيضا.



مليارا جنيه سنويًا حجم الاقتصاد السرى للأنفاق






لم يكن إنشاء منطقة حرة فى مدينة رفح الحدودية أمر جديدا، فالتوترات الأخيرة فى منطقة رفح الحدودية والشروع فى إزالة الأنفاق تحت الشريط الحدودى ربما ساهمت وعجلت فى تدعيم المطالب بإنشائها بديلا للتجارة غير المشروعة والاقتصاد السرى فى المنطقة.

الفكرة تم طرحها فى ظل النظام السابق وتحديدا فى عهد اللواء عبدالفضيل شوشة محافظ شمال سيناء الأسبق، حيث تم تكليف مكتب استشارى بالقاهرة لرسم مخطط عمرانى جديد فى مدينة رفح كشفت تفاصيله عن اشتماله منطقة حرة وميناء ومناطق خدمات لرجال الأعمال.

المنطقة الحرة فى رفح بديلا للأنفاق لتوفير احتياجات أهالى قطاع غزة، كما لها من الأنصار لها ايضا من المعارضين وكل له أسبابه، ومن أبرز مؤيدى إنشاء المنطقة الحرة الدكتور محمد البرادعى حيث طرح الأمر فى أكثر من تصريح له إنشاء منطقة حرة فى رفح يدخل إليها الفلسطينيون يشترون أغراضهم ويخرجون مرة أخرى.

أشرف الحفنى منسق الحركة الثورية الاشتراكية بشمال سيناء أكد أن تحويل رفح لمنطقة تجارية نفعية يرسخ ثقافة السمسرة بدلا من الدعم المباشر للشعب الفلسطينى الدى يناضل من أجل عدالة قضيته معتبرا أن إنشاء المنطقة سيهدف إلى تضييع ثوابت القضية الفلسطينية ومنها حق العودة.

ويرى الحفنى أن المنطقة الحرة تحايلا جديدا لمشروع توطين الفلسطينيين الصهيونى القديم بتمدد قطاع غزة فى سيناء عبر بوابة اقتصادية رأسمالية ضمن منظومة الاقتصاد الحر الذى ينتهجه نظام الحكم الجديد ويهمل استثمارات الدولة المطلوبة فى سيناء التى من المؤكد أن عموم المواطنيين سيستفيدون منها وليس قلة من رجال الأعمال.

يؤكد الحفنى أن الحل يكمن فى قرار سياسى مكمل لإغلاق الانفاق وهو فتح معبر رفح بشكل كامل ومنه الشق التجارى بوصف معبر رفح رمزا للسيادة الوطنية غير المرتبطة باتفاقيات دولية على غرار اتفاق المعابر 2005 الذى أشرك مصر فى منظومة حصار الشعب الفلسطينى.

يختلف معه فى الرأى ناصر أبوعكر عضو الغرفة التجارية بشمال سيناء واحد أعضاء الوفد الصرى الذى التقى بنظيره الفلسطينى فى قطاع غزة فى فبراير الماضى وتباحثوا حول سبل التعاون بنى الطرفين وتمت مناقشة إنشاء المنطقة الحرة برفح.

وأشار أبوعكر إلى أن تحويل المدينة إلى منطقة حرة سيكون كحل مكمل بعد إغلاق الأنفاق التى خلقت اقتصادا غير مشروعا يقدر بنحو 2 مليار جنيه سنويا مشيرا إلى أن المدينة الحدودية هى بوابة هامة للغاية وتامينها لا يتم عبر منظومة أمنية فقط بل بمكملات اقتصادية ومنها إنشاء منطقة حرة وفق ضوابط وقوانيين محددة وصارمة بحيث لا تتحول إلى مشروع توطين بديل للفلسطينيين.

وأكد أبوعكر على أن الأنفاق خلقت اقتصادا سريا لا تستفيد منه الدولة ولا غالبية المواطنين وأن إنشاءها يحقق فائدة للدولة ولعموم المواطنين ويقضى أيضا على أعمال التسلل والتهريب بما يحفظ أمن مصر القومى.

ويطرح عبدالله قنديل رئيس الغرفة التجارية بشمال سيناء حزمة من المقترحات التى تعزز فرض الاستثمار بالمنقطة ككل بما فيها رفح ومنها قرار بالإعفاء الضريبى على الأراضى يصل إلى 10 سنوات ودعم البنية التحتية الأساسية مع إقامة منطقة خدمات لوجستية بسيناء وهو ما يعزز الاستثمارات بالمنطقة وإعادة تعميرها من أجل القضاء على العمليات الإرهابية بالمنطقة ونشر سياسة السلام والأمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.