نستمتع جميعا بالتكهن حول من هو النظام العربى القادم الذى سيسقط، ولكن قد يكون من الواجب أن نفحص عن كثب أمورنا الداخلية. ارتفاع معدلات البطالة؟ واقع. النخب المنعزلة؟ واقع. الشباب المحبط؟ أستطيع أن أشهد كأمريكى يبلغ من العمر 24 عاما، أن هذه الديمقراطية الثرية لديها الكثير من المشكلات أيضا. وهناك إحصائية تستخدم غالبا كمبرر للثورة فى مصر، تقول إن نحو ربع العاملين المصريين تحت سن الخامسة والعشرين يعانون البطالة. وفى يناير، ذكر مكتب إحصاءات العمل فى الولاياتالمتحدة أن معدل البطالة الرسمى بلغ 21 فى المائة بالنسبة للعاملين فى المرحلة العمرية من 16 إلى 24 عاما. وكانوا يعلمون جيلى أن التعليم والعمل الجاد هو كل ما نحتاجه من أجل النجاح. فلتجرب أن تقول ذلك لصديقى من المدرسة الثانوية الذى درس العلاقات الصينية الدولية فى إحدى كليات القمة. فقد تخرج لسوء الحظ عام 2009، ولم يجد عملا بأجر إلا كحارس ومدرب شخصى. ولم يكن للأعمال تحت التدريب غير مدفوعة الأجر التى قام بها فى معاهد بحثية جدوى. وبعد أكثر من عام، عاد أدراجه مع والديه. ويروى ملايين الخريجين فى البلدان الغنية قصصا مشابهة. ففى إيطاليا والبرتغال واسبانيا، يعانى ربع خريجى الكليات تحت سن 25 عاما من البطالة. وفى الولاياتالمتحدة، يبلغ المعدل الرسمى للبطالة فى هذه المجموعة العمرية 11.2 فى المائة، بينما تبلغ النسبة 4.5 فى المائة بين خرجى الكليات فى سن 25 عاما فأكثر. والأرجح أن معدل البطالة الحقيقى لشباب الخريجين يزيد على تلك النسبة التى لا تضع فى الاعتبار من التحقوا بالدراسات العليا فى محاولة للفرار من العاصفة الاقتصادية، أو فروا من البلاد للعمل فى تدريس الإنجليزية بالخارج. كما أنها ستزيد على ذلك، إذا حسبنا جميع الخريجين الشباب الذين يئسوا من البحث عن فرصة عمل بدوام كامل، ويعملون بنظام بعض الوقت لعدم وجود بديل. ولا تعتبر تكلفة بطالة الشباب مالية فحسب، ولكن عاطفية أيضا. فمن المفترض أن يكون الحصول على وظيفة مكافأة عن ساعات من الدراسة، وقضاء أمسيات فى أداء الواجبات المنزلية بدلا من مصاحبة الأصدقاء، وليال طويلة لا تحصى فى إعداد الأبحاث. ويتهدد ملايين الشباب العاجزين عن الحصول على وظيفة أو الذين يقبلون وظائف لا تحتاج تعليما جامعيا، خطر فقدان الإيمان بالمستقبل. فهم يرجئون إلى أجل غير مسمى الحياة التى أرادوها وتهيأوا لها، فكل ما يهم هو الحصول على نقود لدفع الإيجار. وحتى لو اصبحت سوق العمل منتعشة كما كانت فى عام 2007 الأمر الذى يقول اقتصاديون إنه قد يستغرق أكثر من عشر سنوات فسوف يكون جيلى قد خسر سنوات من خبرة بناء مجال عمل. وكان من السهل إلقاء اللوم على حسنى مبارك بسبب احباطات الشباب المصرى فقد كان فى السلطة من قبل أن يولدوا. لكن باراك أوباما ليس هدفا سهلا بنفس القدر، فهو إلى جانب شرعيته الديمقراطية، ليس المسئول الوحيد عن ضعف الانتعاش. وعندما لا يكون هناك شخص محدد يلقى عليه اللوم، يتراكم الإحباط. بينما تسعى الحكومات فى العالم لتحقيق الاستقرار فى موازناتها، أخشى أن يتحمل الشباب وطأة ذلك: فسوف تزيد الضرائب على العاملين، ويقل الإنفاق على التعليم، بينما لا يمس الدعم على الرهون العقارية ولا مستحقات كبار السن. وعلى الأقل، فإن حكومتى السعودية والكويت تحاولان رشوة رعاياهما من الشباب. وتعتبر الانتفاضات فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنذارا للعالم المتقدم. وحتى إذا لم يكن واردا قيام ثورة على النمط المصرى فى دولة ديمقراطية غنية، من السهل إدراك إحباط جيل يفتقر إلى فرصة. وقد دفع «الجيل اليائس» فى البرتغال بعشرات الآلاف من الأشخاص إلى المشاركة فى احتجاجات عمت البلاد يوم 12 مارس. فمتى سوف يحذو بقية أثرياء العالم حذوهم؟