●● معظم لاعبى إسبانيا وأوروبا عبروا عن تعاطفهم الإنسانى مع أبيدال نجم برشلونة الذى ينتظر أن يجرى جراحة زراعة كبد، بسبب السرطان. وهو تشجيع على المقاومة، فربما يستمد أبيدال القوة من هذا التكاتف، وقد فعلها المدريديون، لاعبو ريال مدريد، وكذلك فريق غرناطة شوقا للاسم العربى، أو جرانادا تيمنا بالأجانب.. حيث ارتدوا قمصانا كتب عليها اسم أبيدال، فى دعوة علنية أمام ملايين المشاهدين لمساندته.. وتلك واحدة من قيم الرياضة الحقيقية التى نفتقدها. وأنتم تعلمون أن رياضتنا معظمها مشاكل، حتى أصبحت هى المادة الرئيسية أو الوحيدة فى كثير من برامج الحوادث، عفوا، أقصد برامج الرياضة؟ ●● فى مباراة برشلونة وغرناطة، اهتم الإعلام بأهداف ليونيل ميسى، فدقت الوكالات خبر تعادله مع سيزار رودريجيز برصيد 232 هدفا وأعلنت شاشة الملعب ذلك. ثم احتفل الإعلام بتسجيل ميسى هدفين آخرين، ليصبح هداف التاريخ فى برشلونة، برصيد 234 هدفا.. ودون صياح أو صراخ أخذ المعلق الإنجليزى يحتفى بالإنجاز الذى حققه نجم برشلونة.. إنهم هناك فى «أوروبا والدول المتقدمة» يفرحون بالنجاح، ويحبون إنجاز الآخر، فيما يسحب الناجح إلى أسفل كى يشترك مع الفاشلين فى فشلهم فى الدول المتأخرة؟
●● منذ فترة أتابع مباريات الكرة الأوروبية التى يعلق عليها المعلقون الإنجليز.. وهم أصحاب مدرسة مختلفة عن الإسبان والبرازيليين، الذين يصرخون ويتكلمون بلا توقف. وفى زيارة للبرازيل وأوروجواى منذ 30 سنة وجدت إسطوانات لأشهر المعلقين، أيام «البيك أب» (رد فعل من يسمع اسم الآلة سيكون هو نفسه رد فعلى عند سماعى كلمة جرامفون) وتحمل تلك الإسطوانات أشهر الصرخات التى تواكب تسجيل الأهداف، وهى مزعجة، حيث يمدون فى حرف «الواو» فيكون الهدف «جوووول». وحين حاول معلق مصرى فى يوم من الأيام تقليد البرازيليين والبرتغاليين، داعبته بأنه صرخ جوووول فى استاد القاهرة، وأخذ الكلمة وسافر بها إلى شرم الشيخ، وأنهاها فى المطار.
●● المعلقون الإنجليز مدرستهم مختلفة، فهم ينطقون الأسماء فى معظم فترات المباراة.. ومع الاسم يقولون كلمة أو جملة فنية تعبر عن المشهد.. وهم يمنحون الناس فترات صمت قصيرة لكنها مريحة.
ونحن نكرر قصص التعليق على مباريات كرة القدم وعلى غيرها من الألعاب الرياضية.. وهناك تفسير طريف بشأن عدم صمت المعلق العربى، الذى لا يتوقف عن الكلام حتى لو ضاع صوته، فقد قال لى صديق: «أنه الفزع من الفراغ». وأسهب فى الشرح وربط عدم صمت المعلق العربى بفن العمارة الإسلامية وجذوره..
وفى حوار قرأته مع الفنان التشكيلى أحمد رأفت الذى اشتهر باستخدام الحرف العربى فى لوحاته وجدته يقول: «فى الإنسان شعور معين يسمى» الخوف من الفراغ «وهو عجزه عن قبول المكان الخالى».
وجاء فى الموسوعات أن الخوف أو الفزع من الفراغ (Fear of emptiness)، يقترن بفنون العمارة الإسلامية.. وفسر الكثيرون من النقاد الأوروبيين الأرابسك عند العرب على انه الخوف من الفراغ.. ويبدو أن صديقى كان محقا؟