إن مواقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من البؤر الاستيطانية غير القانونية تظهر قدرته الهائلة على المماطلة، وعلى تبنى المواقف البهلوانية، فضلا على محاولته القيام بالمستحيل، أى الظهور فى صورة الزعيم الراغب فى تحقيق السلام والمدافع عن القانون والذى يحترم الأسس الديمقراطية، وفى الوقت نفسه الباحث عن أى وسيلة لشرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية عبر الالتفاف على الأحكام الصادرة عن محكمة العدل العليا وعبر الاستيلاء على الملكيات الخاصة. وبدلا من أن ينهى الحملات المسعورة التى تدافع عن بقاء مستوطنة ميغرون وهضبة هأولبانا (اللتين صدرت أوامر من المحكمة العليا بإخلائهما)، نراه يدعم الاحتيال على احترام الأحكام النهائية الصادرة عن أعلى هيئة قضائية فى إسرائيل. وبالأمس فرض نتنياهو على أعضاء الائتلاف الحكومى التصويت ضد اقتراح قانون، قدمه عضو الكنيست يعقوب كاتس (حزب الاتحاد القومى)، يدعو إلى شرعنة مبانٍ أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة فى المستوطنات بموافقة من الحكومة وبمساعدتها، والسماح لأصحابها بالمطالبة بتعويضات. لكنه فى المقابل وافق على طلب عضو الكنيست زفولون أورليف (من حزب البيت اليهودى) تأجيل تصويت الكنيست على اقتراح القانون الذى قدمه، والذى ينص على بقاء المستوطنين فى منازلهم فى حال تم تقديم شكوى ضدهم بعد مرور أربعة أعوام على بناء هذه المنازل، وعلى حق أصحاب هذه المنازل فى الحصول على تعويضات. من ناحية أخرى طلب رئيس الحكومة من وزير الدفاع إيهود باراك تأجيل هدم منازل هضبة هأولبانا لمدة أسبوعين آخرين.
إن كل يوم يمر على تقديم مثل هذه القوانين إلى الكنيست لا يشكل فضيحة للمحاكم وللكنيست فحسب، بل يلحق ضررا كبيرا بعلاقات إسرائيل الخارجية.
فلا يحق للكنيست الإسرائيلى إصدار قوانين تتعلق بأراضٍ ليست خاضعة للسيادة الإسرائيلية. من هنا يتعين على الائتلاف الحكومى العريض، الذى يستند إليه نتنياهو، أن يدعم تطبيق قرارات محكمة العدل العليا. وإذا كانت كتلة «كاديما» وحزب «عتسمؤوت» (الذى يتزعمه باراك) لا يستطيعان التصويت ضد هذه القوانين (لأنهما مضطران الالتزام بالموقف الذى يتبناه الائتلاف الحكومى)، فإن عليهما المطالبة بعدم إدراجها فى جدول الأعمال، واعتبار ذلك شرطا لمواصلة مشاركتهما فى الحكومة. إن احترام القرارات الصادرة عن محكمة العدل العليا يجب ألاّ يكون مشروطا بأى شىء، ولا سيما بدعم الاستيطان.