جنازات وعزاء مشاهير الفن والسياسة.. والجمعيات الخيرية والطبية الملحقة به كانت ملامح مسجد رابعة العدوية الذى اختيرت دار المناسبات الملحقة به كقبلة أولى لتشيع جنازات المشاهير وتلقى العزاء فيهم لقربه من مقابر شرق القاهرة.. لكنه اكتسب معانى ومكانة أخرى عقب ثورة 25 يناير، بعد أن انطلقت منه أكبر مسيرة يوم جمعة الغضب، ليتحول المسجد بساحاته إلى منبع للثورة ليس المصرية فقط، ولكن الليبية أيضا بعد أن بدأت إدارته فى جمع أول التبرعات للثورة الليبية. هنا فى طريق النصر الذى يربط أحياء مدينة نصر لم يكن التجمهر لشىء سوى للاحتفالات بمباريات كرة القدم، ليتحول المشهد عقب الثورة من استاد القاهرة إلى ساحة مسجد رابعة العدوية، الذى انطلقت منه المسيرات والمساعدات الطبية للمعتصمين فى التحرير، وانهال الدعاة والمسيسين فى إلقاء دروس السياسة بدلا من الدين والتنمية البشرية، لتوعية مرتادى المسجد بالأحداث السياسية التى تلت تنحى مبارك بداية من الاستفتاء على الدستور فى مارس 2011 حتى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
«كنا عاوزين الثورة يشارك فيها كل حى فى مصر علشان كده حطينا مسجد رابعة فى مقترحات الأماكن اللى هاينطلق منها المسيرات يوم جمعة الغضب.. والنتيجة مكناش متوقعينها لأن عددا كبيرا من أهالى مدينة نصر كان مستعد للمشاركة فى المسيرة.. وده طبعا قبل ما نصطدم بالأمن من بداية العباسية حتى رمسيس ثم دخول التحرير بسهولة لأنه وقتها كانت الشرطة انسحبت ودخول الميدان كان سهل علينا.. أكثر من المظاهرات اللى طلعت من أماكن قريبة من ميدان التحرير وماقدرتش توصل له».
ما سبق ذكريات يرويها حسين محمود، الذى احتجز لساعات فى قسم شرطة مدينة نصر، بعد مشاركته فى المسيرة التى انطلقت من أمام مسجد رابعة العدوية ليلحق بها بعد أن أفرج عنه عقب انسحاب الشرطة فى الساعة السادسة من يوم جمعة الغضب 28 يناير. تقول أروى أيمن إحدى سكان مدينة نصر أن أغلب مشاركتها فى أحداث الثورة وما تبعها خلال العامين الماضيين كانت تبدأ من مسجد رابعة العدوية لقربة من منزلها وكونه نقطة تجمهر أهالى شرق القاهرة، «ومسيرات رابعة ميزتها انها بتمشى فى طريق طويل وبتتقابل مع مسيرات تانية فى صلاح سالم والعباسية». جنازات الشهداء فى أحداث الثورة وما تبعها من أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية التى سقط فيها العشرات من الشهداء.. كان عنوانها مسجد رابعة العدوية.. ليبدأ مع الثورة تاريخ جديد للمسجد فى تشييع جنازات الشهداء بدلا من المشاهير، والتى كانت أبرزها جنازة الشهيد محمد مصطفى عقب أحداث مجلس الوزراء.
هوية المحاضرين المترددين على قاعة المحاضرات الملحقة برابعة العدوية تحولت من خبراء التنمية البشرية إلى خبراء السياسية فكانت سلسلة من ندوات اعرف دستورك واختار مرشحك، تقول أروى « المحاضرات قبل الثورة مكنش لها طابع ثورى.. لكنها أدت لفكر ثورى لدى الشباب لأنها كانت بتركز على التوعية والأمل والتغيير».
مقر نصر الثورة الليبية.. هكذا أعلن عدد من المتطوعيين عن أن مسجد رابعة العدوية مقرا لقبول التبرعات المادية والعينية والطبية التى ملئت الرصيف المؤدى للمسجد والمطل على شارع النصر، وبدأت تعبئتها وشحنها فى سيارات انطلقت يوميا على الحدود المصرية الليبية لنصرة الثورة الليبية.
حملات المرشحين لانتخابات الرئاسة، والمرشحين على مقعد شرق القاهرة فى البرلمان انطلقت من أمام مسجد رابعة العدوية أيضا.. لأنه المسجد الذى يتردد عليه معظم سكان مدينة نصر، فكان مقرا للدعاية الانتخابية لحملة أبوالفتوح، كما استغله النائب مصطفى النجار فى لقاء أهالى دائرته والاستماع إلى مطالبهم ومشاكل الحى بعد فوزه فى الانتخابات البرلمانية.