أمضى قطاع الإسكان العام ونصف العام الماضية فى حالة من الاستقرار بعيدا عن التقلبات الحادة للسياسة، تحت إدارة وزير واحد، على خلاف معظم الوزارات الأخرى، فتحى البرادعى، الذى تولى وزارة الإسكان مع حكومة أحمد شفيق آخر حكومات مبارك ثم صاحب عصام شرف فى حكومته، لم يتركها سوى مع استقالة حكومة الجنزورى منذ أيام، استطاع خلال هذه الفترة أن يطرح 25 ألف قطعة أرض مرفقة للإسكان العائلى عن طريق القرعة العلنية، فى حين كانت الوزارة لا تطرح أكثرمن 7 آلاف قطعة فى العام. العمل كحكومة مستقرة سياسيا بعيدا عن مسمى الحكومة الانتقالية، كانت سياسة فتحى البرادعى فى إدارة قطاع الإسكان، فبدأ فى مشروع «المليون شقة»، الذى يستغرق تنفيذه 5 سنوات، رغم أن الحكومة التى يعمل ضمنها مؤقته، فقام بطرح 28 ألف وحدة سكنية فى مناقصات للتنفيذ، وشاركه وزارة الدفاع فى تنفيذ 20 ألف وحدة سكنية، وكان ينسق مع المحافظين لبناء 50 ألف وحدة على أراضى الدولة فى المحافظات، جميعها مساحة 73 مترا كاملة التشطيب.
وتعتبر السياسات جزء من المخططات التنموية المستقبلية لمصر التى يجب أن يتعامل معها الرئيس القادم بجدية وسرعة، و يرى الدكتور أبوزيد راجح، أستاذ التخطيط العمرانى، أن «المخطط الاستراتيجى القومى لمصر» هو الوثيقة المرجعية التنموية لمصر فى المستقبل، واصفا هذه الوثيقة ب«خريطة الطريق المصرية»، بدونها ليس لنا هدف نسعى إليه جميعا لتحقيقه.
ويستكمل راجح موضحا أن هذه الوثيقة ستحسم التشرذم المؤسسى والتشريعى الذى نعيشه الأن، ولذلك وصف مسودة قانون «تنظيم برامج الإسكان الاجتماعى» التى أعدها الدكتور فتحى البرادعى وزير الإسكان السابق، بأنها خطوة ايجابية هى إنشاء صندوق لتمويل برامج الإسكان الاجتماعى، لكنها لا ترقى إلى مستوى السياسات التى تنظم السكن فى مصر.
تسبب هذا القانون الذى توقف عن مناقشته فى مجلس الوزراء فى إعتراضات حقوقية عليه، قال عنها المستشار القانونى للمركز المصرى للحق فى السكن محمد عبدالعال، أن هذا القانون عام فى لغته القانونية ولم يحسم من هم فئة محدودى الدخل التى تستهدفها مشروعات الإسكان الاجتماعى، وهو ما يفتح الباب أمام تدخلات الحكومات القادمة، أن تحدد سمات فئات محدودى الدخل حسب هواها أو الظرف التى تحكم فيه، ويكفى أن الدكتور فتحى البرادعى انتهى إلى هذا القانون وكان يسعى لإقراره من مجلس الشعب دون مناقشته مع الجهات المعنية بتطبيقه.
رغم أن حالة سوق العقارت بالنسبة لشركات العقارات الخاصة كانت مستقرة طوال العام ونصف العام الماضى، إلا أن شركات المقاولات التى كانت تنفذ مشروعات لصالح جهات حكومية، تعرضت لأزمات مالية وغرامات بسبب توقف تنفيذ اعمالها فى فترة الإنفلات الأمنى عقب إندلاع ثورة 25 يناير. حاول الوزير حل هذه الأزمات بتقديم أكثر من مقترح لرئيس الوزراء، الجنزورى، لإعفاء المقاولين من المديونيات وغرامات التأخير، ومنحهم مهلة إضافية لتنفيذ المشروعات بدلا عن فترة التوقف التى جاءت بعد الثورة، إلا ان هذه الحلول لم تكن عملية من وجهة نظر المهندس داكر عبدالله منسق رابطة مقاولى التشييد والبناء، التى رأت ان إعطاء المقاولين مهلة 3 شهور إضافية لإنهاء الأعمال غير كافية.
دخلت هذه الرابطة واتحاد مقاولى التشييد والبناء معركة مع الوزير بسبب قرارات تغيير معيار فروق الأسعار فى مواد البناء، التى يحصل عليها المقاولون لتفادى تعرضهم للخسارة بسبب الزيادات التى تطرأ على أسعار مواد البناء أثناء تنفيذ المشروعات.