سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإعلان عن مرسى رئيسًا يعيد طرح السؤال حول علاقة «الإخوان» ب«الحرية والعدالة» هشام جعفر: العلاقة بينهما ستظل ملتبسة ونموذج حزب «جبهة العمل الأردنى» سيستمر
العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، تمثل إشكالية كبيرة منذ تأسيس الحزب عقب ثورة 25 يناير، وتعقدت المعادلة أكثر فأكثر بين ارتهان العمل الدعوى والتربوى ونشر القيم، بمقايضات ومواءمات العمل السياسى الحزبى. واستبعد خبراء فى الحركات الإسلامية أن تقبل الجماعة فصل ما هو دعوى عن ما هو حزبى، بعد وصول محمد مرسى، مرشح الجماعة والحزب، لرئاسة الجمهورية، ورغم الاتفاق على أهمية ذلك لكنهم استبعدوا حدوثه نتيجة أفكار القيادات الإخوانية الحالية وقناعاتها.
وصنف الراحل حسام تمام، الباحث المتخصص فى ملف الحركات الإسلامية، نموذجين للارتباط بين النموذج الدعوى والنموذج السياسى فى الإخوان، أولهما النموذج المغربى الذى حقق فصلا كاملا وتاما بين المشروعين الدعوى والسياسى، والآخر كان النموذج الأردنى، الذى قررت فيه الحركة الإبقاء على الأهمية الدينية للجماعة، فتكون حزب «جبهة العمل الإسلامى» ذراعا سياسية للجماعة من دون أن يكون هناك تمييز واضح فى الوظائف، أو على مستوى القواعد.
من جانبه قال الدكتور محمد بريك، المحاضر فى الدراسات الاستراتيجية، بجامعة ريدينج البريطانية، إن المشكلة الأساسية التى ينبغى أن تشغل بال كل المهتمين بقضايا الوطن هى هيمنة المجلس العسكرى ورغبته فى السيطرة والاستحواذ على كل مفاصل الدولة المصرية.
وأضاف بريك أن هناك كثيرا من الإشكاليات فى جماعة الإخوان المسلمين، أهمها تمازج المصلحة العامة بشكل كبير مع المصلحة الخاصة، مضيفا أن كلا الطرفين الأقوى على الساحة المصرية سواء العسكرى او الإخوانى هما تنظيمان شموليان، يحاولان السيطرة على مفاصل الدولة، وتعبئة أدوات الدولة ومصادرها من أجل ما يرونه مصلحة عامة «بنية سلمية» سواء العسكر الذين يحاولون فرض وصاية عسكرية على الدولة، بشكل يتنافى مع قواعد النظام الديمقراطى، او بشكل شمولى لا يتناسب مع الفكر الإسلامى، الذى أقر وجود دوائر منفصلة ومتمايزة يحدث بينها احتكاك وتلاقٍ وتعبر عن مصالح المجموع.
وأشار بريك إلى أنه لا يوجد كيان سياسى يتحرك اجتماعيا ومهنيا وخدميا، لأن التحرك بهذا الشكل يحدث انتكاسة كبرى فى التوازن المطلوب، لأن دور الحزب تقديم وإنتاج كوادر سياسية، لتقديم رؤى وأفكار سياسية لإنقاذ الوطن ووضع حلول سياسية للأزمات التى تواجه الوطن وفق تصورات منهجية، وليس دوره بناء المستشفيات وتقديم الخدمات التضامنية الاجتماعية.
وأضاف بريك، فى اتصال هاتفى مع «الشروق» إن النموذج الشمولى مغر سواء للأحزاب والعسكر، ضاربا المثل بالتداخل الحاصل بين جمعية صناع الحياة وحزب المستقبل الذى أسسه الداعية عمرو خالد، فى تمازج آخر بين الدعوى والسياسى، مشيرا إلى أن الممارسة السياسة تختلف تماما عن الأدوار الحزبية فى «الفعل والفاعلين»، من ناحية أن السياسة تهتم بالصالح العام دون أن تكون معنية بالتنافس على السلطة، بل تشغلها قضايا أكبر كالتحرير الوطنى، والنهضة والتنمية، وهى أهداف ينبغى ألا تتداخل فى الصراعات المرتبطة بمصالح السلطة.
وحول مستقبل العلاقة بين الجماعة والحزب فى ضوء إعلان مرسى رئيسا، قال بريك «أعتقد أن الإخوان بمحركاتها وطبيعة القيادات المسيطرة على الجماعة، هى أقرب للنموذج الأردنى، إن لم تتفوق عليه بمراحل»، مشيرا إلى أنه لو ترك ملف التفاوض لمرسى مع القوى السياسية للمرشح الرئاسى وحده لتم الوصول إلى اتفاقات وتفاهمات سياسية مرضية لجميع القوى الوطنية بشكل أكبر مما تم التوصل إليه الآن، مشيرا إلى أنه لن يتم تفعيل هذه التفاهمات بشكل حقيقى لوجود اعتراضات عليها من بعض قيادات الجماعة المؤثرين، لافتا إلى أن الجماعة لن تؤثر وحدها فى قرارات «الرئيس محمد مرسى» فسيكون معها المجلس العسكرى، والظروف السياسية ومقتضيات الأمن القومى.
ومن جانبه، قال هشام جعفر، الباحث فى الحركات الإسلامية، إن العلاقة ستظل ملتبسة بين الجماعة والحزب فى الفترة المقبلة، نتيجة مساحات التداخل القائمة بينهما لاعتبارات مختلفة، أولها أن الجماعة أعلنت رعايتها للحزب حتى يستقل، ونمط العضوية فى الحزب قائم على هيمنة أعضاء الجماعة على الحزب، وفشل الأخير فى تكوين هيكل عضوية قائم ومستقل بذاته يجذب أعضاء من خارج الجماعة، بالإضافة إلى ان التشكيل القيادى للحزب يسيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين ويتم مناقشة القضايا المصيرية بين الهيئة العليا للحزب، وبين مكتب الإرشاد، لافتا إلى أن إعلان ترشيح خيرت الشاطر تم فى مكتب الإرشاد وعلى لسان مرشد الجماعة.
وتوقع جعفر أن تكون العلاقة بين الحزب والجماعة بعد إعلان مرسى رئيسا، هى أقرب للنموذج الأردنى، متسائلا هل يمكن أن يتطور هذا النموذج فى المستقبل؟!
وأشار جعفر إلى أن تطور العلاقة بين الطرفين مرهون بمحددات أساسية أولها أن يكون هناك قرار حقيقى وشجاع بالفصل بين الدعوى والسياسى، وفصل الحزب عن الجماعة على غرار النموذج المغربى، بالإضافة إلى تغيير هيكل العضوية فى الحزب وتقليص مساحات التداخل الواسعة والقوية جدا بين الحزب والجماعة.
وتوقع جعفر أن تفرض الأسماء المطروحة نوابا لمرسى ومساعدين له فى مؤسسة الرئاسة التى وعد بتشكيلها حال أعلن فوزه رئيسا، دورا كبيرة جدا ومؤثرا، فى استقلال الرئيس عن الجماعة بشكل حقيقى وواضح.
وتمنى جعفر على الجماعة أن تفصل الدعوة عن الحزبى وأن تتفرغ لممارسة دورها الدعوى والتربوى والتوعوى وأن تترك التنافس والعملية السياسية للحزب، فى هذا الظرف الاستثنائى والملتبس، حتى تنضج التجربة الديمقراطية فى مصر.