«العين عليها حارس، لكن قدام طلقة خرطوش أو شومة عسكرى، الحارس ده ممكن ينضرب هو كمان»، بتهكم قال أحمد ماهر أحد ضحايا أحداث العنف الماضية فى العباسية. بحثا عن طبيب لوالدته، نزل أحمد الساكن بالقرب من مسجد النور يوم الجمعة، قبل الاشتباك بلحظات، «حاولت اكلم اكتر من دكتور بالتليفون، لكن محدش كان راضى ييجى بسبب الاحداث، نزلت عشان اتصرف، وفى لحظة لقيت قوات الجيش بتجرى ورا المعتصمين وبيضربوا فيهم، بقيت فى وسطهم ولقيت نفسى بجرى مع الناس، احتميت من قنابل الغاز، وضرب النار ودخلت مسجد النور».
الاقتحام الاول لمسجد النور كان بالبيادة، وفقا لرواية أحمد، ألقى عساكر الجيش القبض على بعض المتواجدين داخل المسجد، ثم جاء الاقتحام الثانى «بدون بيادات، ضربوا الشباب وقبضوا عليهم وشتموهم».
من بعيد كان ماهر يتابع المشهد، يحاول ان يختفى عن أعين ضباط الجيش فى تلك اللحظات العشوائية، «حاولت ابعد علشان ميخدونيش مع الباقى وألحق امى، بس لقيت عساكر من الجيش فى المسجد مسكوا بنت، ضربوها بالشومة، رحت اساعدها وأحميها، كانت النتيجة إن واحد من الجيش ضربنى بالشومة فى وشى بكل قوته، دخلت فى عينى الشمال ومحستش بالدنيا إلا لما لقيت ناس شيلانى وعنيا بتتصفى».
لم تر عين ماهر قبل أن تنزف آخر قطرة دم فيها، سوى أخيه الذى رآه من شرفة المنزل فنزل لإنقاذه، «كانوا بيعاملونا وكأنهم قبضوا على يهود، وكنت بسمع القادة بيشحنوا العساكر ويقولوا لهم دول اللى قتلوا زمايلكم، علشان كده كانوا بيعملونا وكأننا اعداؤهم».
الدكتور طارق سعيد، احد اطباء المستشفى الميدانى بالعباسية، وصف ايام الاعتصام بالمذبحة وقال، «كنا بنشيل ناس متشرحة بالسكاكين»، مشيرا إلى وجود إصابات عبر الرصاص بالرأس بين المعتصمين عوضا عن انفجارات العين»، أعداد القتلى التى كانت فى تزايد وفق رواية طارق وصلت داخل الميدان إلى 12 فردا ثم ارتفعت إلى 25 بالخارج، «كان البلطجية بأجسادهم العارية، وفى ايديهم السكاكين، كتير جدا لدرجة إن الجيش مكنش عارف يفرق بينهم وبين المعتصمين السلميين، بس حرام برضه اللى عملوا الجيش فينا والناس اللى اعتقلهم من غير ميعملوا حاجة».
بعد الأحداث التى حولت ماهر من خريج كلية التجارة وباحث عن عمل محترم إلى أحد الضحايا، «هدفى بقى اكبر من الشغل، بقيت باحلم لنفسى وللبلد اللى عايش فيها، انا خسرت عينى بس عايش وفدا أمى، لكن اللى لازم نجيب حق اخواتنا اللى ماتوا».