يقول المعارضون الذين يقاتلون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد إنهم يغيرون أساليبهم باتجاه القنابل محلية الصنع، على أمل سد الفجوة بين قواتهم وجيشه القوي المتفوق عليهم. وتشير سلسلة من التفجيرات القاتلة وقعت في الأسبوع المنصرم إلى أنهم يبلون بلاء حسنا في هذا الشأن.
وهزت سوريا تفجيرات بسيارات ملغومة ومتفجرات على جوانب الطرق بما في ذلك تفجيرات وقعت في ادلب الاثنين والعاصمة دمشق في الأسبوع الماضي، أسفرت عن مقتل العديد من أفراد أجهزة الأسد الأمنية.
وقال مقاتل من مناهضي نظام الأسد من شمال محافظة إدلب في الأسبوع الماضي أثناء فترة استراحة عبر الحدود في تركيا: "بدأنا نزداد براعة بشأن الأساليب، ونستخدم القنابل لأن الناس فقراء جدا وليس لدينا ما يكفي من البنادق".
وأضاف الرجل الذي طلب عدم نشر اسمه :"لا نضاهي الجيش.. وبالتالي نحاول التركيز على الأساليب التي نستطيع القتال بها".
والتفاصيل بشان ما تقوم به الجماعات المختلفة داخل سورية ضئيلة لأن الحكومة تمنع معظم وسائل الإعلام المستقلة.
وقد أثارت هذه التفجيرات مجموعة من النظريات بما في ذلك أن بعضها قد يكون من فعل رجال الأمن بهدف تشويه سمعة المتمردين أو أنها تشير إلى بروز اسلاميين سوريين مرتبطين بتنظيم القاعدة الذين لا شك في خبرتهم بعد سنوات من النشاط عبر الحدود في العراق.
لكن انطلاقا من علمهم بان الأسد يصور معارضيه على مدى 14 شهرا ماضية بانهم "إرهابيون" ونظرا لحرصهم على الحفاظ على الدعم الغربي والعربي قال عدة مقاتلين إن تفجيراتهم على عكس تنظيم القاعدة تستهدف اهدافا عسكرية ولا تستهدف المدنيين على الإطلاق.
وقال هيثم قديماتي المتحدث باسم جماعة تدعى جيش التحرير السوري: "نحن لا نستهدف المدنيين.. نستهدف بدقة أهداف النظام"، وأضاف: "لسنا قتلة.. نحن ندافع عن أنفسنا".
ويقول الجيش السوري الحر الذي يدعي سيطرته العامة على قوات المتمردين لكنه يفتقر إلى وسائل للسيطرة عليها إنه لا علاقة له بالتفجيرات وإنه ملتزم بوقف اطلاق النار.. وخلال 18 يوما مضطربة تعرضت الهدنة للخطر بسبب قصف الجيش وهجمات المسلحين.
لكن بعض المقاتلين رفضوا الهدنة. ويقولون إنها لا يمكن ان تمنع الانزلاق الى حرب أهلية ضد نخبة حاكمة ليس لديها نية للمساومة على الهيمنة التي شكل المتمردون تحديا لها في البداية باحتجاجات في الشوارع والآن بالتمرد المسلح. وعلى الرغم من اعلان جماعة اسلامية غامضة المسؤولية عن التفجيرات الانتحارية الاخيرة في دمشق يقول كثير من المقاتلين المتمردين ان التغير في الاساليب من البنادق للقنابل اسبابه اقتصادية وليس إيديولوجية.
فالمعارك والمناوشات باهظة التكلفة بالنسبة لقوة المتمردين المتشرذمة وكثير منهم شبان من مناطق ريفية فقيرة استدانوا الاموال والأسلحة من متعاطفين في الخارج. ويقول المتمردون ان سعر البنادق والذخيرة المهربة من لبنان والعراق المجاورين زاد بشكل كبير. ويمكن ان يصل سعر البندقية من طراز ايه كيه-47 روسية الصنع الى 2000 دولار وزاد سعر الرصاصة الواحدة عن اربع دولارات - وهو عدة امثال السعر العادي في الأسواق المفتوحة. وفي الولاياتالمتحدة تتكلف نفس البندقية 400 دولار والرصاصة حوالي 30 سنتا.
وقال معارض متمرد اخر من ادلب اطلق على نفسه اسم مصطفى "شراء المواد الكيميائية الموجودة في متاجر البقالة أو حتى تهريب معدات أقل تكلفة من الحصول على أسلحة ويمكننا أن نفعل المزيد بها بمجرد تحسين مهاراتنا". واضاف "لدينا الكثير من الاشخاص الذين يكرسون وقتهم لهذا".
وربما تكون بعض من هذه المهارات المتعلقة بالتفجيرات قد استوحيت من المقاتلين الذين شاركوا في التمرد السني في العراق المجاور ضد قوات الاحتلال الامريكية. ووجود متشددين من الاغلبية السنية السورية يمثل احد دواعي القلق بين من يخشون اندلاع حرب أهلية طائفية مماثلة لتلك التي دمرت العراق على مدى العقد المنصرم. وتشعر الاغلبية السنية السورية بالاضطهاد من جانب الأسد وطائفته العلوية الذين يهيمنون على الحكم.
وقال المحلل جوزيف هوليداي من معهد دراسة الحرب ومقره الولاياتالمتحدة "ليس هناك شك في أن الكثير من السوريين قاتلوا مع عناصر تنظيم القاعدة في العراق ومن المرجح أن العديد من المتمردين اليوم تعلموا المهارات الخاصة بالتفجيرات من القتال هناك".
وطغت التفجيرات في المدن السورية التي تستهدف مكاتب الامن وغيرها من رموز دولة الاسد مثل البنك المركزي على الهجمات المسلحة على القوافل العسكرية المتنقلة في المناطق الريفية في الأسابيع القلائل الماضية.
لكن هوليداي قال انه لا يزال من غير الممكن استبعاد قيام الحكومة بتدبير على الاقل بعض من تلك الهجمات ولا سيما تلك التي اعقبها بث لقطات على شاشة التلفزيون الحكومي لمدنيين مخضبين بالدماء ينددون بالمتمردين ويصفونهم بأنهم إرهابيون.
وقال هوليداي "عندما يتحدث المتمردون عن صنع قنابل الآن فان معظمهم يشيرون على الأرجح إلى استخدامهم لهذه المتفجرات ضد أهداف عسكرية أو قوافل الجيش.. أعتقد أن هذا مختلف عن استهداف البنية التحتية في المدن".