ينصحنى كثير من المؤيدين للتيار الأصولى السياسى أن أتق الله، لأن المادة 28، لم تكن من المواد المطروحة فى التصويت على التعديلات الدستورية التى حشدوا الناس ليقولوا لها «نعم» باسم الدين، وأنها ضمن الإعلان الدستورى الذى فرضه المجلس العسكرى على الجميع، واضطروا لقبوله حتى لا تحدث فتنة. والحقيقة أنى بدورى أنصح الجميع «أن يقرأ» ليس صعبا أن تعود عبر محركات البحث إلى نصوص المواد التسعة التى تم استفتاء الشعب عليها، صحيح ليس فيها مادة اسمها 28 لأنها 9 مواد فقط، لكن بعد صياغة الإعلان الدستورى وإعادة ترتيب مواده حلت المادة «76» التى صوتم عليها بنعم فى الترتيب رقم 28 فى الاستفتاء.
ليس مهما إذا الأرقام، لكن المهم أنك ذهبت لصناديق الاستفتاء وقلت نعم لمادة تنص على: «يشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وألا يكون قد حمل أو أى من والديه جنسية دولة أخرى وألا يكون متزوجا من غير مصرية وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية».
كما قلت نعم أيضا على مادة تقول: «تشكل اللجنة الرئاسية من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء».
لا أدرى لماذا الإصرار على التلاعب بالألفاظ لتشتيت الناس والزعم أن الإعلان الدستورى غير الاستفتاء والمواد الملغمة لم تكن فى التعديلات الدستورية، هل تعتقد أن الناس بلا ذاكرة، أو أنه من الصعب الوصول إلى المواد التى صوتت عليها؟
تلك إذن نصوص واضحة، أنت من وافقت على حرمان من تجنس والداه أو أحدهما بجنسية أجنبية من الترشح للرئاسة وليست لجنة الانتخابات ولا رئيسها فاروق سلطان، وهذه اللجنة تنفذ إرادتك وإرادة الأغلبية التى طالما زهوت بها وجلدت الآخرين وكفرتهم، أنت أيضا من أنتخبت فاروق سلطان ومن معه من قضاة فى أماكنهم، أنت قلت «نعم» لتولى هؤلاء بحكم وظائفهم مواقعهم فى اللجنة، هؤلاء إذن قضاة منتخبون بإرادة شعبية حرة عبر صناديق استفتاء نزيهة، وتشكيك فيهم الآن يعنى أنك انتهازى لا تحترم شيئا إلا إذا كان فى مصلحتك، وإذا جافى هذه المصالح تشكك وتخون، أنت أيضا من وافقت على أن تكون قرارات هذه اللجنة نافذة وغير قابلة للطعن وقلت نعم لذلك، فلماذا تهدد وتتوعد الآن لأن هذا الحبل التف على رقبتك.
لا تصدق إذن من يحاول أن يدخلك فى جدل بيزنطى عن الإعلان الدستورى والفارق بينه وبين التعديلات، كل المواد التى حزمت العملية السياسية وأممتها واحتكرتها سواء جنسية المرشحين وأهلهم أو تحصين قرارات اللجنة واختيار أعضائها هى مواد مستفتى عليها، والذين قالوا لها «نعم» حشدوا الناس لينصروا شرع الله بتأييدها، واليوم تنفذ لجنة الانتخابات وظيفتها التى حددتها لها الأغلبية، فتجد من يطالب بمكافحة اللجنة أيضا انتصارا لشرع الله، بالأمس كان التصويت بنعم من أجل الدين.. واليوم صار رفض ذلك من أجل الدين أيضا.. وغدا ستجد تناقضا ثالثا باسم الدين كذلك.. كم من الجرائم ترتكب باسم شرع الله حين يقوم عليه قوم لا يقرأون ولا يتقون..!