سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
(النهضة) كما يراها الشاطر: هل هى دولة قطاع خاص؟ مسئول فى «مشروع النهضة»: الدولة لا تحتمل المزيد من الأعباء.. والقطاع الخاص هو «المحرك الرئيسى» لنهضة مصر
يظل الشعار الأول والوحيد حتى اللحظة الذى أطلقته آلة الدعاية الانتخابية القوية للإخوان المسلمين لخيرت الشاطر أنه «مهندس النهضة»، ولأن حملة الترويج له عبر مواقع التواصل الاجتماعى لم تخرج عن إطار مشاريعه «للنهضة»، فلا بد من الاستنتاج أن تلك الكلمة تلخص خطابه الانتخابى لكسب أصوات الناخبين. تحضر كلمة «النهضة» بقوة فى الخطاب الإسلامى المعاصر. ورغم تكرارها وانتشارها فى أدبيات الإسلام السياسى والدعوى، فإنها لم تحظ باهتمام يذكر، لا من الباحثين أو من يدعون لها. كذلك لا يوجد إجماع على المقصود بها تحديدا. ولكنها ظلت أحد تطلعات أنصار المشروع الإسلامى، الذين ظلوا ينتظرون تغيير الواقع السياسى لتحقيقها. وهو ما حدث فى ثورة 25 يناير، عندما تحول واقع جماعة الإخوان المسلمين من «المحظورة» إلى الأغلبية البرلمانية بعد أن تأسس حزب «الحرية والعدالة»، وخوضهم سباق الانتخابات الرئاسية.
مع استقرار وضع الإخوان كأكبر قوة سياسية منظمة فى مصر بعد الثورة، تشكلت مجموعة عمل فى إطار حزب الحرية والعدالة لبلورة مشروع قديم باسم «النهضة»، بهدف وضع رؤية وخطة عمل اقتصادية وسياسية راهن الإخوان، أو بالأحرى الشاطر، على تطبيقها عند إعادة تشكيل حكومة جديدة، التى لم يسمح العسكر بها.
يقول جهاد الحداد عضو لجنة تسيير أعمال مشروع النهضة بحزب الحرية والعدالة إن إطار العمل الذى كان يتحرك فيه هو ومن معه، تغير بعد قرار ترشح الشاطر، وسيدخل المشروع فى برنامجه الانتخابى الذى سيعلن عن تفاصيله عند اكتماله.
تمكين القطاع الخاص
وكان الحداد سافر إلى لندن ضمن وفد صغير من أعضاء الحرية والعدالة نهاية مارس بدعوى من معهد «تشاتم هاوس» البريطانى (المعهد الملكى للشئون الدولية) وحسب التسجيل الصوتى للندوة الموجود على موقع «تشاتم هاوس» فإن مشروع النهضة يقوم بالأساس، حسب الحداد، على «تمكين» القطاع الخاص والمجتمع المدنى لتشكيل ركائز الدولة المصرية، التى «تضخمت وتوسعت» بدرجة جعلتها «غير قادرة على العمل» وتحولت إلى «عبء» على المصريين. لذلك، فإن رؤيتهم تقوم على الحد من هذا التخضم. بمعنى آخر، تقليص دور الدولة مقابل تعظيم القطاع الخاص. فى كلمته، قال الحداد (و هو من عائلة إخوانية والده عصام الحداد عضو مكتب الإرشاد ورجل أعمال ثرى أقام فى إنجلترا لفترات طويلة ودرس فيها) إن مشروع النهضة يطرح خطة زمنية لمصر تنقسم إلى أربع مراحل. الاولى مرحلة ال100 يوم لحكومة «تعبر عن الشعب» وليست الحالية والتى ستطرح مشاريع وتقوم بنشاطات «ستؤثر على حياة الناس واحتياجاتهم اليومية»، تليها مرحلة «إطفاء الحرائق» التى ستستغرق ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام والتى يعتقد الحداد أنها ستكون مضطربة وستشهد بروز ذيول نظام مبارك. وهى مرحلة «إدارة أزمات» قال إنها تتطلب «أداء حذرا» حفاظا على «تماسك المجتمع من الانهيار».
وصف الحداد المرحلة الثالثة ب«إعادة البناء والصيانة» ستبدأ خلالها البنية التحتية فى الانهيار. «نعتقد أنه سيحدث نمو كبير فى الاستثمارات وربما توزيع ديموغرافى للسكان فى أماكن جديدة فى حوض النيل» ويبدو أنه كان يشير إلى دراسة روجت لها صفحة الشاطر الانتخابية الخميس على موقع «فيس بوك»، لإنشاء مصانع على طول خط قناة السويس لتتسوق منها السفن العابرة. وتحدد الدراسة عدد المصانع التى يمكن استيعابها هناك ب2540، توفر 6 ملايين فرصة عمل. وحسب صفحته الانتخابية، قام الشاطر بعرض هذه الدراسة على دول مثل تركيا وماليزيا التى تبرعت للمساهمه بمبلغ 20 مليار دولار لبناء المصانع وعمل الخطة.
ويعتقد الحداد أن المرحلة الأخيرة ستشهد «نموا» فى السوق وصعودا لوضع مصر فى المجتمع الدولى.
فى نهاية كلمته، أعاد الحداد الإلحاح على دور القطاع الخاص، الذى قال صراحة إن رؤيتهم منحازة إلى فكرة الاعتماد على ذلك القطاع ليكون «المحرك الرئيسى لنهضة مصر»، وقال إن القاعدة لديهم هى: إذا كان القطاع الخاص يستطيع أن يقدم خدمة بتكلفة اقل وبجودة افضل، فإنها ستسند إليه لأن «الدولة لا تريد تحمل المزيد من الاعباء».
هذه هى الرؤية المعلنة الاكثر وضوحا حتى الآن لمشروع النهضة، مقارنة بما يقوله الشاطر نفسه خلال تسجيل مصور على موقعه الالكترونى بتاريخ ديسمبر الماضى، تحدث فيه عن وجوب اقامة نظام سياسى «قوى ومستقر» كشرط لبناء «النهضة الشاملة». ويتحدث الشاطر فى التسجيل البالغ 18 دقيقة عن أهمية الانتقال من الاقتصاد «الريعى» إلى الإنتاج الزراعى والصناعى «حقيقى» لتحقيق «تراكم اقتصادى واضح». ويكرر، كما جاء فى كلام الحداد منذ ايام، الالحاح على دور قوى للقطاع الخاص، مواز لدور الدولة.
مشروع النهضة الأصلى
سيرتبط مصطلح مشروع النهضة فى الفترة المقبلة بما سيطرحه الشاطر خلال حملته الانتخابية، إلا أن أصل الفكرة يختلف عن المتداول حاليا. يعود «مشروع النهضة» لعام 2003 عندما اتفق عدد من الشخصيات من داخل الجماعة وخارجها (مثل حامد عبدالماجد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والذى كان يرأس القسم السياسى للإخوان، قبل أن يتركه بعد ذلك بسب صدامه مع قيادات الجماعة التى لم تتفاهم معه. وانتقل بعد ذلك للعمل فى بريطانيا ليدرس بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. وأيمن طلبة، مفكر ورجل أعمال إخوانى سابق، وأستاذ العلوم السياسية حسين القزاز والمستشار السياسى للحرية والعدالة حاليا) على أهمية إيجاد محتوى لهذا المشروع، وهو الشىء الذى تحمس له الشاطر الذى كان يستضيف اجتماعات المجموعة التى كانت تعمل فى المشروع بمكتبه فى حى مدينة نصر. وحسب أحد المشاركين فى المشروع الذى تحدث ل«الشروق» بشرط عدم ذكر اسمه، ينقسم مشروع النهضة إلى خمس مستويات: التأصيل المعرفى والذى كان يراجعه المفكر الراحل عبدالوهاب المسيرى رغم أنه لم يكن داخل المشروع، دراسات حضارية عن كيفية قيام النهضة فى الأمم، مركز دراسات مصر لتوفير بيانات ومعلومات عن البلد وتحليلها، مركز تدريب كوادر لخدمة المشروع (من عمال وسياسيين وطلبة وآخرين) وشبكة شخصيات نافذة من قطاع الصناعة.
وظلت المجموعة التى ضمت نحو 15شخصا تعمل منذ 2003 بشكل منتظم وتجتمع فى مكتب الشاطر الذى كان يأخذ احتياطات أمنية شديدة لمنع تنصت أجهزة الأمن عليهم وتمويههم، حتى القبض عليه عام 2006. وبعد سجنه توقفت المجموعة عن الاجتماع فى مصر، وكانوا يلتقون كل شهرين فى دول بالخليج.
تغير كل شىء، بالطبع بعد الثورة ولكن رغم خروج الشاطر من السجن فى مارس الماضى، لم تعد الاجتماعات إلى مكتبه بمدينة نصر. ورغم سعى الشاطر الحصول على محتوى مشروع النهضة فى ديسمبر الماضى، ظلت المادة وهى آلاف الصفحات الغنية بالدراسات والتحليلات مع أصحابها الذين يقولون إنهم يفضلون عدم حصر المشروع فى إطار التنظيم «لأن الهدف هو خدمة الوطن» وليس الجماعة.