هو مثل نبي الله يوسف الذى خرج من السجن لينقذ مصر من السنوات العجاف .. وهو طلعت حرب باشا الذى خرج من القبر من أجل نهضة مصر .. وهو طيب أردوجان الذى استلهم النموذج التركى لإقامة مشروع إسلامى نهضوى مثالى .. وهو الفاروق خيرت الذى سيفرق الله به بين الحق وبين الباطل وهو رجل التنظيم الحقيقى وهو التاجر المليونير الذى أدار تجارته بالملايين من الزنزانة التى قضى بها 12 عاما .. هذه بعض أوصاف المهندس خيرت الشاطر والتى وردت فى الدعاية الإعلامية الواسعة النطاق التى يقوم بها حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين للترويج له فى معركة انتخابات الرئاسة .. الجماعة تروج للشاطر باعتباره الاقتصادى العبقرى الذى سيخرج مصر من كبوتها فهناك من يراه فى صورة رجب طيب أردوجان وهناك من يراه فى صورة مهاتير محمد وهناك من يراه فى ثياب دا سيلفا زعيم البرازيل الملهم وجميعهم أصحاب تجارب ومعجزات اقتصادية وتنموية أذهلت العالم .. لكن هل يستحق الشاطر كل هذه الأوصاف وهل فى مشواره التجارى وخبراته الاقتصادية ما يؤهله لتحقيق كل هذه الأحلام .. تعالوا نقترب فى السطور التالية من مشروع النهضة الذى تروج له الجماعة ودور خيرت الشاطر تحديدا فيه .. الشاطر وأحمد عز كانت التجربة الاقتصادية للمهندس خيرت الشاطر فى صراع دائم مع الجهاز الأمنى، كان أمن الدولة يتدخل بكافة الحيل لمنع التضخم المالى لثروته وكان النظام السابق يعتبر أنه كلما زاد ثراء الشاطر كلما وجد الإخوان تمويلا لنشاطهم لهذا كان يتعمد مصادرة وإغلاق شركاته ومشروعاته لقطع شريان التمويل عن الجماعة .. وفى هذه الظروف التى كان يواجه فيها الشاطر آلة أمنية جبارة كان نفس الجهاز والنظام السياسى بأكلمه يمنح القروض والفرص الذهبية لأحمد عز والذى بدأ مشواره الاقتصادى مع خيرت الشاطر لكن مع الفارق فالأول احتكر الحديد وتاجر فى الأسهم فبلغت ثروته نحو 40 مليار جنيه والثانى سعى لغرس الفكر التنموى والمشروعات الانتاجية فى قطاع المنسوجات والأدوية والحاسبات وغيرها فلم تزد ثروته عن 50 مليون جنيه حسب تقديرات الكثير من الاقتصاديين.. لكن مع هذا يعد المهندس خيرت الشاطر صاحب تجربة إقتصادية جديرة بالدراسة فالرجل رغم حصار أمن الدولة لنشاطه الاقتصادى قد بدأ نشاطه الاقتصادى الحقيقى فى مطلع التسعينيات على وجه التقريب وكان قد ورث عن أبيه ثروة معقولة دفعته للأمام حيث سافر إلى الخليج وبعض الدول الأوروبية ليعود فى بداية التسعينيات محملا بالأحلام وبدأ الشاطر نشاط البزنس بشركة سلسبيل للبرمجيات والحاسبات بمساهمة حسن مالك والتى اعتقل بسببها وكانت التهمة جاهزة وهى غسيل أموال وتمويل منظمة محظورة .. ثم اتجه الشاطر لصناعة الملابس والأثاثات فافتتح مصنع إستقبال للأثاث كما حصل على توكيل محلات زارا الإسبانية العالمية واستانف نشاطه فى مجال الأدوية فأسس عدة شركات منها حياة للأدوية والأنوار للأدوات الكهربائية كما ساهم بأمواله فى عشرات الشركات والمشروعات الصغيرة كما ساهم فى بنك المهندس .. لكن الشاطر رغم كل ذلك لم يستطع تحدى الآلة الأمنية الباطشة فلم يتحول إلى إمبراطور كبقية رجال الأعمال الذين استفادوا وتربحوا فى عهد مبارك وإنما ظل حجمه صغيرا ولم يكن مسموحا لنشاطه بأن يتجاوز الخطوط الحمراء وكان الهدف وراء ذلك قطع الإمدادات عن الجماعة التى يساهم فى المشاركة فى تمويلها.. فلسفة مشروع النهضة يعتبر خيرت الشاطر مثلا تحتذى به لدى قيادات الإخوان .. مكافح ورجل اقتصاد من الطراز الأول فى وجهة نظرهم لهذا أوكلوا إليه مسئولية تصميم مشروع النهضة من أجل أن يقدمه الإخوان كهدية للشعب فى ظل حكمهم .. هذا ويقوم مشروع النهضة الإخوانى على خطة تستمر 10 سنوات تتحقق النهضة خلالها عبر فلسفة اقتصادية تقوم على منح الفرصة للقطاع الخاص فى ظل رقابة وإشراف الدولة ثم تقوية القطاع العام وإصلاح وإيقاظ شركاته المتعثرة من كبوتها .. ويأخذ المشروع فى اعتباره تحسين جودة الحياة عن طريق توسيع مظلة الرعاية الصحية لتشمل الجميع ومنح إعانة بطالة للعاطلين وتشجيع المشروعات الصغيرة والتحول من الاقتصاد الريعى إلى الاقتصاد الإنتاجى والخدمى وإحلال المؤسسات المالية الإسلامية محل المؤسسات المالية الربوية تدريجيا وزراعة ثلاثة ملايين ونصف مليون فدان من خلال تبنى 5 مشروعات زراعية عملاقة فى سيناء والوادى الجديد ومنخفض القطارة وشمال الصحراء الغربية والبحر الأحمر وبحيرة ناصر، واحترام الملكية الخاصة ومحو الأمية بشكل كامل خلال 10 سنوات وضمان عدم التسرب من التعليم وإصلاح وهيكلة المناهج وتفعيل الزكاة والصدقات والوقف وتحسين أوضاع الفلاحين والعمال ورعاية ذوى الاحتياجات الخاصة وتحسين دخول أصحاب المعاشات. ويأمل الإخوان تحقيق هذا المشروع إذا ما تولى الشاطر منصب رئاسة الجمهورية أو رئيس الوزراء أيهما أقرب ولأن الإخوان أصحاب مشروع لهذا فهم لن يتنازلوا مطلقا عن الوصول لرأس السلطة فى مصر . أردوجان.. مهاتير.. دا سيلفا .. الشاطر طيلة الأشهر الماضية قامت جماعة الإخوان وذراعها السياسى حزب الحرية والعدالة بجولات عديدة للكثير من الدول وأرسلت مبعوثين لدراسة التجارب التنموية الناجحة فى إفريقيا وآسيا .. والشاطر نفسه زار تركيا مؤخرا والتقى عددا من الخبراء ورجال الأعمال بها للوقوف على مقدمات التقدم فى هذه الدول .. وقد تواصل الإخوان مع الحكومة السنغافورية والتى نجحت فى تحقيق طفرات هائلة فى الإدارة الحكومية والقطاعين الصحى والتعليمى كما تواصل الإخوان مع دولة ألمانيا للوقوف على تجربتها الرائدة فى الصناعة والتكنولوجيا الحديثة كما تم التواصل مع دول أخرى نجحت فى إقامة نظام حزبى مستقر.. لهذا يسعى الإخوان للتعرف على هذه التجارب والاستفادة منها بحيث تتكرر تجربة مهاتير محمد أو أردوجان أو دا سيلفا فى مصر .. لكن هناك فارق كبير فى طريقة التفكير والمناخ السياسى والاجتماعى والموارد وربما القدرات أيضا بين مهاتير وأرودوجان ودا سيلفا من ناحية وبين الشاطر من ناحية أخرى كما أن هؤلاء الثلاثة لم يضعوا العربة أمام الحصان ولم يعلنوا مطلقا فى بدايات حكمهم أنهم المهديون المنتظرون الذين سيخرجون الناس من الظلمات إلى النور او انهم مهندسو النهضة كما أن الثلاثة جاءوا باقتناع واكتساح شعبى بحكم تاريخهم النضالى .. فلقد استطاع مهاتير محمد أن ينتقل بدولة ماليزيا من دولة زراعية فقيرة إلى دولة صناعية كبرى وساهمت سياسته الاقتصادية على مدى 22 سنة فى خفض معدل الفقر إلى 5% فقط بعد أن كان أكثر من نصف الشعب الماليزى يرزح تحت وطأة الجوع والمعاناة الشديدة كما ساهم فى إنقاص معدل البطالة إلى 3% .. كان الدكتور مهاتير سياسيا ومفكرا من طراز رفيع كان صاحب مشروع اعتمد بالدرجة الأولى على الإخلاص والانضباط الشديد فى العمل .. أما رجب طيب أردوجان فقد استطاع بحزبه العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا منذ عام 2003 أن يصنع معجزة إقتصادية بكل المقاييس .. تركيا المفلسة التى ظلت تعانى لعقود طويلة منذ نهاية الخلافة من أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة تحولت بفضل أردوجان إلى الدولة صاحبة المركز ال 16 إقتصاديا على المستوى العالمى وارتفع متوسط دخل الفرد من 3 آلاف دولار فى العام إلى 10 آلاف دولار وارتفع حجم الصادارت من 33 مليار دولار إلى 130 مليار. أما لولا دا سيلفا رئيس البرازيل فكان صاحب تجربة درامية مثيرة فقد تولى حكم البرازيل بين عامى 2002 و 2010 وبفضل سياسته الاشتراكية تحولت البرازيل من دولة مفلسة إلى صاحبة ثامن أقوى اقتصاد عالميا وسددت البرازيل ديونها خلال ثلاث سنوات واتبع دا سيلفا سياسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كان دا سليفا معروفا بفقره الشديد ولكنه كان رئيسا أمينا ويحظى الآن باحترام عالمي كبير. فهل سيحقق الشاطر فى حال فوزه النبؤة المنتظرة وهل يستحق كل هذه الدعاية التى بلغت أصداءها جميع أنحاء العالم ..حيث وصفته وول إستريت جرنال أول أمس بالداهية الاقتصادية الذى يستطيع إنشاء الأعمال التجارية الناجحة .. وهل نجاح مشروعاته الخاصة يعنى بالضرورة نجاحه فى النهوض بدولة منهارة اقتصاديا ..؟! هذا ما ستكشف عنه التجربة .. طبعاً إذا ما أتيحت له الفرصة أصلاً ! خيرت الشاطر خيرت الشاطر خيرت الشاطر