شيعت مصر ،أمس، البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية،إلى مثواه الأخير فى دير الأنبا بيشوى، فى وادى النطرون، فى أعقاب الانتهاء من مراسم الصلاة والجنازة، والتى جرت وقائعها فى الكاتدرائية المرقسية فى العباسية. امتلأت الكاتدرائية عن آخرها بآلاف الضيوف والأقباط قبل بدء مراسم التشييع، قبل أن تبدأ الصلوات والألحان الكنسية طيلة ليلة أمس الأول بجوار الجثمان المسجى امام هيكل الكاتدرائية.
وأقام المجمع المقدس قداسا خاصا اقتصر على الأساقفة فقط فى ساعة مبكرة من صباح أمس، (لراحة نفس الراحل). ورأس الصلاة الأنبا باخوميوس، كبير الأساقفة سنا، لتبدأ الطقوس بالقداس الجنائزى فى الكاتدرائية على جثمان البابا الراحل.
وسادت حالة من البكاء الهستيرى والحزن الشديد بين آلاف الأقباط الذين توافدوا من مختلف أنحاء الجمهورية على مقر الكاتدرائية، وسط تشديدات أمنية غير مسبوقة من قبل عناصر وتشكيلات الجيش وقوات الأمن المركزى.
وحضر جنازة البابا حشد من الشخصيات العامة وكبار رجال الدولة وعدد من نواب مجلسى الشعب والشورى بالإضافة إلى أعضاء بالحكومة، وشخصيات دينية إسلامية وعدد من الرموز القبطية الدولية.
وحضر منذ الصباح الباكر المرشحون المحتملون لرئاسة الجمهورية، عبدالمنعم أبوالفتوح، وحمدين صباحى، وعمرو موسى، وأحمد شفيق بالإضافة إلى رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتنى، ورئيس مجلس الشورى أحمد فهمى، ورئيس الحكومة كمال الجنزورى ،ورئيس الحكومة السابق عصام شرف، والسيد البدوى رئيس حزب الوفد، ورئيس حزب المصرى الديمقراطى محمد أبو الغار، والنواب عمرو حمزاوى وأمين إسكندر، وزياد العليمى، وعدد من الوزراء السابقين والحاليين، وعدد من رموز الحركات الشبابية القبطية على رأسها اتحاد شباب ماسبيرو.
كما شارك فى مراسم تشييع الجنازة ممثلون عن جميع كنائس مصر والعالم علاوة على سفراء دول العالم على رأسهم السفيرة الأمريكية والسفير البريطانى وسفير الاتحاد الأوروبى، ونائب رئيس دولة المجر، والسفير السعودى.
ورفع الآلاف من الأقباط داخل ساحة الكاتدرائية صورا ولافتات ضخمة للبابا مكتوبا عليها: «السماء فرحانة بلقائك.. والأقباط حزانة لفراقك.. الأرض صرخت وبكت والسماء تهللت وفرحت»، «وداعا: أسد المرقسية».
وانتشرت منذ الساعات الأولى من صباح أمس، فرق الأمن المركزى وعناصر أجهزة الأمن الوطنى التابعة لوزارة الداخلية، بالإضافة إلى تشكيلات الشرطة العسكرية والمظلات التابعين للجيش.
وتلا الصلوات على جثمان البابا شنودة أكثر 110 من أساقفة الكنيسة أعضاء المجمع المقدس من داخل وخارج مصر إلى جانب حوالى 500 قسيس ووفود أجنبية من كنائس أثيوبيا وسوريا ولبنان والفاتيكان واليونان وألف مرتل وشماس.
وتبادل الأساقفة قراءة مقاطع من الكتاب المقدس وتأملات دينية فى الموت من أقوال آباء الكنيسة الأولين حسب طقس الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية.
وتليت رسالة وأقوال كتبها البابا شنودة قبل رحيله خلال مراسم تشييع جثمانه تلاها أحد أعضاء المجمع المقدس.
ودعا البابا شنودة فى رسالته أبناءه الأقباط إلى التمسك بالمحبة والصلاة وحفظ وصايا وتعاليم الإنجيل المقدس، متمنيا أن يعطى الله للكنيسة الراعى الصالح، طالبا له المغفرة من الله ومن شعبه عن أى خطأ أو زلل.
وقد أحاط كبار الأساقفة بتابوت البابا شنودة المفتوح حسب طقس الكنيسة الأرثوذوكسية «ليزفوه إلى السماء».
قال الأنبا باخوميوس قائم مقام بطريرك الإسكندرية: «الكنيسة القبطية تودع البابا على رجاء القيامة»، مضيفا: «إننا تربينا على يديه منذ نصف قرن ونعتز بأبوته.. فقد قاد الكنيسة كربان ماهر حكيم، وحفظ الكنيسة وتعاليمها، وقاد حركة التجديد بنشر تعاليم الارثوذوكسية وقاد حركة التكريس وقام بعمل رعوى قوى بفعل الروح القدس الذى باركه».
وقال فى كلمة الكنيسة: «لن ننسى ما فعل البابا على مدى الدهر.. ونعجز عن وصف قيادة البابا التى أثرت فى العالم، فقد كان يؤمن بصدق الوحدة الوطنية واهتم بالحوار والانفتاح على كل الكنائس بفضل قيادته الحكيمة».
وأضاف: «إن عصر البابا شنودة أكبر عصر للاهتمام بالشباب، ومهما قلنا فإن الكلمات لا تعبر عن هذا المحبوب، ونصلى أن يشفع فينا ونودعه على رجاء القيامة».
وفى المرحلة الأخيرة من طقوس قداس جنازة البابا شنودة، تمت تغطية التابوت الذى يرقد فيه الجثمان والذى كان مكشوفا منذ بدأ القداس.
ووفقا للتقاليد المسيحية حمل العديد من أعضاء المجمع المقدس والقساوسة والرهبان والأساقفة التابوت، وداروا به ثلاث مرات حول الهيكل، وثلاث مرات حول الكاتدرائية، قبل البدء فى عملية نقل الجثمان إلى مطار ألماظة، حيث نقلته طائرة عسكرية إلى مرقده الأخير فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون.
ووجه الأنبا بيشوى، سكرتير المجمع المقدس، كلمة شكر إلى قيادات الدولة وضيوف مصر الذين حضروا مراسم تشييع البابا شنودة، والذين قدموا العزاء فى الأيام الماضية. ووجه الشكر للحضور السابق للمشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة طنطاوى، والفريق سامى عنان، نائب رئيس المجلس ،رئيس أركان حرب القوات المسلحة، والدكتور كمال الجنزورى والدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر.
كما وجه الشكر أيضا إلى مندوب ملك الأردن، وممثل الرئيس اللبنانى، ورئيسى مجلس النواب والحكومة، وسفراء الاتحاد الاوروبى وأمريكا والسعودية واليونان وروسيا والإمارات وفرنسا والفاتيكان.
وفى وادى النطرون، توافد الآلاف من الأقباط على دير الأنبا بيشوى. واعتلى المشيعون الأشجار وأسطح المبانى امام الدير منذ صباح أمس، ما اضطر المسئولين عن الدير إلى فتح الباب الخلفى (الأثرى) للدير حتى 11 صباحا نتيجة التدافع.
وبدأ الكهنة فى ساعة مبكرة طقوس الدفن، وإعداد المقبرة والاستعداد لمراسم الاستقبال، حيث يحمل الآباء الكهنة ( 24 قسيسا) المجامر فى انتظار وصول البابا الراحل.
وشهدت مراسم الدفن حالات إغماء نتيجة التزاحم والتدافع، بسبب منع دخول الجميع عدا الصحفيين والكهنة والرهبان والأسر المقربين منهم، وتم قرع الأجراس حتى وصول جثمان البابا تعبيرا عن الحداد.
وذكر احد الرهبان أن الدير سيظل مفتوحا لمدة 24 ساعة على عام ليستقبل شعب الأقباط وطالبى البركة.
وشهدت مراسم الدفن إجراءات أمنية مشددة أشرفت عليها القوات المسلحة، حيث انتشرت عناصر الشرطة العسكرية على طول الطريق المؤدى إلى وادى النطرون وأمنت البوابات الداخلية للكنيسة ،وخصصت 3 طائرات عسكرية لنقل الجثمان ومشيعيه.
شارك في التغطية: محمد عنتر وأحمد عويس وأحمد البهنساوى وعصام عامر و(أ. ش. أ)